بدأت قوات الاحتلال الأمريكية منذ أمس، في تكييف خططها العسكرية حتى تتماشى مع الإجراءات الجديدة المدرجة ضمن بنود الاتفاقية الأمنية الموقعة مؤخرا مع الحكومة العراقية. ووجه الجنرال ريمون اوديرنو رسالة تفصيلية لقادة وحداته في العراق تضمنت قائمة بالتعليمات الجديدة التي يتعين على كل عسكري أمريكي في العراق الامتثال لها تمهيدا لتمكين القوات العراقية من مسؤوليات أمنية أوسع. وقال اوديرنو في رسالته الموجهة لكل الجنود الأمريكيين وقوات التحالف المحتل للعراق والمؤرخة بيوم الرابع نوفمبر الماضي، أن القوات الأمريكية يمكنها القيام بعمليات عسكرية ولكنها من الآن فصاعدا تتم بموافقة مسبقة من الحكومة العراقية وبتنسيق مسبق مع القوات العراقية. والملاحظ على هذه التعليمات أنها جاءت قبل مصادقة البرلمان العراقي على بنود الاتفاقية الأمنية بعدة أسابيع وكأن البنتاغون الأمريكي كان متأكدا على مصادقة النواب العراقيين على الاتفاقية رغم الجدل الحاد الذي سبق عرضها على البرلمان وأثناء جلسات التصويت على موادها. وجاء الكشف عن هذه التعليمات العسكرية الجديدة بعد مصادقة مجلس الرئاسة العراقية أول أمس، على المعاهدة وهي المصادقة التي تعد بمثابة الضوء الأخضر للشروع في تجسيدها ميدانيا. وينتظر ان تشرع القوات الأمريكية القوات الدولية المحتلة للعراق بداية جانفي القادم، في تطبيق هذه التعليمات مباشرة بعد انتهاء التوكيل الأممي الممنوح للولايات المتحدة للقيام باجتياح عسكري لهذا البلد بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل والتي تأكد زيفها شهرا بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في مارس 2003. ووفق بنود هذه الاتفاقية فان القوات العراقية ستكون لها من الآن والى غاية نهاية 2011 الكلمة الأولى في تحديد الأهداف التي يتعين مهاجمتها والعلميات العسكرية التي يتعين القيام بها لاستعادة الأمن المفقود في هذا البلد بعد أكثر من خمسة أعوام منذ احتلاله. وأضاف الجنرال الأمريكي في رسالته أننا "سنواصل محاربة القاعدة ومختلف التنظيمات المتطرفة في العراق في إشارة إلى المقاومة العراقية، ولكن ذلك يجب أن يتم في إطار احترام الدستور والقوانين العراقية والتعامل مع العراقيين باحترام وشرف. ولكن قائد القوات الأمريكية شدد التأكيد على "ان ذلك لا يعني أبدا أن يدفعنا إلى تقليص قدراتنا الأساسية لضمان حمايتنا" في تلميح واضح أن وحدات المارينز ستكون لها أيضا حرية تقدير الموقف كما تريد للقيام بعمليات عسكرية دون العودة إلى القيادة العسكرية العراقية والتذرع في كل مرة بورقة "الدفاع عن النفس". وحسب بنود الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة فان 150 ألف عسكري أمريكي الذين يحتلون العراق والموزعين على 400 قاعدة عسكرية سيبدأون في الانسحاب التدريجي من المدن العراقية بحلول نهاية شهر جوان القادم على ان تشرع القوات الأمريكية في الانسحاب من العراق بصورة متدرجة إلى غاية خروج آخر جنودها نهاية ديسمبر سنة2011. ولا يستبعد ان تبقى هذه التعليمات نتيجة لذلك مجرد حبر على ورق وخاصة إذا نظرنا الى عدم جاهزية القوات العراقية للإضطلاع بمهامها العسكرية في مناطق مازالت توصف بالساخنة وحينها ستكون الاتفاقية سوى غطاء للتكيف مع وضع طارئ فرضه انتهاء التفويض الأممي للقوات الأمريكية في العراق نهاية الشهر الجاري.