تحولت منابع المياه المتواجدة بمدينة سرايدي السياحية إلى مقصد حقيقي للزوار والعائلات العنابية، فزائر مرتفعات سرايدي خلال أيام فصل الصيف، يجد طابورا طويلا وسيارات مصطفة على طول الطريق المحوري الذي يربط المنطقة بالقرى المجاورة لها وشاطئ واد بقرات، حيث يتوافد المواطنون من كل جهة، على مياه المنبع والذي يأخذ أوصله من أعالي جبال الإيدوغ. تصل المياه باردة وعذبة، وهو صحي حسب بعض المختصين، ويعالج بعض الأمراض، منها الكلى وحتى الحساسية والأمراض الجلدية. كما أن موقع المنبع وسط الغابة وأشجار السنديان التي تحيط به، زاد المكان جمالا، يضاف إليها ظلال ورق السنديان، والتي رسمت هي الأخرى لوحة فنية من صنع الخالق. ما يُتعب قاصدي هذه الينابيع بقاؤهم طول اليوم ينتظرون دورهم لملء البراميل، فرغم درجة الحرارة المعتدلة واخضرار الطبيعة حتى في صيف سرايدي، يقضي سكانه وقتهم خلال هذا الموسم بدون مكيفات، وتضطر بعض العائلات لتمضية وقتها في هذا الموقع، لجلب غدائها معها أو بعض الأكلات الخفيفة لتتناولها وسط الطبيعة والأشجار الكثيفة. كما يجد الأطفال ضالتهم في اللعب وتسلق الأشجار وأخذ صور فوتوغرافية للذكرى. خلال رحلتنا إلى مدينة سرايدي السياحية والتي كانت هذه السنة قبلة حقيقية ومحجا لأكثر من 9 آلاف زائر خلال نهاية شهر جوان إلى غاية منتصف شهر جويلية مع توافد أطفال الجنوب والكشافة، الذين يفضلون سرايدي لاكتشاف الطبيعة العذراء والينابيع المتواجدة في كل زاوية من المنطقة، لاحظنا أن مصالح بلدية سرايدي بالتنسيق مع مديرية السياحة، وفرت مكانا للسياحة والترفيه بوضع كراسي مصنوعة من الحطب، تم تزيينها، وهو ما يتمازج مع خصوصية المنطقة، إلى جانب فتح مطاعم تقليدية مخصصة لتقديم أطباق الشخشوخة والبوراك العنابي وحتى السمك المشوي على الجمر، وهي أكلات تُنسب إلى مدينة عنابة وما جاورها، وكلها أطباق يكون الطلب عليها كثيرا بفضل ذوقها الرائع وطريقة تقديمها مع المشويات، التي تتكون من خلطة من الخضار الموسمية. كل هذه المكونات واللواحق التي تتميز بها سرايدي، زادت من شهرتها مؤخرا بعد التعرف على الينابيع الطبيعية ومنطقة عين بربر السياحية التابعة لبلدية سرايدي المشهورة بأحسن أنواع السمك، الذي يتم اصطياده وعرضه على المتوافدين، الذين يقتنون منه الكثير لطهيه على الجمر مصحوبا بالرغيف التقليدي. وعلى صعيد آخر، تم تنصيب خيمة صحراوية كبيرة، يعِد أصحابها الشاي للمارة مصحوبا ببعض المنكهات الخاصة بالصحراء، حيث السياح يقضون ليلتهم بين أهل الخيمة، والتي يحاط بها البحر والغابات، مما يوفر جوا جميلا ممزوجا بالموسيقى التارقية، التي تصنع بهجة وأريحية الزوار. وتستمر السهرات حتى منتصف الليل وسط أجواء آمنة بعيدا عن الفوضى وحركة الحياة، خاصة أن كل ما يوجد بسرايدي طبيعي، منها المياه والخضار، والجلسة تكون على الحصير بطريقة جميلة، تفتح شهية الكتّاب والشعراء وحتى عشاق الصورة، تجدهم ينقلون هذه الأجواء بكل تفاصيلها ودقتها إلى درجة أن الصورة تتكلم لوحدها، والحرف يتنفس جملية المكان.