لم تمنع دسترة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بموجب التعديل الدستوري للعام 2016 ، الطبقة السياسية من طرح إشكالية المراقبة واحتمال وقوع تزوير، التي تطرح مع تنظيم كل عملية انتخابية، وإذا كانت الهيئة بالنسبة للمعارضة اليوم ضمانة غير كافية، إلا أن المراقبة لا تقتصر عليها وإنما الأحزاب مخولة للقيام بالمراقبة من بدء الاقتراع، وإلى غاية تسليم محاضر الفرز، ضمانة لا تقل أهمية عن الآليات الأخرى. تختلف نظرة الطبقة السياسية إلى مقاربة المراقبة السياسية في الانتخابات عموما، وفي تصريح خص به ممثلو عدة أحزاب سياسية من الموالاة والمعارضة “الشعب”، تحدثوا عن أهمية مراقبة الأحزاب للانتخابات كضمانة لا غبار عليها للشفافية والنزاهة، لاسيما بعد ارتفاع أصوات تؤكد أن دسترة الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات ضمانة غير كافية، انتقاد لازم كل الآليات الرقابية التي بادرت بها الدولة، وطفا مجددا على السطح عشية الانتخابات التشريعية المقررة في الرابع ماي. مستشار الأمين العام ل “الأفلان” المكلف بالإعلام والاتصال قال مستشار الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني المكلف بالإعلام والاتصال موسى بن حمادي، في تصريح ل “الشعب” إن الحزب العتيد يبارك ميلاد الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات ودسترتها بموجب دستور العام 2016 ، وساندها وسيطبق ويمتثل لكل تعليماتها، منبها إلى أن بعض الأحزاب يطعنون في هيئات المراقبة مع تنظيم كل انتخابات، متسائلا إذا ما كانوا “يريدون الرجوع إلى التصرف القديم ممثلا في حضور المراقبين الأجانب، وكأننا قصر لا نستطيع مراقبة أنفسنا”. والرقابة تكون فعالة وفعلية أضاف يقول بن حمادي من قبل التشكيلات السياسية، وهذه الأخيرة مطالبة بالتواجد في كل مكاتب الاقتراع للحفاظ على أصواتها التي قد تحول في غياب المراقبين بعد إقناع الناخب من قبل أحزاب أخرى بمنحها صوته، من جهتها الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات ستعمل جاهدة على عدم وقوع التزوير من خلال السهر على عدم وقوع تجاوزات منها الاستعمال غير القانوني لوسائل الإعلام، والنشاط خارج أيام الحملة الانتخابية. الناطق الرسمي ل “الأرندي”: حضور الأحزاب في مكاتب الاقتراع وتسلم محضر الفرز في حينه أكبر ضمانة جدد الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي شهاب صديق، تثمين الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، مصنفا إياها في خانة “اللبنة الإضافية للعملية الانتخابية”، وأفاد في السياق “ سيكون لها وقع إيجابي على نزاهة وشفافية الاقتراع، مهما كان مردودها في البداية”، لافتا إلى أن الأحزاب السياسية لها حق مكفول قانونا يخول لها الحضور في مكاتب الاقتراع وعملية الفرز، وأكثر من ذلك تسلم محضر الفرز في حينه، وهو أكبر ضمان لمصداقية وشفافية ونزاهة الاقتراع. وأوضح شهاب صديق في السياق، “إذا كانت النتائج النهائية مخالفة لمحاضر الفرز، فإنه من حق الأحزاب الطعن أمام المجلس الدستوري”، وحرص على التأكيد بأن المراقبة موجودة في عدة مستويات منها الهيئة العليا، التي تراقب خارج الأطر السياسية والممثلة من القضاة والمجتمع المدني وهي دائمة أي عملها مستمر طيلة السنة، ما يمكنها من معالجة الثغرات والاختلالات المسجلة. وعلاوة على الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، يسجل مستوى آخر حسب ما أكد الناطق الرسمي ل “الأرندي”، ممثلا في المراقبة الحقيقية التي تقوم بها الأحزاب في مكاتب الاقتراع وأخذ محاضر الفرز في حينه، مصادق عليها من قبل المشرفين. نائب رئيس “حمس”: حضور ممثلي الأحزاب في اللجان الولائية ضرورة أكد نائب رئيس حركة مجتمع السلم ، والنائب بالمجلس الشعبي الوطني نعمان لعور في تصريح ل “الشعب”، أمس، أن مراقبة الأحزاب السياسية للعملية الانتخابية منصوص عليه في قانون الانتخابات، وينص على إمكانية حضور ممثلي الأحزاب في مكاتب الاقتراع ومتابعة الأخير إلى غاية الحصول على محاضر الفرز، لكن الإشكال المطروح في هذه الصيغة أضاف يقول لعور أنه من حق المراقب الحضور في مكاتب الاقتراع والمراكز والبلديات، لكن لا يسمح لهم بالحضور في اللجان الولائية التي تسلم النتائج النهائية، ويقتصر الحضور على مستوى اللجان البلدية التي تسلم محضر فرز أولية. والقانون