من مدينة الفن والجمال أو مدينة المكرة، كما يحلو للبعض تسميتها، استقبلنا العازف حسان بلحميتي بصدر رحب في بيته ليحدثنا عن مشواره مع العزف وعلاقته مع أكبر الفنانين العرب. عزف وأبهر واتخذ من الفن الأصيل شعارا له، عايش أهم عناصر ألحان وشباب على اختلاف طبعاتها، يحدثنا في هذا الحوار عن تجربته مع عودة المدرسة وعن مشاريعه الفنية. قلت إن الساحة الفنية تشهد اليوم قلة الأعمال في مدينة بلعباس رغم انها مدينة الفن. فهل وضحت لنا ذلك؟ لا بد من قول الحقيقة. اليوم في هذه المدينة مدينة الفن تغيب الأعمال الفنية للموسيقيين والفنانين، هناك فنانون يعيشون على الفن، فانا وإن كنت فنانا الا أني أعمل عند الدولة. في الواقع لا توجد اعمال وما وجد منها فهو نادر ومرتبط بالمناسبات فقط، إما في شهر رمضان الكريم او بعض المناسبات الوطنية كعيد الاستقلال او ثورة الفاتح من نوفمبر. رغم ان الامكانيات موجودة والفنانين موجودين لكن لا توجد اعمال حقيقية تعكس المستوى الحقيقي لهذه الولاية. إذا كانت الإمكانيات متوفرة والفنان موجود، فأين يكمن الخلل إذن؟ المشكل ليس في الفنان، بل في المسؤولين على مستوى الولاية لا أعرف لماذا هذه الولاية لا تنظم أنشطة ثقافية وفنية. فالمادة الخام موجودة ومتوفرة بغزارة لكن لا يوجد الاستثمار والدعم الكافيين لاستغلالها أحسن استغلال. كنت من أبرز المشاركين في حصة ألحان وشباب في طبعاتها المختلفة. كيف تقيم هذه الحصة خصوصا عودة المدرسة؟ حصة ألحان وشباب التي كانت تقدم في الثمانينيات، في ذلك الوقت كنت عازفا مع عبد الله كريو ثم اكتشفني شريف قرطبي في النهائيات وضمني إلى الفرقة الموسيقية الخاصة بالإذاعة والتلفزيون. أما الطبعتان الأخيرتان فشاركت في الفرقة الموسيقية وقمت بانتقاء الأصوات على مستوى العديد من الولايات وكنت أنا أكبر من جلب الأصوات التي نجحت. أما فيما يخص المستوى فهناك تطور للحصة في طبعاتها المختلفة، أعقب فقط على شيء واحد هو أن الفرقة الموسيقية كانت في اغلبها مكونة من تونسيين وفرنسيين وهذا عيب وعار علينا كجزائريين أن نوظف الأجانب في حين انه يوجد لدينا عمالقة في الموسيقى يجلسون ويتفرجون فقط. اما بخصوص الطبعات الأولى كانت هناك مواهب كثيرة والانتقاء كان دون دراسة ورغم ذلك أعطت ثمارها مثل مليكة مداح، يوسفي توفيق، أما الطبعة الأخيرة للحصة فكانت حرفية على مستوى عالٍ وراقٍ. رغم أن الجزائر تملك الكثير من الأسماء الموسيقية المعروفة على الساحة الدولية إلا أنها لاتزال مهمشة في وطنها. ما تعليقك؟ هذا مشكل ثقافي، ففي الدول العربية تعتبر الموسيقي بمثابة السفير، اما هنا يفعيش الفنان الموسيقي في الظل.. فالفنان يعمل عشرات الحفلات وياخذ الملايين اما الموسيقي فنصيبه دائما القليل فالفنان هومن يظفر بحصة الأسد. بصراحة اغلب الفنانين الجزائريين غير موظفين. أتمنى أن نؤسس للعديد من الفرق الموسيقية هناك 3 أو 4 اسماء تحتكر الساحة الفنية وتمر في كل المناسبات. لماذا لا نعمل مسابقة سنوية للحن بلجنة خاصة بالكلمة ولجنة خاصة باللحن نشرك حتى الصغار الموهوبين. يوجد لدينا فنانون على المستوى الوطني يجب إعطاءهم الفرصة. مشوارك الفني جمعك بأكبر العازفين الجزائريين المحترفين ألم تفكر في إنشاء فرقة موسيقية خاصة يمكنها أن تغطي النقص في هذا الميدان؟ اقترحنا فرقة موسيقية وطنية تحت قيادة العازف محمد مستغانمي واقترحنا مدير الفرقة والمكلف بالآلات الموسيقية وفيها أحسن الموسيقيين من مستغانم ووهران، وكانت تنشط على مستوى مؤسسة فنون وثقافة بالعاصمة وهي خاصة بالطرب العربي ولكن منذ عام لم نقم باى عمل.. المشكل في الجزائر عدم وجود الاستمرارية، الصحافة العربية انبهرت بأعمالنا والجزائر همشتنا. لحد الساعة لاتوجد أعمال. وما رأيك في مستوى الألحان المقدمة على الساحة الفنية؟ في الجزائر توجد أشياء كثيرة في غير محلها، وكل من هب ودب يقوم بالتلحين والغناء دون أدنى شروط، فالفن الآن في تقهقر مستمر، أين هي أعمال شريف قرطبي؟ أعتقد ان ما ينقصنا هو فلسفة التواصل. الحفلات التي تقام تكون في غالب الأحيان في العاصمة، لماذا لا تكون حفلات مماثلة في الولايات فيكون احتكاك وتواصل بين الجيل القديم والجيل الجديد. ألم يفكر حسان بلحميتي في إنجاز شريط خاص به؟ قمت بالعزف إلى جانب اكبر الفنانين العرب واقترحوا علي ان أنجز شريطا خاصا بي، كما ألح علي أصدقائي المقربين أن أقوم بتسجيل بشريط. هي فكرة جيدة أتمنى من كل قلبي ان تجد طريقها إلى النور، كوني تلميذ شريف قرطبي الأستاذ الذي اكشفني اوونبهر لعزفي وهو من أقحمني في التلفزيون والإذاعة خلال 1986 - 1985 كان ينصحني بأخذ الأفكار من الألحان القديمة للتراث والفلكلور.