اختتمت رئيسة الأرجنتين السيدة كريستينا فيرنانديز دو كيرشنر مساء أول أمس زيارة الدولة التي قامت بها إلى الجزائر والتي كللت بالتوقيع على ثلاثة اتفاقات تعاون في مجالات الطاقة النووية السلمية والإعلام والصحة العمومية وبروتوكول إضافي للتعاون في الميدان الثقافي. وأجرت ضيفة الجزائر التي رافقها وفد هام من الوزراء ورجال الأعمال خلال الزيارة التي دامت يومين، سلسلة من المحادثات مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وعدد من المسؤولين تناولت وضعية العلاقات الثنائية وسبل ترقيتها في مختلف المجالات، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ووصفت الرئيسة الارجنتينية اللقاء الذي جمعها على انفراد برئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والذي توسع إلى باقي أعضاء الوفدين بالجيد، مؤكدة بأن البلدين أعربا بالمناسبة عن عزمهما على توسيع علاقاتهما وتعزيز التعاون الثنائي في جميع الميادين، وذكرت في هذا الصدد باتفاقات التعاون المتعددة التي وقعها الطرفان، معتبرة بأن الأهم من ذلك كله هو أن الرئيسين قررا وأعربا عن إرادتهما في توسيع العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في كافة المجالات، ولاسيما تلك التي لم تشملها الاتفاقات. وتشمل الاتفاقات التي وقع عليها الطرفان خلال الزيارة، تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، حيث عرف التعاون بين البلدين في هذا المجال والذي يؤطره اتفاق سنة 1985 تطورا كبيرا، تجلى بشكل أساسي في انجاز مشاريع متعلقة بتحديث المفاعل "نور" بدرارية وتوسيع وحدة تطوير المواد القابلة للاحتراق وضع مخبر للنظائر المشعة. في حين ينص الاتفاق الثاني على توطيد التعاون وتبادل الأخبار بين وكالة الأنباء الجزائرية، ونظيرتها الأرجنتينية "تيلام"، ويتضمن الاتفاق الثالث التعاون في مجالات الصحة العمومية والعلوم الطبية. وأوضحت السيدة دو كيرشنر أن البلدين تناولا خلال المحادثات جميع مجالات التعاون التي يريدان إحراز تقدم فيها، سواء تعلق الأمر باستعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية والتبادلات في مجال الطاقة أو الفلاحة أو تحويل التكنولوجيات، كاشفة بالمناسبة بأن الرئيس بوتفليقة لبى دعوتها للقيام بزيارة دولة إلى الأرجنتين، والمحتمل أن يجريها قبل ديسمبر المقبل. وشددت ضيفة الجزائر خلال إشرافها على مأدبة غذاء أقامتها على شرف المشاركين في الملتقى حول "فرص التجارة والأعمال والاستثمار بين الجزائر والأرجنتين" على ضرورة تعميق العلاقات الجزائرية الأرجنتينية في أبعادها الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، لا سيما في إطار الشراكة جنوب-جنوب، مشيدة بالعمل الذي قامت به مختلف الأطراف في سياق التعاون بين البلدين، والتي بلغ عدد لقاءاتها 300 لقاء. وفي حين أبرزت أهمية الفوسفات الذي تنتجه الجزائر، والذي يعد بمثابة العنصر الضروري لقطاع الزراعة في الأرجنتين، أشارت السيدة دو كيرشنير إلى أن الغاز والبوتاسيوم اللذين تنتجهما الجزائر يكتسيان أهمية بالغة، بالنسبة للمنتجات القاعدية التي تحتاج إليها مختلف القطاعات بالأرجنتين، وفي المقابل يمكن لبلدها الذي يتمتع بخبرة كبيرة في المجال الفلاحي، الإسهام في نقل المعارف والعتاد إلى الجزائر قصد تمكينها من رفع إنتاجها الغذائي. وعلى هامش الملتقى وقع منتدى رؤساء المؤسسات وإتحاد الصناعيين الأرجنتيني، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين المتعاملين الاقتصاديين للبلدين، وبالمناسبة دعا وزير الصناعة وترقية الاستثمارات السيد عبد الحميد طمار رجال الأعمال الأرجنتينيين إلى اقتناء حصص من المؤسسات الصناعية العمومية الجزائرية التي تشكل منذ سنتين محور سياسة إنعاش تهدف إلى إنشاء أو إعادة بعث مؤسسات صناعية ناجعة في الفروع الإستراتيجية، مؤكدا بأن كافة الشروط متوفرة بالجزائر من أجل استقبال أفضل للمستثمرين وإعادة تنظيم فعال لحركة الأعمال، في حين أعرب وزير التخطيط الفدرالي والاستثمار العمومي والخدمات الأرجنتيني السيد خوليو دي فيدو من جهته عن أمله في إحداث انسجامات لإنعاش الشراكة والمبادلات الجزائرية الأرجنتينية. وخلال تواجدها بالجزائر قامت الرئيسة الأرجنتينية بزيارة إلى مقام الشهيد بالعاصمة، حيث ترحمت على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة، كما زارت المتحف الوطني للمجاهد واطلعت على مختلف أجنحته، وقدمت لها شروحات حول مراحل الثورة التحريرية المجيدة التي اعتبرتها مثلا يحتدى به كل العالم. كما أقام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مأدبة عشاء على شرف ضيفة الجزائر التي تشكل زيارتها محطة جديدة في مسار دعم العلاقات الجزائرية الأرجنتينية، التي شهدت خلال العام الماضي تحسنا في ميدان المبادلات التجارية التي عرفت ارتفاعا محسوسا بلغ 874 مليون دولار مقابل 638 مليون دولار في2006. وأكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي في هذا الإطار عزم الجزائر والأرجنتين على إدراج التعاون بينهما في إطار شامل يتعدى التبادلات التجارية التي ميزته لحد الآن، مشيرا إلى أن الأرجنتينيين يرغبون في إرساء علاقات مع الجزائر في مجال الاستثمار المشترك والإنتاج في قطاعات الصناعية، الصيدلانية والغذائية. وأعرب في السياق عن رغبة الجزائر في توسيع علاقتها من تصدير الغاز الى ميادين الطاقة الأخرى. مذكرا بأن الطرفين اتفقا على بحث سبل التعاون في استغلال الفوسفات. كما أوضح السيد مدلسي أن مجموعة العمل التي تم تنصيبها بين البلدين، ستنشط فيها جميع القطاعات المعنية قصد بناء تعاون شامل والذي سيتم ترجمته عمليا بعد بضعة أشهر، معتبرا أن زيارة الرئيسة الأرجنتينية للجزائر شكلت فرصة لبحث فرص الشراكة بين البلدين، كما سمحت بتوقيع اتفاقات على نموذج الشراكة الجديد الذي ينبغي تصوره في إطار رؤية شاملة.