دعا السيد عبد الوهاب دربال رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، الأحزاب السياسية إلى التعاون من أجل توفير الرقابة في الانتخابات المحلية المقبلة وباقي الاستحقاقات القادمة، لضمان شفافيتها ونزاهتها تحقيقا للمصداقية، مشيرا إلى أن نسبة توفر الرقابة في التشريعيات السابقة لم تتعدّ 29 بالمائة بسبب غياب مراقبي عدة أحزاب بمكاتب الاقتراع بكل ولايات الوطن وحتى بالعاصمة. شدد السيد دربال على ضرورة العمل من أجل تكريس الرقابة في المواعيد الانتخابية؛ كونها واجبا دستوريا ومقياسا أساسيا تقاس به نزاهة الانتخابات ومصداقية نتائجها. وذكّر السيد دربال خلال اللقاء الذي جمعه بالأحزاب السياسية أمس بزرالدة بالجزائر لتبادل وجهات النظر حول مراقبة الانتخابات المحلية المزمع تنظيمها في 23 نوفمبر القادم، بأن كل التشكيلات السياسية تعاني من مشكل غياب مراقبين تابعين لها، يسهرون على مراقبة عملية التصويت بكل مكاتب الاقتراع؛ لما تتطلبه العملية من إمكانيات بشرية ومادية تقع على عاتق الأحزاب. وهو السياق الذي أشار من خلاله رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، إلى أن الإحصائيات التي قامت بها هيئته خلال تشريعيات ماي الماضي، أثبتت أن عدد المراقبين التابعين للأحزاب بمكاتب ومراكز الاقتراع، لم تتجاوز 29 بالمائة، مؤكدا أن هيئته لاحظت غياب مراقبين عن كل مناطق الوطن بما فيها العاصمة، ناهيك عن المناطق النائية والمعزولة. وطالب المتحدث الأحزاب السياسية بالتجند كشركاء وحلفاء في العملية الانتخابية، لإزاحة هذا المشكل وترقية الرقابة، التي تبقى عملية تقنية دقيقة، وعملا نضاليا يبدأ مع دعوة الهيئة الناخبة من طرف رئيس الجمهورية إلى غاية الإعلان عن النتائج، ولا يقتصر على يوم الاقتراع فقط. وفي حديثه عن عملية تطهير القوائم الانتخابية التي تضم أسماء الهيئة الناخبة، صرح السيد دربال بأن تطهير هذه القوائم مستحيل بدون تنظيف وثائق الحالة المدنية التي لاتزال تتضمن أخطاء في كتابة الأسماء الموروثة منذ العهد الاستعماري وإحصائيات السكان، والتي تبقى أمرا معقدا، تترتب عنه خلفيات لها علاقة بالممتلكات والنسب. وفي موضوع آخر تعلق بقانون الانتخابات جدد السيد دربال موقفه المطالب بإعادة النظر في هذا التشريع، داعيا الأحزاب السياسية إلى التقدم بالاقتراحات التي تراها مناسبة لإثراء هذه الوثيقة ومراجعتها؛ قصد استدراك النقائص الموجودة في القانون الحالي المعدل في سنة 2012 بما يخدم العملية الانتخابية ويضمن مصداقيتها ونزاهتها. وهو الموضوع الذي أثار اهتمام كل الأحزاب التي حضرت اللقاء، والتي طالبت بضرورة إعادة النظر في هذا القانون الذي وصفته ب «قانون حظر الأحزاب السياسية الصغرى»، حيث صبت جل تدخلات هذه الأحزاب حول ضرورة إعادة النظر في المادة 73 من القانون، التي تنص على ضرورة حصول الأحزاب على نسبة 4 بالمائة في الانتخابات السابقة حتى تتمكن من المشاركة في المواعيد اللاحقة، وإلا ستكون مطالَبة بجمع توقيعات لقبول قوائمها الانتخابية بكل بلدية. وأضاف بعض رؤساء وممثلي الأحزاب أن «هذه المادة تبقى عائقا أمام الديمقراطية، ومشكلا كبيرا يواجهها بسبب رفض المواطنين التوقيع لها نتيجة عدم اهتمام الشعب بالسياسة وفقدانه الثقة في الانتخابات». واعتبر بعض رؤساء الأحزاب أن عملية جمع التوقيعات كرّست فسادا سياسيا؛ حيث أصبحت الأحزاب تدفع مبالغ مالية للمواطنين مقابل هذه التوقيعات. كما رأت بعض الأحزاب أنه بات من الضروري إعادة النظر في القانون المتعلق بتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة بمحنها حصة 30 بالمائة في القوائم الانتخابية، مبررين ذلك بالذهنيات الجزائرية في بعض المناطق النائية والمحافظة، التي تجد فيها الأحزاب صعوبة لعدم قبول النساء للترشح، الأمر الذي يجعل قوائم هذه الأحزاب تقابَل بالرفض من قبل الإدارة؛ لعدم تخصيص حصة للنساء، كما قال السيد عمر بوعشة رئيس حركة الانفتاح. ودائما فيما يتعلق بهذا القانون اقترح السيد بلقاسم ساحلي الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري، اشتراط مستوى دراسي معين للمترشحين لانتخابات المجالس المنتخبة، والتمكن من أداء الدور الموكل إليهم خاصة بالنسبة للمهمة التشريعية، وهي الفكرة التي أيدتها عدة أحزاب أعابت على بعض التشكيلات السياسية ملء قوائمها الانتخابية بنساء ليس لهن مستوى دراسي، وإيصالهن إلى مقاعد البرلمان في العهدة السابقة في المناطق التي لم تجد فيها مترشحات جامعيات، وذلك فقط حتى تقبل قوائمها، وفقا للقانون الذي يشترط منح المرأة حصة 30 بالمائة في القوائم. أما حزب العمال فتمحور تدخله حول ضرورة التوجه نحو إصلاحات سياسية حقيقية، تضمن نزاهة الانتخابات وتعيد للشعب الثقة في الممارسة السياسية للتقليل من نسبة المقاطعة، وضمان آليات وطنية للرقابة تسهر عليها الدولة الجزائرية، مشيرا إلى أن ضمان نزاهة الانتخابات ومصداقيتها مسؤولية الجزائر وحدها، ولا يمكن الاعتماد على الهيئات الأجنبية التي تأتي لملاحظة الانتخابات ومراقبتها.