شكلت الزيارة التي قامت بها كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إن، إلى كوريا الجنوبية حدثا تاريخيا غير مسبوق في علاقات الأختين العدوتين كونها أول زيارة لمسؤول شمالي من هذا المستوى إلى الجزء الجنوبي منذ الحرب المدمرة بينهما سنة 1953. ولأن الحدث فريد وغير مسبوق فقد انتظر ممثلو وسائل الإعلام العالمية من صحفيين ومصورين نزول كيم يو جونغ، على أرضية مطار انشيون الدولي في كوريا الجنوبية إما للحصول على سبق صحفي تاريخي أو التقاط صورة تخلد وطء قدميها أرض جنوب شبه الجزيرة الكورية لشخصية ليست ككل الشخصيات. وحتى وإن اقترنت زيارة شقيقة الرئيس الشمالي وأكثرها قربا منه بالتحضيرات للألعاب الاولمبية الشتوية بمدينة بيونغ شانغ في كوريا الجنوبية والتي قرر الرئيس الشمالي المشاركة فيها، إلا أنها حملت دلالات سياسية كونها أول زيارة لأحد أفراد عائلة كيم الى سيول والأكثر من ذلك، فهي أول زيارة لمسؤولة سياسية شمالية عضو في اللجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الحاكم في بيونغ يونغ منذ سنة 2011، قبل أن تصبح عضوا في المكتب السياسي لهذا الحزب منذ شهر أكتوبر الماضي. كما أن أهميتها تكمن أيضا في كونها جاءت في سياق انفتاح سياسي غير مسبوق بين البلدين مما جعل التساؤل يطرح حول ما إذا كانت هذه الزيارة بداية لانفراج قريب يكون قادرا على رأب الصدع الذي ضرب البيت الكوري بشقية الشمالي والجنوبي وشتت شعبا واحدا بسبب الحسابات السياسية وصراع الجيو سياسية الذي غذته تطاحن القوى الكبرى على مناطق النفوذ في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية؟. وهو تساؤل فرض نفسه في سيول كما في بيونغ يونغ، وخاصة وأنها جاءت غداة دعوة رسمية وجهها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إن، لنظيره الجنوبي، مون جاي للقيام بزيارة رسمية الى بلاده ضمن دعوة رسمية سلمتها كيم جو للرئيس الجنوبي الذي كان في استقبالها لدى نزولها على أرضية مطار انشيون الدولي وسط إجراءات أمنية مشددة. وإذا كان البعض قد أبدى تفاؤلا مفرطا في زخم هذه التطورات الايجابية التي قد تزيل جليدا سيبيريا علق بعلاقات البلدين، إلا أن أطرافا كورية جنوبية أبدت شكوكا في نوايا الجارة الشمالية وراحوا يشككون في النوايا الخفية من وراء هذه الزيارة والدعوة الرسمية للرئيس الجنوبي لزيارة بيونغ يونغ. وشنت أحزاب سياسية جنوبية حملة انتقادات لاذعة للرئيس مون، الذي يبقى أحد أكبر المدافعين عن فكرة تشجيع الحوار السياسي بين الشمال والجنوب، بقناعة أن التودد الشمالي ظرفي وأملته الضغوط الدولية التي ما انفك يتعرض لها بسبب برنامجه النووي والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه. ولكن تشو مي ايه، زعيمة الحزب الديمقراطي الحاكم في سيول، ذهبت إلى نقيض هذا التشاؤم وأكدت أن القمة المرتقبة بين رئيسي البلدين من شأنها أن تخدم مساعي بلادها لنزع الأسلحة النّووية من شبه الجزيرة الكورية. ورحبت تشو مي ايه، بهذه القمة في حال انعقادها، وقالت إن لقاء في هذا المستوى من شأنه أن يكون نقطة انطلاق ذات مغزى تجاه نزع السلاح من شبه الجزيرة الكورية"، وبقناعة أن تحقيق السلام يمر حتما عبر الحوار، وأنه من المستحيل أن نعارض الحوار إذا كنّا نريد السلام.