توقع الوزير الأول أحمد أويحيى، أمس، أن تكون سنة 2018 أفضل اقتصاديا واجتماعيا لثلاثة عوامل أساسية تشمل رفع الحكومة مستوى التمويل واستمرار ديناميكية الاستثمار والتطور الاقتصادي، فضلا عن استمرار تساقط الأمطار التي تبشر حسبه بموسم فلاحي ناجح ومن ثمة تحقيق نمو معتبر في القطاع الفلاحي. وأوضح أويحيى، خلال الندوة الصحفية التي نشطها بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالعاصمة، بأنه بالنسبة للعامل المتعلق بالتمويل فإن الحكومة رفعت في إطار قانون المالية لسنة 2018 مستوى ميزانية التجهيز إلى 4100 مليار دينار، مقابل 2500 مليار دينار في 2017، مما يعني بأن الحكومة خصصت تقريبا ضعف المبلغ المخصص العام الماضي، لميزانية التجهيز خلال 2018، مشيرا في نفس السياق إلى أن الدولة تمكنت من تصفية المديونية المستحقة لدى المؤسسات العمومية الكبرى وذلك بدفع ما قيمته 700 مليار دينار، بالاستعانة بالاستدانة الداخلية أو ما يعرف بالتمويل غير التقليدي الذي كان قد عرف انتقادات حادة عند الإعلان عن تطبيقه نهاية العام الماضي. تمويلات ب2200 مليار دينار في إطار الاستدانة الداخلية واغتنم الوزير الأول فرصة الحديث عن هذا النظام التمويلي الجديد، ليذكر بأنه على عكس تقديرات المعترضين على هذا النظام الذين توقعوا ارتفاعا في مستوى التضخم، فإن هذا الأخيرة يعرف انخفاضا مستمرا منذ أكتوبر الماضي، حيث تراجع كما قال من 6 بالمائة في أكتوبر 2017 إلى 5,6 بالمائة في ديسمبر 2017، ثم 5,2 بالمائة في جانفي 2018 ليصل إلى 4,9 بالمائة في فيفري. وأكد أويحيى، في هذا الإطار بأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بدأت تتحرك بعد أن عرفت الجزائر في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية ومالية أصعب من تلك التي كانت قد عرفتها في 1986 لنفس الأسباب المتمثلة في تراجع أسعار النفط، موضحا بأن هذه الحركية مردها إلى جانب بعض العوامل الاقتصادية الايجابية، شروع الدولة في الاقتراض من بنك الجزائر في إطار التمويل غير التقليدي، حيث بلغت قيمة الموارد التي تم اقتراضها منذ دخول هذا النظام حيز التنفيذ 2200 مليار دينار، تم توجيه 570 مليار دينار منها لدعم موارد الخزينة العمومية، فيما تم تخصيص الباقي لإعادة بعث مشاريع السكن المدعم الممثل بوجه الخصوص في سكنات البيع بالايجار «عدل» وكذا الكفل بتسديد ديون سونلغاز وسوناطراك وغير من المؤسسات الحيوية. وذكر أويحيى، في السياق بأن اللجوء إلى الاستدانة «ليست مغامرة» مثلما اعتبره البعض، لافتا إلى أن الدولة قامت بمرافقة هذا الإجراء بإصلاحات لإعادة توازنات الميزانية وتفعيل الاقتصاد الوطني بشكل أكبر. وتعهد الوزير الأول بالمناسبة بتقديم الحصيلة السنوية لكل هذه المجهودات التي تسهر على تنفيذها الحكومة قبل نهاية 2018، مع عرض حصيلة العهدة الرئاسية الرابعة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ثم بعدها حصيلة العهدات الأربعة التي تترجم إنجازات 20 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة. قائمة الممنوعات من الاستيراد تعدا وتصحح دوريا وفي سياق إبرازه لأهمية التدابير التي اتخذتها الحكومة في إطار مرافقة سياسة