وفق ما أوضح نائب رئيس “حمس”، ينص على حضور 5 ممثلين عن الأحزاب فقط بمكاتب الاقتراع، وبعملية حسابية إذا كان الحزب لديه 20 قائمة فإن ممثلي الحزب يحضرون في ربع المكاتب فقط، أي يغطون 75 بالمائة فقط، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى عملية القرعة لضمان تغطية أكبر قدر، حل تلجأ إليه الأحزاب التي لديها مشكل في توفير العدد الذي تحتاجه من المراقبين. وانتقد نعمان عدم حصول الأحزاب على محاضر فرز اللجان الولائية التي تتضمن النتائج النهائية، ما يجعل من المراقبة السياسية للعملية الانتخابية منقوصة، وبالإضافة إلى ذلك طرح ذات المتحدث إشكالية أخرى، تخص الهيئة الناخبة إذ تسلم للأحزاب قوائم غير قابلة للدراسة والاستغلال، وينبغي حسبه تسليم القوائم على المستوى الولاية بالتفصيل وعلى مستوى البلدية ثم المركز فمكتب الاقتراع ليدقق المراقب في الحضور الفعلي للناخبين. الناطق الرسمي لحزب العمال: الأحزاب لا تستطيع مراقبة العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها نبه العضو القيادي ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال بالمجلس الشعبي الوطني جلول جودي، إلى أن الأحزاب وإن كان بإمكانها مراقبة العملية الانتخابية من خلال تواجد ملاحظيها، إلا أنها لا تستطيع متابعتها منذ انطلاقها وإلى غاية انتهاء الاقتراع. وذهب العضو القيادي بحزب العمال إلى أبعد من ذلك بالإشارة إلى أن المحضر لما يحول إلى اللجنة الولائية بإمكانها التصرف في الكتلة الصامتة في إشارة إلى الذين امتنعوا عن التصويت، مع العلم أنه لا يمكن الطعن فيها، وهو ما يفسر اختلاف محاضر الفرز التي تكون بحوزة الأحزاب عن تلك الموجودة لدى الإدارة. وبرأي جلول جودي، فإن الأجدر هيئة يترأسها قاضي تكون الأحزاب السياسية ممثلة فيها، تتابع العملية الانتخابية من البداية وتحديدا من تطهير قوائم الهيئة الناخبة، وتكون حاضرة في مكاتب ومراكز الاقتراع وفي اللجان البلدية والولائية، وتوكل لها مهمة إعلان النتائج. وبخصوص الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، فإنها لا تستطيع ضمان النزاهة استطرد جودي ما دام أنها لا تتدخل في مسائل على غرار المال باعتبارها تندرج ضمن الضوابط، التي من المفروض أنها تقع ضمن صلاحياتها، كما أنها لا تستطيع التدخل في تطهير القوائم الانتخابية. أستاذ القانون الدستوري بوزيد لزهاري: الوزير الأول أصدر 11 مرسوما تنفيذيا في الجريدة الرسمية تحمل الكثير من الضمانات أكد أستاذ القانون الدستوري بوزيد لزهاري، في تصريح خص به “الشعب”، أن القانون يخول للأحزاب السياسية المراقبة، من خلال عدة آليات أهمها وضع القائمة الانتخابية تحت تصرفها على مستوى البلديات، ولفت في السياق إلى أن الوزير الأول أصدر ما لا يقل عن 11 مرسوما تنفيذيا مؤخرا في الجريدة الرسمية، لأحكام تخص القانون العضوي للانتخابات، التي تحمل الكثير من الضمانات. في سياق رده على استفسار يخص مراقبة الانتخابات التشريعية، المطروحة مجددا وبحدة من قبل الطبقة السياسية رغم دسترة الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، نبه إلى أن التشكيلات السياسية بإمكانها الطعن في حال تسجيل تجاوزات لدى القضاء، إذا ما لاحظت تسجيل أشخاص ليس لديهم الحق، أو في حال إغفال تدوين أسماء في السجل الانتخابي، وهي آلية مهمة للرقابة. وحضور 5 ممثلين عن الأحزاب بمركز الاقتراع آلية هامة لضمان نزاهة الاقتراع وفق ما أكد لزهاري لافتا إلى أنه لا يمكن أن يزيد العدد عن 5 نظرا للعدد الكبير للأحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات المقبلة، والأهم من ذلك تسلم محضر الفرز في حينه، مع تمكينها من تسجيل كل ملاحظاتها بخصوص العملية الانتخابية. كما أن الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات آلية هامة تضمنها دستور 2016 ، تقوم بمراقبة العملية الانتخابية منذ انطلاقها وتبدأ خلال المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، وفي السياق أشار أستاذ القانون الدستوري، إلى أن الوزير الأول أصدر 11 مرسوم تنفيذي تخص تطبيق أحكام قانون الانتخابات في الجريدة الرسمية، تحمل الكثير من الضمانات لضمان شفافية ونزاهة الاقتراع، من خلال إلزام الإدارة بالحياد ومنع استعمال وسائل الدولة لأغراض انتخابية، والتي تعرض صاحبها لعقوبات جزائية.