يشارك المدير العام للجمارك السيد قدور بن طاهر منذ أمس، في اجتماع رفيع المستوى حول تعزيز أمن الحدود، ينظمه المكتب الجهوي للأمم المتحدة لشمال إفريقيا والشرق الأوسط ضد المخدرات والجريمة، وهو اللقاء الذي يندرج في إطار التعاون الجهوي والتسيير المنسق لمراقبة الحدود بين البلدين. ويأتي الاجتماع الذي يدوم إلى غاية 5 أكتوبر الجاري، في سياق المشاريع الثلاثية بين الجزائر والمكتب الجهوي للأمم المتحدةوتونس، والمتعلق بتقوية قدرات مكافحة الاتجار غير المشروع والجريمة المنظمة العابرة للحدود المرتبطة بالجماعات الإرهابية. علاوة على مشاركته في أشغال هذا الاجتماع، تدخل زيارة المدير العام للجمارك إلى تونس في إطار أشغال لجنة التعاون الجمركي الجزائرية -التونسية، المتعلقة بإنشاء مركز حدودي مشترك على الحدود بين البلدين لتسهيل وتنسيق المراقبة حول حركة الأفراد والسلع وفق بيان للجمارك الجزائرية نقلته وكالة الأنباء الجزائرية. وتكتسي اجتماعات تعزيز أمن الحدود أهمية كبيرة على مستوى العلاقات البينية والجهوية بين الدول في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة والعلاقة المترابطة بينهما. كما توليها الجزائر اهتماما بالغا كونها محاطة بحزام ناري خطير، تولد عن ما سمي بأحداث "الربيع العربي" التي عرفتها بعض دول الجوار، وكانت إفرازاتها وخيمة على دول المنطقة، مثلما هو الشأن لمالي التي دخلت في حرب معقدة استدعت تدخل المجموعة الدولية لإيقاف نزيفها عبر وساطة أشرفت عليها الجزائر. وكانت العملية الإرهابية بتيقنتورين (إليزي) في جانفي 2013، والتي نجحت قوات الأمن في التصدي لها باحترافية وفي ظرف قياسي، بمثابة درس استخلصته بلادنا التي اقتنعت بضرورة إيلاء اهتمام أكبر لتحصين الحدود، بعدما تبين أن منفذي العملية المنحدرين من جنسيات متعددة تسللوا من خارج الوطن عبر الشريط الحدودي، وبحوزتهم أسلحة مهربة من المخزون الليبي إبان الحرب التي دارت رحاها بهذا البلد الشقيق. كما أن التصدي للمنظمات الإرهابية يعني أيضا اجتثاث مصادر تمويلها من خلال الحد من نشاط الجريمة المنظمة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات المتسربة بالخصوص من الحدود المغربية والتي تبين بالدليل والبرهان تورطها في العمليات الإرهابية التي عرفتها تونس في السنوات الأخيرة. أمام هذه التطورات، عقدت الجزائر اجتماعات إقليمية لبحث خطة لتأمين الحدود البالغة أكثر من 6 آلاف كيلومتر مع سبع دول منها تونس وليبيا والنيجر ومالي، عبر التنسيق الأمني لمنع المجموعات الإرهابية من الاستفادة من حالة الانفلات التي تعرفها بعض دول الجوار، ومن ثم وضع حد لانتشار الأسلحة غير الشرعية والحيلولة دون وقوعها بين أيدي الجماعات المتطرفة. على المستوى الثنائي، ستكون أشغال لجنة التعاون الجمركي الجزائرية -التونسية مناسبة لتعزيز التنسيق الأمني بين الجانبين، والذي عرف وتيرة متصاعدة على ضوء التطورات التي تعرفها المنطقة الحدودية، علاوة على الحركية المكثفة لمواطني البلدين. للإشارة، يعرف الشريط الحدودي بين البلدين إجراءات أمنية مشددة ببلديتي الماء الأبيض والكويف بتأمين الشريط الحدودي، على طول مسافة تتجاوز 1000 كلم، تحسبا لتسلل عناصر إرهابية، لاسيما في ظل الحديث عن عودة مقاتلين من التنظيم الإرهابي "داعش". كما تم إنجاز ما لا يقل عن 20 مركزا متقدما، الكثير منها يعمل بالكاميرات الحرارية، فضلا عن إقامة حواجز ثابتة عبر البلديات الحدودية تعمل على مدار اليوم، يتم من خلالها تفتيش صارم لكل المركبات المشتبه فيها، وإخضاع كثير من الأشخاص إلى التعريف بالوسائل التكنولوجية الحديثة. ويشهد المسؤولون التونسيون على فعالية التعاون الأمني بين البلدين، مثلما سبق وأن صرح بذلك الرئيس الباجي قايد السبسي الذي أكد أن نجاح التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين بلاده والجزائر، أسهم في تأمين الحدود البرية. كما سبق للبلدين أن وقعا خلال انعقاد اللجنة المشتركة الكبرى في مارس الماضي بتونس على اتفاق أمني يشمل التكوين وتبادل المعلومات، في إطار تعزيز قدرات الجانبين لمواجهة مختلف أخطار وتهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة.