انطلقت من الميناء التجاري لأرزيو أمس، أول حصة من الإسمنت الرمادي المنتج بمصانع "لافارج هولسيم" بالجزائر باتجاه غامبيا، معلنة بذلك عن بداية مرحلة تصدير الإسمنت الجزائري إلى الخارج بعد بلوغ مستوى هام من التطور في هذا الفرع الصناعي الذي تعززت فيه الجزائر بالعديد من المصانع. وبمناسبة مراسم الاحتفال بشحن هذه الحصة الأولى الموجهة للتصدير، أكد الأمين العام لوزارة الصناعة والمناجم السيد خير الدين مجوبي، على ضرورة تكثيف مثل هذه العمليات التي تصب في أهداف الاستراتيجية الاقتصاية للدولة، والمتعلقة بتكثيف الإنتاج وتنويع الصادرات، داعيا إلى البحث عن أسواق أخرى، حتى تتمكن الجزائر من إيجاد المنافذ المناسبة لها؛ بحثا عن مصادر جديدة لجلب العملة الصعبة، التي تساهم بدورها في تنمية الاقتصاد الوطني. وأكد نفس المسؤول أن تحقيق الهدف الذي كان مسطرا من قبل قطاع الصناعة في مجال إنتاج الإسمنت والانطلاق في تصديره قبل نهاية السنة الجارية، يسمح بدخول الجزائر عالم الكبار في مجال التصدير. من جهته، أكد المدير العام لشركة "لافارج هولسيم" جون جاك غوتييه في الكلمة الترحيبية التي ألقاها بالمناسبة، على الدور الكبير الذي تلعبه الشركة في مجال المساهمة الفعلية في بناء الاقتصاد الجزائري، والإسهام في دعم التنمية على المستويين الوطني والمحلي، مبرزا أهمية هذا الحدث الذي يؤسس لمرحلة اقتصادية جديدة بالنسبة للجزائر التي كانت إلى غاية سنة 2015 من المستوردين لمادة الإسمنت الرمادي، بقدرة مالية تعادل 500 مليون أورو في العام، لتصبح في 2017 من الدول المكتفية ذاتيا والمتوجهة إلى عالم التصدير. وإذ نبّه إلى صعوبة المهام في ظل وجود العديد من الدول المتوسطية التي تُعتبر دولا مصدّرة للإسمنت، أكد المدير العام لمؤسسة لافارج أن السلطات العمومية في الجزائر مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى مراعاة كافة الجوانب التي تسمح لها بربح معركة التصدير لتحقيق أهداف سياسة تنويع الاقتصاد وتحريره من قطاع المحروقات، مشيرا في سياق متصل، إلى أن معركة التصدير تمثل بالنسبة لشركته تحديا وأولوية قصوى، حيث تطمح الشركة، حسبه، لبلوغ إنتاج ما بين 15 مليون طن و20 مليون طن من مادة الإسمنت في آفاق 2020. وأشار السيد غوتييه إلى أن شركته التي ستواصل عمليات تصدير الإسمنت و«الكلنكر" إلى غرب إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، بلغ حجم استثماراتها في الجزائر خلال السنوات الأخيرة 70 مليار دينار؛ بهدف تطوير نشاطها مع 5500 متعامل، موضحا أن عملية التصدير التي تم إطلاقها أمس، تحفّز الشركة على الذهاب بعيدا من أجل تموقع الجزائر كدولة رائدة في مجال تصدير الإسمنت والكلنكر في السنتين القادمتين، حيث يُتوقع في هذا الإطار تصدير ما بين 3 إلى 4 ملايين طن. من جهته، أكد المدير العام للتجارة الخارجية بوزارة التجارة سعيد جلاب، أن الجزائر أضافت أمس منتوجا جديدا لتنويع الصادرات خارج المحروقات نحو الأسواق الخارجية، مذكرا بالمجهودات المبذولة من قبل وزارة التجارة لمرافقة المتعاملين الاقتصاديين العموميين والخواص، لتسهيل عمليات التصدير وولوج الأسواق الخارجية، خاصة دول غرب إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. وأشار إلى أن هناك عملا يجري حاليا على مستوى الوزارة الوصية، لتسهيل عمليات التصدير من أجل تموقع أحسن في السوق الخارجية. بدوره، ثمّن رئيس الجمعية الوطنية للمصدّرين الجزائريين علي باي ناصري، هذه المبادرة التي تسمح، حسبه، بتحقيق قفزة نوعية في مجال تصدير مادة الإسمنت نحو غرب إفريقيا؛ مما سيجنّب البلاد استيراد ما قيمته 500 مليون دولار سنويا من هذه المادة، وتحقيق مداخيل للعملة الصعبة تتراوح ما بين 1 مليار و1,5 مليار دولار. يُذكر أن الجزائر التي كانت تمتلك 3 مصانع ووحدات لإنتاج الإسمنت في وقت مضى، أصبح لديها اليوم 17 وحدة إنتاج موزعة على مستوى التراب الوطني، يساهم فيها مجمع "جيكا" العمومي بما يعادل 70 بالمائة من الإنتاج الوطني، أو ما يمثل 17 مليون طن سنويا في الوقت الذي يصل إنتاج مؤسسة لافارج هولسيم إلى 8 ملايين طن سنويا. وبدخول مختلف الوحدات الإنتاجية عالم الإنتاج نهاية عام 2018 تصبح القدرة الإنتاجية الوطنية تفوق حجم الطلب الداخلي على هذه المادة خاصة، حيث يُنتظر أن يصل معدل الإنتاج إلى أزيد من 40 مليون طن سنويا في حدود 2020، فيما تبقى احتياجات السوق المحلي عند مستوى 23 مليون طن. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن مجمع "جيكا " العمومي يُجري حاليا مفاوضات؛ من أجل الشروع في تسويق فائض منتوجه في عدد من الدول الإفريقية بداية من عام 2020.