ثمّن المنتجون المحليون قرار الدولة بضبط الواردات، بوقف استيراد أزيد من 850 مادة من الخارج، من أجل حماية الاقتصاد الوطني، غير أن العديد منهم يتوجسون خيفة من حدوث ندرة في المواد الأولية التي تعد ركيزة منتجاتهم الصناعية في مختلف الميادين، مطالبين بتوفير البديل، ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين في الميدان، وتوفير رخص استثنائية لتمكينهم من استيراد المواد الأولية الضرورية التي لا تتوفر بالحجم الكافي محليا، فضلا عن توسيع نشاطهم لمواكبة احتياجات السوق الوطنية من السلع في ظل هذا التوجه الجديد. بقدر ما كان قرار ضبط الواردات خطوة جريئة في مسار الإستراتيجية الوطنية لدعم المنتوج الوطني، وتوفير العملة الصعبة، وضمان مناصب شغل للجزائريين، فإن ذلك طرح تحديا آخر، يتعلق بتوفير البدائل وعدم الإضرار بمصالح المنتجين للسلع، حيث ذكر لنا العديد من المهنيين الذين التقيناهم، أول أمس، في الصالون الدولي لتجهيزات الفندقة والخدمات السياحية، بقصر المعارض بالعاصمة، أنهم يخشون نفاد السوق الوطنية من المواد الأولية، مما يرفع من سعرها، حسب قانون «العرض والطلب»، وبالتالي التأثير على المنتوج ورفع سعره في السوق. في هذا الإطار، ذكر لنا أسامة زبدة مدير شركة «وفاء» لإنتاج مواد التغليف والمناديل الصحية، التي تعمل منذ 20 سنة، وتوظف 400 عامل، أن «المنتوج الأجنبي لم يعد يغري المستهلك الجزائري، بل صارت جودة المحلي تكتسح الساحة»، مؤكدا أن شركته التي تقوم بتزويد السوق الوطنية بمجموعة من المنتجات، تتمثل في المناديل الورقية، ستنتعش أكثر بعد تطبيق هذا القانون الذي يشجع المنتوج الوطني، وكان من المفروض أن يتم اعتماده من قبل باعتباره يفتح آفاقا كبيرة في السوق الجزائرية». من جهته، يطرح قسيو صالح عبد الله، صاحب شركة «بوليستار» لصناعة مواد التنظيف، مشكل الحصول على المواد الأولية، وأهمها مادة ال« سوركوتيك» التي تدخل في تركيبات أهم المنتجات، والتي يصعب الحصول عليها، «فهي لا توجد إلا لدى ثلاثة متعاملين بكل من مستغانم، سكيكدة، وورقلة»، مطالبا وزارة الطاقة برفع الحواجز البيروقراطية وتسهيل عملية جلب هذه المادة القاعدية من الخارج، بعد أن أصبحت صعبة المنال. كما أكد محدثنا أن مؤسسته التي صارت تنافس العلامات التجارية العالمية، وكسبت ثقة المستهلك، بحاجة إلى هذه التسهيلات التي من شأنها توسيع الشركة ورفع عدد العمال، مثمنا جهود الدولة في رفع الحواجز البيروقراطية في المجال الجمركي، والتي تم تخفيفها، في انتظار تسوية النقائص العالقة بالترخيصات وفق معايير محددة. وتشدد ممثلة مؤسسة «شيك الجزائر» لصناعة الصابون والغاسول لفائدة الفنادق أن هاجسها الوحيد الآن هو البحث عن مصنعين جزائريين لتوفير المواد الأولية، التي تستوردها من الخارج، معربة عن أملها في أن تحترم القوانين التي أقرتها الدولة بشأن قائمة السلع الممنوعة من الاستيراد. في سياق متصل، أسرت لنا مسؤولة بنفس الشركة، أن هناك فنادق فخمة تسعى لاختراق هذه القوانين، من خلال طلب تراخيص لاستيراد سلع لصالحها، تكون قد مسها قانون الممنوعات، وأن هناك من تحصل عليها فعلا، معتبرة هذه التصرفات غير قانونية وتمس بروح القانون الذي لا يطبق على الجميع، حسبها. من جهته، يعتبر يحياوي جعفر المدير التجاري لمجمع «بي. سي.ار» لصناعة الحنفيات والأواني، أن قرار الدولة الشجاع في وضع قانون يحمي المنتوج الوطني، سيكون له انعكاس إيجابي على الاقتصاد المحلي، والقضاء على السلع المقلدة وغير الصحية الآتية من الخارج، والتي تهدد صحة وحياة المواطنين، وحدثنا في هذا الخصوص عن الأواني النحاسية المطلية بمادة الإينوكس التي تغزو السوق، ولا يخضع الكثير منها للمقاييس الصحية والتجارية، مؤكدا بأن نشاط «بي.سي.ار» التي تعد رائدة في مجال الحنفيات وتجهيزات المطبخ، سيكون أكثر انتعاشا بعد تطبيق هذا القانون، وأن شركته الحائزة على شهادة إيزو للجودة، وتعد مرجعا لدى «الهيئة الجزائرية للاعتماد»، توفر 45 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية من الأواني وتجهيزات الحمّام. ويتفق المنتجون المحليون على أن السنوات القادمة ستكون أحسن، بفضل تطبيق الإجراءات الجديدة، حيث قال مدير مؤسسة «وفاء» لمواد التغليف إن شركته «دخلت قطاع الفنادق منذ 15 سنة، وتأمل خيرا بوجود مشاريع سياحية واعدة ستفتح آفاقا واسعة أمام المتعاملين الجزائريين»، مضيفا أن زهاء الألفي فندق عبر ولايات الوطن ستدخل الخدمة خلال الأشهر والسنوات القليلة القادمة، ستكون جرعة أوكسجين للصناعة والخدمات المحلية، وما توفره من مناصب شغل وتغطية السوق الوطنية، مما يخفف من فاتورة الاستيراد. كما تطالب شركة «وفاء» التي يوجد مصنعها بالقطب الصيدلاني بسيدي عبد الله غرب العاصمة، بالمرافقة لتوسيع نشاطها الذي يتطلب مساحات إضافية، على أساس أن جل منتوجات الشركة تتميز بالحجم وليس الوزن، وفي هذا الصدد، قال محدثنا إنه أودع طلبات للجهات الوصية، قصد حصوله على عقار صناعي بالقرب من المصنع، لكن لم يتم قبولها دون مبررات تذكر. للإشارة، فإن «المساء» تحدثت إلى منتجين آخرين حاضرين بالصالون الدولي المذكور، على اختلاف نشاطاتهم، ومنها صناعة الآثاث الخشبي، والأفرشة والأغطية والمصنوعات التقليدية التزينية وغيرها من تجهيزات الحمام، وكلهم يجمعون على ضرورة تجسيد إجراءات ضبط الواردات، وتوفير الآليات الكفيلة بحمايته من الاختراق.