الاستدانة الداخلية لتنويع موارد تمويل الاقتصاد وتقويمه، أوضح الوزير الأول بأن سياسة حماية المنتوج المحلي عبر وضع قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد، عرفت في بدايتها بعض الاختلالات التي تضمنها المرسوم التنفيذي المتعلق بهذه القائمة، مشيرا إلى إن الحكومة تعمل على تدارك هذه الاختلالات والنقائص بشكل تدريجي، وفي كل مرة يتم فيها تعديل هذه القائمة التي تخضع للإثراء والتصحيح حسبه كل 3 أو 6 أشهر. وفيما أشار إلى أن الاختلال الذي كان حاصلا، يتمثل في إدراج بعض المواد التي تدخل ضمن مدخلات الصناعة المحلية ضمن القائمة، أكد أويحيى، بأن هذه الأخيرة ستعرف إدراج منتوجات إضافية كلما حققت الجزائر اكتفاء ذاتيا في هذا المنتوج، مبرزا أهمية اعتماد هذا الإجراء الحمائي ضمن تدابير دعم وتنويع الاقتصادي الوطني في استقطاب المتعاملين الأجانب ولاسيما في قطاع الميكانيك، حيث قال في هذا الصدد «لولا منعنا لاستيراد السيارات لما قرر هؤلاء المتعاملون إقامة مصانعهم في الجزائر». الأسعار المنشورة حول كلفة السيارات تم فهمها بالخطأ وبخصوص الجدل الواسع الذي أثاره نشر وزارة الصناعة لأسعار السيارات عند تركيبها في المصنع، مقارنة بالأسعار المعتمد من قبل الوكلاء في بيعها، وما أثاره ذلك من حملات شعبية واسعة لمقاطعة هذا المنتوج، أوضح الوزير الأول بأن الأمر يتعلق بسوء فهم للأسعار المنشورة والتي تعبّر في حقيقتها حسبه عن الكلفة الإجمالية لتركيب السيارة دون احتساب الرسوم وهوامش الربح. وذكر في نفس الصدد بأن هامش ربح المصنّعين المحليين من المفترض أن يكون معقولا كونهم ملتزمون أيضا بدفع حقوق وتكاليف الأعباء المترتبة عنهم من ضرائب وغيرها. واعتبر أويحيى، في نفس الإطار المضاربة في قطاع السيارات تبقى أنها ظرفية، كونها نتاج قرار توقيف الاستيراد الذي بلغ في وقت من الأوقات سقف 600 ألف سيارة سنويا، مقدرا بأنه في انتظار تنشيط أكبر لمصانع التركيب، فإن عدد مصانع السيارات بالجزائر والذي لا يتعدي اليوم 6 مصانع يبقى محتشما، «غير أنه سيعرف تطورا في غضون سنتين، حيث يتوقع الوصول الى مستوى إنتاج يتراوح ما بين 200 ألف و250 ألف مركبة، مع ما يترتب عن ذلك من انتعاش المنافسة». إصلاح سياسة الدعم الاجتماعي تطبيق النّمط الجديد في السداسي الثاني 2019 كشف الوزير الأول أحمد أويحيى، عن امكانية تطبيق النمط الجديد لسياسة الدعم الاجتماعي بداية من السداسي الثاني لسنة 2019، بعد استكمال اللجنتين المنصبتين على مستوى وزارتي المالية والداخلية عملهما لضبط آليات هذا النمط الجديد، مؤكدا بأن الحكومة التي لن تلجأ إلى تغيير نمط الدعم الحالي في 2018، ستعمل على شرح مبررات وأهداف النمط الجديد بشكل واف. وأوضح أويحيى، خلال الندوة الصحفية التي نشطها أمس، بالعاصمة، لعرض حصيلة عمل الحكومة في 2017، بأن الحكومة لن تغامر في هذا الإطار باعتبار أن الأمر يتعلق بموضوع حساس يتطلب توخي الحيطة والحذر لتحقيق أهدافه «المتمثلة أساسا في توجيه الدعم نحو فئة أصحاب الدخل الضعيف دون المساس بالطبقة المتوسطة التي تعتبر حسبه العمود الفقري لأية دولة»، مشيرا إلى أهم ما ينبغي للمواطن معرفته حاليا هو أنه «خلال 2018 لن يكون أي تغيير في