يشهد المجتمع الجزائري على غرار المجتمعات الأخرى، ارتباطا وثيقا بالشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي عرفت استخدامات واسعة وأصبحت جزءا لا يتجزأ من يومياته، ومن بين أهم أولوياته، إذ باتت الشغل الشاغل للأفراد الذين وجدوا فيها فضاء خصبا للتواصل الافتراضي وقطيعة مع العالم الحقيقي، حيث بات الأصدقاء الافتراضيون يتقاسمون الساعات، وحتى الفرحة، في الوقت الذي أصبح من الصعب الحديث إلى الابن أو الابنة وحتى إلى الأم أحيانا. لمعرفة مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد، تحدثت «المساء» مع البعض، حيث أجمع مستجوبونا على أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من «فايسبوك»، «تويتر» «انستغرام» وغيرها، قضت على الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة، وأصبح الفرد يميل إلى العزلة في وجودها، ويجد في أصدقاء العالم الافتراضي ملاذا، مما يجعله يمضي ساعات من الوحدة رغم أنه محاط بالكثير من الأصدقاء في العالم الحقيقي. أشار بعض المتحدثين إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي جعلت العالم قرية صغيرة، وسهلت على الأفراد التواصل فيما بينهم، فهي لا تعترف بالحدود الزمانية ولا المكانية، كما سمحت للأفراد بالتعارف على نطاق واسع، إذ أصبح من الممكن تكوين الكثير من الصداقات العابرة للقارات. أوضح آخرون أن وسائل التواصل الاجتماعي قضت من جهة أخرى على التواصل الأسري، باكتساحها البيوت وسلبها أجواءها الدافئة القائمة على التحاور والتشاور والاستمتاع ولو بمشاهدة برنامج تلفزيوني أو الاستماع إلى قصص الجدة القديمة، التي باتت في خبر كان، وهو ما أكدته الطالبة «إلهام» في حديثها إلينا، تقول «مواقع التواصل الاجتماعي أخذت مني وقتي وشغلتني عن عائلتي وأصدقائي المقربين، حيث أصبحت أميل إلى العزلة وأفضل مشاهدة المسلسلات التركية على «اليوتيوب»، فهي بالنسبة لي أحسن من الدخول في مناقشات ومواضيع قد تزعجني مع أفراد عائلتي أو أصدقائي»، تضيف محدثتنا أنها رغم معرفتها بتأثير هذه المواقع على حياتها اليومية والدراسية، إلا أنها أصبحت مدمنة عليها ولا تستطيع التخلي عنها. إذا كان البعض يجد في وسائل التواصل الاجتماعي متنفسا أو مضيعة للوقت، فإن هناك من يجد فيها بنكا معلوماتيا خصبا، يتعرف من خلاله على ما يدور من أحداث محلية وعاليمة، كما هو الحال مع السيدة أمينة (موظفة)، التي قالت بأنها لا تستطيع الاستغناء عن الأنترنت في بيتها، ولا في هاتفها المحمول، كونها تعتمد عليها بشكل كبير وأساسي في عملها، وفي معرفة الأخبار المحلية والدولية وكل المستجدات، والحال نفسه بالنسبة للسيد نور الدين.ع، (تاجر)، الذي أشار في معرض حديثه إلى أنه لا يستطيع تفويت مباريات أنديته الأوروبية المفضلة، إذ يشاهدها عبر الكمبيوتر المحمول الخاص به، ويقول «أجد متعة كبيرة في مشاهدة المباريات الرياضية لفريقي المفضل، لهذا أقضي الكثير من الوقت في متابعتها عبر النت رغم أنها تحرمني من الجلوس مع أفراد عائلتي، ويستطرد؛ أعرف أنها تقطع المسافة بيني وبينهم، لكنني لم أعد أستطيع الاستغناء عنها». إذا كان هناك من هو مهووس بالتكنولوجيا الحديثة، فهناك من اعتمد الوسطية في التعامل معها، حسبما أكده السيد محمد (خمسيني موظف)، أكد حرصه الشديد على مراقبة أطفاله عند استعمالهم لهذه المواقع، فهو حسب رأيه، ليس ضد فكرة تكوين جيل مثقف إلكترونيا، لكن يجب تطبيق الرقابة التامة من طرف الأولياء والسماح لأبنائهم باستعمالها في حدود المعقول بين حين لآخر. وسائل الاتصال تؤثر على نفسية الشباب في هذا السياق، أكد الخبير في تكنولوجيا الإعلام والاتصال يونس قرار، على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع بصفة عامة والشباب بصفة خاصة، في حديثه ل»المساء»، وأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت حاضنة للشباب ولها آثار إيجابية وسلبية على قيمهم، مضيفا أن وسائل الإعلام أصبحت تعتمد بشكل كبير على هذه المواقع في التأثير على الشباب، كما أشار إلى أن معظم القضايا التي يتم تداولها والتفاعل معها على هذه مواقع التواصل الاجتماعي، ك»الفايسبوك» و»تويتر» وغيرها من المواقع الحديثة، تعكس اهتمامات مستخدميها، وتؤثر على حالة الشباب النفسية بشكل كبير، وباتت مواقع التواصل تشكل موقعا لحشد الشباب وبوابة لتفاعلهم مع قضايا المجتمع وأحداث التغييرات فيه، لكن يجب علينا كمختصين توجيه الناس إلى استخدامها في الأشياء المفيدة، كما يجب التعامل معها بذكاء لتجنب الوقوع في سلبياتها. ❊ وافية حليم