ظهرت الجريمة المنظمة منذ عدة قرون، وفرضت نفسها كظاهرة عالمية تثقل كاهل الدول لما تتطلبه من نفقات وقائية ومجهودات دفاعية خاصة، بعد أن عرفت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، كنتيجة لظاهرة العولمة وانفتاح الأسواق وعدم تنظيم السوق المالية والتجارة العالمية· تعتبر المافيا الإيطالية أقوى جماعة للجريمة المنظمة، وتتهيكل في شكل تكتلات عائلية يرجع تاريخ ظهورها الى الفترة الممتدة بين 1944 و1970، ودون منازع تعد أكبر عصابة للمتاجرة بالمخدرات في أوروبا، وتطورت أنشطتها في هذا المجال الى احتكار مناطق الزراعة··· ولا تقل التنظيمات الإجرامية الآسيوية خطورة عنها، وتأتي في المقدمة "الياكوزا" اليابانية التي تتاجر في السلاح، المخدرات وتصدير عشرات الفتيات الآسيويات القاصرات الى أوربا وأمريكا· أما بالصين، فتبرز عصابة "سان· بي· أون" التي تأسست في القرن السابع عشر ميلادي، وتعد الدعارة أهم أنشطتها· وتضاف الى هذه القائمة، المافيا الأمريكية، مجموعة الكارتل الكولومبية والمافيا الروسية· وتحقق هذه التنظيمات الإجرامية أرباحا خيالية من خلال المتاجرة بالأسلحة والمخدرات، التهريب، المتاجرة بالأعضاء البشرية واصطياد المهاجرين غير الشرعيين، لاسيما النساء والأطفال، الذين يتم إجبارهم على العمل في ورشات سرية، وقد يلجأ بعضهم الى التسول أو الى ممارسات لا أخلاقية· وتبعا للمعلومات المستقاة من يوم دراسي، نظمه مجلس قضاء بومرداس مؤخرا لفائدة ضباط الشرطة القضائية، فإن تاريخ جماعات الإجرام المنظم، مرتبط باستخدام العنف كوسيلة رئيسية لسلب المال، فضلا عن تهديد وقتل الأشخاص الذين يشكلون خطرا على مصالحها غير المشروعة، كقتل القضاة، عناصر الأمن، إعلاميين مسؤولين سياسيين وشهود· كما تعطي التنظيمات الإجرامية حسب عميد الشرطة علي بدوي، رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية لأمن ولاية بومرداس، الأولوية لرشوة الموظفين العموميين لتوسيع أنشطتها الإجرامية وعرقلة جهود الدولة في مكافحة هذه الأنشطة، وتحاول بعض جماعات الجريمة المنظمة أحيانا، تحقيق أغراضها غير المشروعة، بالتأثير في الحياة السياسية عن طريق تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين أو الأحزاب، مقابل توفير المزايا لها عند الفوز بالانتخابات·· ومع عولمة الاسواق تلجأ جماعات الجريمة المنظمة الى الرشوة والفساد بدفع عمولات ضخمة، لتسهيل أنشطتها غير المشروعة في مجال التجارة الدولية وأسواق المال، مما يعرقل حرية المنافسة في الأسواق العالمية· ويذكر نفس المصدر أن تحقيق الربح المالي، يبقى الهدف الرئيسي لجماعات الجريمة المنظمة، التي ارتطبت نشأتها التاريخية بالظروف الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، ولكن يلاحظ أن حجم الأرباح المالية للجريمة المنظمة، كان في الماضي متواضعا الى حد ما وينفق جزء كبير منه للحفاظ على بقاء التنظيمات الإجرامية، إلا أنه مع التغييرات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة التي شهدها العالم، واتجاه تلك التنظيمات الى استثمار أموالها المحصلة من الجريمة، فقد تزايدت القوة الاقتصادية لجماعات الجريمة المنظمة، فأصبحت تشكل خطرا كبيرا على الاستقرار الاقتصادي والمالي، بل وحتى السياسي للدولة