سياسة الدعم الاجتماعي وعندما نصل إلى تحديد النمط الجديد سنحرص على شرحه ونشرع في تطبيقه خلال السداسي الثاني من سنة 2019». في نفس السياق توقع الوزير الأول أن تصل الجزائر خلال ثلاث سنوات على الأكثر، إلى تصحيح سياستها للدعم، الذي سيعود بفوائد كبيرة على المواطن والخزينة العمومية، معتبرا الإبقاء على سياسة الدعم في حالتها الحالية، «أمرا غير معقول»، وأنه «من غير المقبول أن يبقى من يتقاضى 100 مليون سنتيم شهريا يستفيد من دعم الدولة مثله مثل من يتقاضى راتبا زهيدا». وذكر أويحيى، بالمناسبة بأن الحكومة قامت بإطلاق ورشتين في إطار إصلاح سياسة الدعم الاجتماعي نصبت الأولى على مستوى وزارة المالية بالتنسيق والتعاون مع البنك العالمي «حتى نستفيد من تجربة البلدان الأخرى التي راجعت سياسة الدعم»، فيما تم تنصيب الورشة الثانية على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، والتي تم تكليفها بعد التقدم المعتبر الذي سجلته في مجال الرقمنة واستخدام تكنولوجيات الإعلام الآلي، موضحا بأن الداخلية ستعمل في هذا الإطار بالتنسيق مع جميع شبكات الإعلام الآلي في البلاد بما فيها تلك التي تخص الخزينة العمومية والضمان الاجتماعي «حتى نتوصل الى إحصاء اقتصادي شامل لكل الجزائريين». وانطلاقا من هذا الإحصاء، يضيف الوزير الأول «ستتمكن الحكومة من تحديد الفئة الميسورة ماليا والشرائح الهشة التي هي بحاجة الى دعم الدولة». مؤكدا تمسكها ب«الحكمة» في معالجة القضايا الدولية أويحيى: الجزائر لن تنجر وراء حملة التهويل المغربية رفض الوزير الأول أحمد أويحيى، أمس، الدخول في جدال عقيم حول ما تثيره الحملة المغرضة التي تسوقها وسائل الإعلام المغربية، مؤكدا في هذا الإطار بأن الجزائر التي تعمل بحكمة في معالجة القضايا الدولية وتسعى دوما إلى تطوير علاقاتها مع كل الدول، «لن تنجر وراء حملة «التهويل» التي تعرفها الساحة الإعلامية المغربية اليوم». وتأسف أويحيي في الندوة الصحفية التي نشطها أمس، بالعاصمة، بحضور وزير الإتصال جمال كعوان، لما تعرفه الساحة الإعلامية المغربية من حملات مشحونة بالكراهية، لاسيما تلك التي تزامنت مع حادثة سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك الأربعاء الماضي، كون «الأوضاع في الوقت الحالي تعرف نوعا من «التهويل»، متسائلا «هل من الجدوى الدخول في هذه الدوامات لافتعال أزمات والدخول في طرح يتنافى تماما مع واقعنا الجيو - استراتيجي للمنطقة». وأكد الوزير الأول أن «الجزائر لا تقيس الأمور بما يقال هنا وهناك ولا تولي الاعتبار لمثل هذه الانزلاقات ولا تبني علاقاتها مع الدول على هذا الأساس». وأوضح بأن «سوء التفاهم بين الجزائر والجارة المغربية معروف لدى الجميع، ويتعلق بقضية الصحراء الغربية»، لافتا في هذا الصدد إلى أن «الإخوة المغاربة يرغبون في جعل الجزائر طرفا في الصراع، بينما صاحب القضية هي جبهة البوليساريو والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وليست الجزائر». وبعد أن شدد على أن الجزائر «لن تنزلق» وراء ما يشاع في الإعلام المغربي»، جدد أويحيى التأكيد على أن «السلطات الجزائرية، وطبقا للسياسة الحكيمة التي تبناها رئيس الجمهورية، في أزمات