قدّم المسرح الجهوي بباتنة آخر انتاجاته بدار الثقافة بباتنة ضمن الفعاليات المسرحية لتظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" عرض: "يوغرطة" الذي قام بتأليفه خالد بوعلي وأخرجته الممثلة المسرحية القديرة صونيا· شارك في "يوغرطة" 33 ممثلا مسرحيا منهم 05 ممثلات واستقطب جمهورا نمت عنده الأذواق الفنية ليكتسح قاعة العرض التي غصّت عن آخرها في سهرة أعادت التاريخ من بوابة نوميديا لتعكس حضارة أمة وتبرز سيرة وبطولات البطل النوميدي "يوغرطة" ابن "مسطنبال" وقريب "ماسينيسا"، وجاءت مشاهد المسرحية بديكور يرمز بصدق للبطل يوغرطة "كابوس روما" المتهم بجريمة قتل "هيمبسال" الذي اغتيل في ظروف غامضة، ويعود الفضل ليوغرطة من جديد في توحيد نوميديا بعدما قضى على "اذربال" لتبدأ حروبه مع روما التي دامت سبع سنوات· مسرحية يوغرطه كابوس روما- تراجيديا تاريخية، من ثلاثة فصول تصوّر مسار هذا البطل ومقاومته الباسلة ضد الغزو الروماني لمملكة نوميديا، ويتضمّن كل فصل من فصول المسرحية أربعة مشاهد، تدور أطوار المسرحية بافتتاح المشهد الأول الذي يمثل حدثا هاما وقع سنة 134 ق·م عندما قدم موفد "سيبيون" قائد الجيوش الرومانية بإيبيريا إلى "مسيبسا" ملك نوميديا ملتمسا دعمه بوحدات من الفرسان وعدد من الفيلة في حربه ضد مدينة نومانس، ويأتي المشهد الثاني الذي يبرز الملك برفقة ولديه "أذربال" و"هيمبسال" في استعداد لإقامة حفل استقبال الأمير "يوغرطة" الذي أبهر الروم بمهاراته وشجاعته، المنتصر في إيبيريا سنة 132 ق·م· وصية الملك "ماسينيسا" الذي يحتضر جسّدها المشهد الثالث الذي كرّس أحقية يوغرطة في تقاسم الملك· واحتدم الصراع بعد ذلك حول الحكم بين الأخوين أبناء "ماسينيسا" وأخيهما بالتبني "يوغرطة" وهو ابن عمهما مما مهّد لتقسيم المملكة كما عبّر عنه المشهد الرابع وما انجرّ عنه من أحداث، وهي بذلك جسّدت العمل الفني للمخرجة صونيا التي ضمّنت العمل المسرحي أسلوبا في سرد الوقائع التاريخية وفق الأهمية في تسلسلها الزمني في خاتمة للوقائع، لكنّها كانت واضحة لأنّ فكرة الرؤية الإخراجية لامست التاريخ، ولم تكن غامضة، بل قدّمت الرمز متماشيا مع الواقع، وتركت للجمهور حرية قراءته له من منطلقاته التاريخية، الثقافية والاجتماعية، والفترة التي تلت مقتل "هيمبسال" في المشهد الخامس بثرمودة 118 ق·م في نسق يسرد حقائق الحروب التي دارت رحاها بين أخيه "اذربال" وابن عمه "يوغرطة" الذي بعد ست سنوات من النزاع كان غير آبه بتدخّل روما ليحاصر سيرتا واعتبر ذلك مجرد شأن داخلي كما عبّر عنه المشهد الخامس، وجاء المشهد السادس ليبرز الصراع بينه وبين وروما في حوار مع قادة جيوشه وحنكته في التخطيط للمعارك التي خاضها ضد جيوشها وجنرالاتها المتعاقبة 110 ق·م· وتضمّن المشهد السابع صورة القائد الروماني "أولوس" بمعسكر "يوغرطة" المنتصر عليه في موقع عاجي يبيّن قوّته في التفاوض لإرغامه على توقيع معاهدة تحدّد بنودها نوميديا 110 ق·م وتتسارع الأحداث التي نقلت الحوار من معسكر "يوغرطة" إلى معسكر "متليوس" المحاصر فوق ربوة، ولم يكن يوغرطة راضيا عن أداء قائد المشاة فيما يظهر "متليوس" القائد الروماني يحث جيوشه للتخلص من كابوس يوغرطة في المشهد الثامن، وتكتشف المكيدة التي لخّصها المشهد التاسع الذي نكتشف من خلال ما دار من حديث في لقاء يوغرطة بزوجته "بديدة" بعد اكتشاف خيانة "بولمقارت" و"نبدالسة" قائدي جيوش نوميديا المتواطئين مع "متليوس" ضد ملكهم وقريبهم يوغرطة· المشهد العاشر الذي تضمن لقاء "يوغرطة" رفقة "هيرباس" قائد جيوشه وموضع ثقته بصهره "بخوص ملك" موريتانيا وابنه "فلوكس"، وأبرز الحوار الذي دار بينهما أنّ التحالف ضد روما تشوبه شوائب خصوصا بعد ظهور "اصبار" جاسوس "يوغرطة" مما خيّب أمال يوغرطة الذي زادت شكوكه في صهره· ليظهر المشهد الحادي عشر الذي حمل أخبار إصابة يوغرطة في حربه مع الروم بجروح بسيطة وقدوم زوجته الثانية "زوفة" ابنة الملك بخوص التي استقبلتها الزوجة الأولى "بديدة"، وجاء المشهد الكوريغرافي ليجسّد في صورة "زرفة" جمال مدينة سيرتا وبناياتها، وجاء المشهد الأخير ليروي قصة نهاية الملك يوغرطة سنة 105ق·م وكيفية وقوعه في الكمين في خاتمة للمفاوضات التي جرت بين الملك "بخوص" و"سولا" ممثّل القنصل "ماريوس" وروما للإيقاع بيوغرطة وتسليمه مقيّدا·