ساد هدوء حذر أمس، في قطاع غزّة بعد التصعيد العسكري الذي تسببت فيه القوات الإسرائيلية التي قامت بعمليات قصف غير مسبوقة منذ العدوان الذي شنته ضد هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية قبل أربع سنوات. وتزامن هذا الهدوء مع تواتر حديث حول هدنة يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي قد توصل إليها مع مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية بوساطة من جهات مصرية. وعرف القطاع تصعيدا غير مسبوق بعد أن ردت فصائل المقاومة بأكثر من مائة قذيفة صاروخية ليلة الثلاثاء الى الأربعاء، باتجاه أهداف في داخل العمق الإسرائيلي ردا على القصف المدفعي الإسرائيلي على مواقعها مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين بجروح متفاوتة وهو ما أعطى الاعتقاد أن الوضع سائر إلى حرب مفتوحة شبيهة بتلك التي عرفها قطاع غزّة صيف سنة 2104، وخلف استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني. ورغم أن حكومة الاحتلال سارعت إلى نفي تلك الأخبار إلا أن مسؤولين في حركة الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أكدوا توصلهم أمس، إلى هدنة مع الحكومة الإسرائيلية لوقف عمليات القصف المتبادل على طرفي حدود القطاع، بعد أن تدخلت السلطات المصرية التي أقنعت الجانبين بوضع حد لهذا التصعيد الجديد. وأكد خليل الحيا، نائب قائد حركة المقاومة الإسلامية في بيان أصدره أمس، التوصل الى هدنة مع المحتل الإسرائيلي بفضل بعض الوسطاء دون أن يسمهم وكانت الإشارة واضحة إلى مسؤولين عسكريين مصريين عادة ما يقومون باتصالات مع حكومة الاحتلال وهاتين الحركتين من أجل ضبط النفس وتفادي الانزلاق باتجاه مواجهة عسكرية مفتوحة. وحاول إسرائيل كاتز، وزير الاستخبارات العسكرية في حكومة الوزير الأول الإسرائيلي بينامين نتانياهو، نفى التوصل إلى هدنة مع فصائل المقاومة الفلسطينية ولكنه شدّد التأكيد في المقابل أن جيش الاحتلال لا يريد تدهور الأوضاع العسكرية في قطاع غزّة. ولكنه تكذيب لم يلبث أن فنّده مصدر إسرائيلي مسؤول لمح إلى هذه الهدنة وقال إن جيش الاحتلال لن يقوم بعمليات قصف جديدة مادامت الفصائل الفلسطينية ملتزمة بذلك. وأكدت قيادة الجيش الإسرائيلي أنها نفذت ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، 65 عملية قصف مدفعي ضد أهداف المقاومة التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، بينما أكدت الأجنحة العسكرية لهاتين الحركتين أنها أطلقت أكثر من 100 قذيفة صاروخية ضد مواقع جيش الاحتلال على طول حدود مع قطاع غزّة. وبدلا من أن تعمل الولاياتالمتحدة لتهدئة الأوضاع بصفتها قوة دولية فاعلة في مجلس الأمن الدولي، إلا أنها سارعت إلى نقيض ذلك ودعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي من أجل التنديد بعمليات القصف التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد العمق الإسرائيلي. وقالت نيكي هالي، السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة، إن المسؤولين الفلسطينيين يجب أن يدفعوا ثمن عدم قدرتهم على بسط سلطتهم على قطاع غزّة. ولكن السفيرة الأمريكية تجاهلت في المقابل التصعيد الذي تسببت فيه قوات الاحتلال التي اقترفت جريمة ضد الإنسانية بقتلها ل122 فلسطينيا ممن شاركوا في مسيرات العودة الكبرى منذ مارس 30 مارس الماضي، وراحت إلى أبعد من ذلك بنقلها لسفارة الولاياتالمتحدة إلى القدس الشريف، ولم تشر إلى الحصار الذي تفرضه حكومة الاحتلال على قرابة مليوني فلسطيني الذي وضعوا طيلة عقد من الزمن في سجن مفتوح شكل وصمة عار في تاريخ الإنسانية. والأكثر من ذلك فقد التزمت الولاياتالمتحدة الصمت إزاء الاعتداء الذي تعرضت له سفينة الحرية لكسر الحصار على قطاع غزّة، رغم أنها كانت تقل مصابين في أحداث مسيرات العودة لتلقي العلاج في الخارج. وهو ما جعل سامي أبو زهري، الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية يتهم الولاياتالمتحدة بالتواطؤ مع قوات الاحتلال في تنفيذ عملية الاعتداء ضمن تصرّف وصفه ب»إرهاب إسرائيلي بشراكة أمريكية».