أخرى، تعتمد على الحكمة من خلال علاج القضايا وتطوير علاقاتها مع كل الدول وليس العكس». الجزائر لم تخف أبدا تضامنها مع الشعب الصحراوي في سياق متصل، استغرب أويحيى الافتراءات التي أثارها الإعلام المغربي بخصوص تواجد ضحايا من بين العائلات الصحراوية في الطائرة العسكرية التي سقطت ببوفاريك، مؤكدا بأن الجزائر لم تخف في أي يوم من الأيام تضامنها مع شعب الصحراء الغربية في نصرة قضيته العادلة. وذكر في نفس الصدد بتواجد الآلاف من أفراد جالية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في المدارس والجامعات الجزائرية، فضلا عن استقبال الجزائر للعديد منهم في إطار العلاج. وإذ اعتبر نشر السلطة الصحراوية أسماء الضحايا الصحراويين في حادثة الطائرة وتقديم تفاصيل عن وظيفتهم، «تكذيبا قاطعا لما جاء في وسائل الإعلام المغربية، التي اعتبرت الضحايا «قادة للبوليزاريو كانوا في اجتماع عسكري» حسبها أعرب الوزير الأول عن أسفه لمثل هذه التصرفات «غير المبررة» لا سيما في مثل هذه الظروف الأليمة التي ذهبت ضحيتها أرواحا بريئة، قائلا «حتى وإن كان فيه خصومة بين الجانب المغربي والصحراوي، فكنا ننتظر تصرفا آخر من الإخوة المغاربة». وفي موضوع آخر، اعتبر أويحيى تصريحات سفير فرنسابالجزائر حول منح التأشيرات للمسؤولين الجزائريين ثم سحبها منهم، «الانزلاقات تم الرد عليها»، مشيرا إلى أن «ما يهم في الوقت الراهن هي العلاقات الهامة بين الجزائروفرنسا والتي تعرف تطورا إيجابيا». ترحيل المهاجرين غير الشرعيين يتم بالتنسيق مع بلدانهم كما تأسف الوزير الأول لما يصدر من تقارير سلبية وبعيدة عن الموضوعية، من منظمة «هيومن رايتس ووتش» بخصوص تعامل الجزائر مع الرعايا الأفارقة المتواجدين على أرضها بطريقة غير شرعية، موضحا في هذا الخصوص بأن الجزائر تواجه ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي ترجع إلى أوضاع إقليمية مع البلدان الأصلية للمهاجرين. وإذ أشار إلى أن الجزائر تحرص دوما على ضمان أمنها واستقرارها، ذكر أويحيى بأن الجزائر التي تتلقى تدفقا على صعيد مزدوج، «ليس لديها أي عقدة في القول إن الجزائر تعالج الأمر بالتشاور مع البلدان الأصلية وأن المهاجرين غير الشرعيين سيعادون إلى أوطانهم»، لافتا إلى أن منظمة العفو الدولية «لم تنفرد بأي تصريح إيجابي حيال الجزائر». كما تأسف لكون البعض بلغ بهم الأمر إلى حد اتهام الجزائر بالعنصرية، وقال في هذا الخصوص لا أظن أن هناك أحد بإمكانه أن يؤكد هذا الادعاء حيال بلد احتضن ولا يزال يحتضن الأشقاء الإفريقيين وسبق أن أكد تضامنه وتعاونه في هذا الإطار»، مشيرا إلى أن الجزائر تستقبل أكثر من 10.000 طالب من إفريقيا وتواجه تدفقا يفوق الآلاف من الرعايا سنويا». الجزائر كانت تأمل في حلول لجنة تحقيق إلى سوريا وفي رده عن الدخل العسكري لدول التحالف في سوريا صبيحة أمس، أوضح أويحيى بأن الجزائر التي ترفض استعمال الأسلحة الكيماوية، وفقا لالتزاماتها الدولية الواضحة في هذا المجال، كانت تأمل في وصول لجنة تحقيق إلى سوريا بدلا من الشروع في شن هجمات على هذا البلد، معربا في سياق متصل عن أن يتوصل القادة العرب إلى حل لمعالجة هذه المسألة خلال اجتماعهم المرتقب في السعودية اليوم.