طرحت الفنانة الجزائرية المقيمة بفرنسا، حورية عايشي، مؤخّرا ألبوما غنائيا جديدا بعنوان "خيالة الأوراس" شاركها فيه أعضاء فرقة "حجاز كار"، وأشرفت على الألحان غريغور دارجون ومارتن كتيلا على الإدارة الموسيقية. وعلى غرار ما عوّدت عليه صاحبة الصوت الجبلي القوي عشّاقها ومحبيها يستقي الألبوم الأخير الصادر في أكتوبر الماضي، كلماته من التراث الأصيل لمنطقة الأوراس الأشم الذي طبع مخيلة طفولتها، على خلفية موسيقية جمع فيها غريغور دارجون بين الموسيقى الأصيلة والعصرية من خلال معالجة الأرشيف الموسيقي المستقى من التراث ومزجه بشظايا من موسيقى الروك والجاز وموسيقى الحوض المتوسط. وإلى جانب الفنانة حورية عايشي في الغناء وغريغور دارجون في التلحين جمع الألبوم أعضاء فرقة "حجاز كار" المعروفة من خلال انتيان قرويل وفابيون قويو على الإيقاع، جون لويس مارشون على آلة الكلارينات. والفنانة حورية عايشي من مواليد مدينة باتنة عاصمة الأوراس الجزائري، عاشت في حوش كبير على الطراز القديم، ضمن عائلة كثيرة الأفراد، وداخل مجتمع شديد المحافظة على تقاليده الأمازيغية الأصيلة، مجتمع للنساء فيه طقوس خاصة بهن لا يختلطن بالرجال إلاّ قليلا، وتشرّبت حورية فنّها من جدّتها التي كانت كنزا متحركا من التراث إذ كانت تحفظ معظم التراث المحلي للمنطقة ما كان يدعو النساء إلى التقرّب منها للأخذ عنها هذه الدرر والنفائس. في هذا المحيط كانت حورية عايشي تسترق السمع لجدتها التي كانت صاحبة صوت وأداء متميّز، وبالإضافة إلى جدّتها تقرّ حورية دائما بفضل والدها الذي كان متّفتحا وواعيا بقيمة تعليم البنت أوالمرأة الشيء الذي ساعدها على الدراسة في محيط محافظ جدا. لم تفكر حورية يوما في احتراف الغناء إذ وبعد دراستها بمدينة قسنطينة وانتقالها لتتم دراستها الجامعية بجامعة الجزائر، انتقلت إلى فرنسا لتحضّر رسالة الدكتوراه في علم الاجتماع، وهي التي لم تكن تغني إلاّ لأصدقائها وصديقاتها بجامعة بالجزائر للترفيه ليس إلاّ. في عام 1986 وفي إحدى سهرات العشاء الخاصة وبحضور بعض الضيوف طلب من حورية الغناء، فغنت حورية ككلّ مرة وتفنّنت في أدائها المتميّز بالعفوية وعدم التكلّف، وفي نهاية السهرة تقدّمت منها سيدة محترمة من بين الضيوف وقالت لها: "أنا مساعدة مدير المهرجان الدولي للغناء والموسيقى النسائية"، وقد أعجبت بصوتك وسأبرمجك في سهرات المهرجان"، كانت هذه السهرة في شهر فبراير وكان على حورية أن تحضّر نفسها لشهر جوان للمهرجان وبمساعدة بعض الأصدقاء بصفة تلقائية شكّلت فرقة للبدء في عملية التحضير، وكانت الدورة الثانية للمهرجان الدولي للغناء والموسيقى النسائية هي نقطة البدء في مسيرة حورية عايشي الفنية. بدأ الناس في الأوراس يحبون هذا الصوت الأصيل فراحوا يرسلون لها ما كان لديهم من تسجيلات قديمة كي تعيد غناءها بصوتها، وقد بلغت شهرتها الدنيا فقد دعيت إلى عدد كبير من المهرجانات الكبيرة كمهرجان الغناء المقدّس بالمغرب..وخاضت حورية مع نيكولا فريز (ملحن موسيقي معاصرة) تجربة التفتّح على موسيقى الشعوب الأخرى ومع جون مارك بادوفاني (ملحن جاز) تجربة ابتكار غناء جاز مع ثلاث أصوات من ثقافات مختلفة مويا بافلوفسكا (مقدونيا)، مونيكا باسوس (البرازيل). سجّلت ثلاثة ألبومات هي "أغان من الأوراس" 1990، "حواء" 1993، "خلوة" (من الذكر الصوفي الجزائري)2001، بالإضافة إلى ألبوم، "خيالة الأوراس" أكتوبر2008 الذي سجّلت من خلاله الخيالة في الأوراس الذين طبعوا طفولتها.