ينتظر أن يعرف القطاع الفلاحي في الجزائر، انطلاقة جديدة بعد اعتماد نموذج اقتصادي عصري يتماشى ومعطيات الإنتاج الفلاحي والسوق الوطنية، حسب مدير الإحصائيات الفلاحية والأنظمة المعلوماتية بالوزارة السيد تيفوري امحمد، الذي كشف ل"المساء" بأن الجلسات الوطنية للقطاع الفلاحي، المزمع تنظيمها يوم غد، ستكون فرصة لعرض معالم هذا النموذج الجديد على المهنيين، وتجميع اقتراحات 6 آلاف مشارك حول إمكانيات رفع قدرات الإنتاج في الزراعة والصيد البحري، مع الاتفاق على تنصيب خلية يقظة تهتم بدراسة الأسواق العالمية وتحديد آليات تصدير المنتوج الفلاحي، الذي يعرف منذ سنتين عمليات تصدير محتشمة. وأوضح تيفوري في تصريح خص به "المساء"، أن النموذج الاقتصادي الجديد لقطاع الفلاحة والصيد البحري تم إعداده بإشراك كل الفاعلين في القطاع، وذلك خلال فتح باب النقاش والتشاور حول 9 ملفات تمت دراستها في 9 ورشات عمل نظمت يوم 11 مارس الفارط، مشيرا إلى أن اللقاءات التي جمعت الإطارات الإدارية لمختلف المصالح الفلاحية وممثلي المهنيين، سمحت باستعراض مختلف العراقيل والانجازات التي عرفها القطاع الفلاحي منذ سنة 2000. وبخصوص المواضيع التي تم عرضها للنقاش، تطرق ممثل الوزارة إلى ملف العقار الفلاحي الذي يعد من أهم ركائز التنمية الفلاحية، مؤكدا أن المشاركين في هذه الورشة تطرقوا بإسهاب إلى المراسلة الأخيرة لوزير القطاع، لكل ولاة الجمهورية من أجل استرجاع العقار الفلاحي غير المستغل. كما أشار إلى أن مصالح الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، أحصت إلى غاية اليوم استرجاع 300 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، والتي سيتم إعادة توزيعها على من يخدمها من المستثمرين الخواص. وتم خلال نفس الورشة، شرح آليات الاستفادة من العقار الفلاحي مع إبراز تشبع المناطق الشمالية، ما يستدعي توجيه المستثمرين الخواص إلى مناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير بالنظر لإمكانية تمديد المساحات واستصلاح أراضي جديدة. أما الورشة الثانية، يقول تيفوري، فقد تطرقت إلى ملف الري الفلاحي مع الحرص على ضرورة استغلال التقنيات الحديثة في السقي لعقلنة استعمال المياه المخصصة للزراعة وضمان توفير القيمة الحقيقية للمياه، لكل نوع من الزراعات، فيما تناولت الورشة الثالثة تثمين المنتجات الفلاحية والزراعات الصناعية بما يتماشى ومساعي الوزارة لإنعاش نشاط الصناعات الغذائية، مع تشجيع الفلاحين على أقلمة إنتاجهم مع طلبات الصناعيين، خاصة وأن المنتوج الفلاحي سريع التلف ويجب استغلاله في وقت قياسي. وشكل ملف التمويل المالي والشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، محور نقاش الورشة الرابعة، التي سلّطت فيها الأضواء على مختلف أنواع القروض، مع مناقشة مصير مشاريع الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب "أنساج" والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، التي تعرف اليوم العديد من العراقيل. وحسب السيد تيفوري، فقد تم في هذا الصدد اقتراح توجيه الشباب إلى العمل ضمن مجمعات فلاحية أو تعاونيات. ولضمان عصرنة الإنتاج الفلاحي تماشيا والمقاييس العالمية، تم تخصيص ورشة للتكوين والبحث والإرشاد الفلاحي، شارك فيها ممثلون عن المعاهد والمدارس الفلاحية، بالإضافة إلى المستثمرين الخواص، والذين أبرزوا ضرورة تقوية الموارد البشرية في القطاع الفلاحي مع تعميم تقنية التكوين داخل المستثمرات الفلاحية، حيث تستعد الوزارة لهذا الغرض لتنصيب منصة تضم عناوين لكل المعاهد التقنية والمستثمرات الفلاحية الناجحة في مجال استعمال التقنيات الحديثة في الزراعة وجني المحصول، وهذا بهدف تشجيع الفلاحين على التكوين. كما اعترف المتحدث بتدني نشاط المرشدين الفلاحين في السنوات الأخيرة، وهو ما دفع بالوزارة إلى تفعيل هذه الخدمة، مع رسكلة المرشدين الفلاحيين عبر المعاهد الفلاحية لنقل الخبرة والمعرفة للفلاحين في مزارعهم، وتحسيسهم بأهمية عقلنة استعمال مياه السقي. أما الورشة السادسة، فقد تناولت ملف تنمية الصادرات الفلاحية، وهو الرهان الذي تعول عليه الوزارة لإعطاء قيمة مضافة للمنتوج الفلاحي الوطني، خاصة بعد نجاح التجارب الأولية لتصدير عدد من المنتجات الفلاحية على غرار البطاطا، الكوسة، الطماطم والبطيخ الأحمر. وعن أهمية الورشة، أكد تيفوري أن الوزارة تستعد لتنظيم نشاط الصادرات من دون إغفال ضبط وتنظيم السوق المحلية، مشيرا إلى أن المصدر لا يمكن له في أي حال من الأحوال تغيير نشاطه إلى ممون للسوق المحلية، كما أن المنتجات الزراعية الموجهة للأسواق الخارجية تحضر من مرحلتي الحرث والبذر إلى مرحلة الجني، ثم التوجيه إلى وحدات التعليب والتوظيب ومن ثمة إلى المطارات أو الموانئ. بالمقابل، تتعهد الوزارة بضمان توفير شهادة المنشأ وتسهيل كل الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتصدير من خلال تنسيق العمل مع كل القطاعات المعنية، على غرار المالية والتجارة، مع تنصيب خلية يقظة اقتصادية مهمتها تحديد الأسواق الأجنبية. من جانبها، عالجت الورشة السابعة، ملف التنظيم المهني والمهني المشترك، وذلك بهدف تشجيع الفلاحين على العمل في إطار التعاونيات والتعاضديات لتوحيد جهود 1,200 مليون مستثمرة فلاحية. وفي حين خصصت لقطاع الغابات، ورشة خاصة لدراسة مجال التنمية الريفية والاقتصاد الغابي لتطوير مجال زراعة النباتات الطبية والعطرية، مع تشجيع سكان الغابات على ولوج مجال الاستثمار الزراعي. تولت الورشة التاسعة والأخيرة دراسة ملف الصيد البحري وتربية المائيات. وتوقع مدير الإحصائيات الفلاحية والأنظمة المعلوماتية أن تكون توصيات الجلسات الوطنية، التي ستعرف مشاركة 6 آلاف مشارك ممثلين عن المستثمرين الخواص، البياطرة، المهنيين في مجال الصناعات الغذائية، مديرية الغابات وممثلي النقابات والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، بمثابة خارطة طريق جديدة للقطاع الفلاحي والصيد البحري، يفضي إلى إعطاء انطلاقة جديدة للاستثمار الخاص في كل النشاطات المرتبطة بالزراعة والأمن الغذائي.