اعتبر وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، الاحتفال بذكرى يوم المجاهد، محطة تاريخية هامة في تاريخ الجزائر، "كونها تذكرنا بالتضحيات الجسام للشعب الجزائري"، مبرزا حرص رئيس الجمهورية على أن يكون تعليم التاريخ للشعب الجزائري حقا من حقوقه المشروعة والمدرجة في الدستور، "خاصة المادة 6 منه والمادة 76 المستمدة من بيان أول نوفمبر التي تبرز أمجاد الثورة الجزائرية". م . خ/ ن . بلغيث/ وأج قال الوزير في ندوة صحفية عقدها بمقر إذاعة تبسة الجهوية، أن وزارة الجاهدين تقوم بخطوات هامة في مجال التعريف بالثورة الجزائرية والقضاء على التقصير المسجل في هذا المجال عن طريق إجراء عمليات مسح شامل للمعالم التاريخية المتواجدة عبر كامل التراب الوطني هو ما مكن من تسجيل 1273 مقبرة و1449 مركزا للتعذيب والتقتيل وأزيد من 3000 معلم تاريخي آخر، مضيفا أن الوزارة تعمل على جمع الشهادات الحية والسير الذاتية للمجاهدين ومختلف الأحداث التاريخية بغية التحضير لكتابة التاريخ الجزائري وتبليغه للأجيال القادمة. كما أوضح أن دائرته الوزارية تسعى لتحسين وضعية المجاهدين من خلال إلغاء كل الوثائق التي تطلب منهم في كل مرة وذلك بغرض محاربة البيروقراطية والتخفيف من الإجراءات الإدارية، إلى جانب رقمنة الأرشيف من أجل حماية المجاهدين من الناحية الاجتماعية والنفسية وذلك بهدف الحفاظ على الذاكرة التاريخية الجماعية. وكان وزير المجاهدين قد اشرف على إحياء الذكرى 20 ليوم المجاهد من ولاية تبسة، تحت شعار "المجاهد رسالة قيم ومبادئ وشموخ أمة"، مؤكدا بهذه المناسبة أهمية هذا الحدث التاريخي "كمحطة تاريخية مشرقة في تاريخ الثورة التحريرية وفرصة لمواصلة مسار البناء والتشييد. وقد أشرف الوزير والوفد المرافق له في اليوم الأول من الزيارة على توزيع 60 سكنا عموميا إيجاريا ببلدية مرسط 34 كلم شمال عاصمة الولاية تبسة،من ضمن 126 سكن، فضلا عن تدشين وتسمية المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني ببلدية بولحاف الدير باسم الشهيد مصطفى بن بولعيد بطاقة استيعاب 300 مقعد بيداغوجي و120 سرير، إذ من شانه خلق 50 منصب عمل دائم و25 منصب عمل مؤقت،علاوة على تسمية الحديقة العمومية بحي يحي فارس بمدينة تبسة باسم اليوم الوطني للمجاهد 20 أوت. المجتمع المدني يكرم رئيس الجمهورية من جهة أخرى، كرم ممثلو المجتمع المدني بولاية تبسة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة إحياء الذكرى. وذلك من خلال منحه هدية رمزية تسلمها نيابة عنه وزير المجاهدين، كما قرأ ممثل عن المجتمع المدني بهذه المناسبة رسالة موجهة لرئيس الجمهورية باسم سكان تبسة، يثمنون فيها مجهودات الدولة في سبيل تنمية هذه الولاية الحدودية و يدعونه إلى مواصلة مسيرة البناء والتشييد. وأجمع المشاركون في الندوة التاريخية الوطنية التي احتضنتها ولاية تبسة على أهمية هجمات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام (20 أوت 1955/1956)، حيث "مكنا من التعريف بالقضية الجزائرية و تدويلها". واعتبر الأساتذة المتدخلون في الندوة التي احتضنتها قاعة الاجتماعات بمقر الولاية، هاتين المحطتين التاريخيتين الهامتين قد ساهمتا في إيصال القضية الجزائرية إلى جمعية الأممالمتحدة والاعتراف بها كحق في الحصول على الحرية واسترجاع السيادة الوطنية. وأوضح أستاذ التاريخ عبد الوهاب شلالي من جامعة تبسة في مداخلته، أن هجمات الشمال القسنطيني ساهمت في التعريف بقضية الشعب الجزائري الذي رفض العيش تحت قيود الاستعمار الفرنسي، مؤكدا أنها شكلت "محطة هامة برهن من خلالها الشعب على عزمه في تحرير الوطن". من جهته، أكد عضو المجلس العلمي للمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية الأستاذ بوبكر حفظ الله، أن هذه الهجمات أدت إلى إدراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت شهر سبتمبر 1955على أساس أنها "قضية تحرير وطن وليست صراعا داخليا، مثلما كانت تعتبره فرنسا آنذاك". وبخصوص مؤتمر الصومام (20 أوت 1956) فقد اعتبره أستاذ التاريخ فريد نصر الله من جامعة تبسة "خطوة هامة انبثق عنها صدور عدة قرارات تحكمت في مجرى الثورة التحريرية" كان أهمها -كما قال- تشكيل هيئات دبلوماسية وسياسية وعسكرية تعمل على دعم الثورة وتنظيمها وهيكلتها. واختتمت الاحتفالات بتكريم أرملة المجاهد الراحل الوردي قتال، أحد صناع وقادة معركة جبل الجرف الكبرى، إلى جانب المجاهدين أحمد مومن عضو سابق بجبهة التحرير الوطني ولمين مباركة وموسى مزياني. وشهدت العديد من مناطق البلاد احتفالات بهذه المناسبة، أبرزت فيها القيم التي دافع من اجلها الشعب الجزائري الذي استعاد حريته واستقلاله بتقديم تضحيات جسام، كما قدمت أفضل نماذج التلاحم والتضامن التي هزمت اعتى قوة استعمارية في العالم. منارة تاريخية للثورة الجزائرية في نفس السياق، أجمع عدد من المجاهدين بالجزائر العاصمة على أن الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني وانعقاد مؤتمر الصومام، تعتبر "واحدة من المنارات التاريخية للثورة الجزائرية"، بالنظر إلى النتائج البارزة التي دعمت مسار تحرر الجزائر من نير الاستعمار الفرنسي. واعتبر المجاهدون المشاركون في اليوم الاحتفالي الذي نظمه أمن ولاية الجزائر يوم الاثنين الماضي على شرف المجاهدين بالعاصمة، أن الحديث عن حيثيات هذه التواريخ "المفصلية" في الحركة الوطنية، من شأنه الرفع من معنويات جيل اليوم وتلقينه أن هذه التواريخ هي "منارات تاريخية في عمر ثورة التحرير الوطني"، على حد قول المجاهد طارق بن شيبان. وأوضح المتحدث أن مسار الثورة الجزائرية "مر بأحداث هامة ومصيرية" بدءا بغرة نوفمبر وقبلها أحداث 8 ماي 1945 ووصولا إلى مظاهرات 17 أكتوبر 1961 وغيرها من المحطات التي يجب أن تستوقف بالدراسة و التحليل. أما المجاهد طاهر حسين، فقد أكد أن أهمية هذين التاريخين تكمن في "الظروف الصعبة" التي أحاطت بالمجاهدين سواء في 1955 أو في 1956، في إشارة منه إلى تضاعف تعداد الجيش الاستعماري في الفترة ما بين 1954 و1955، حيث وصل من 40 ألف عسكري إلى 80 ألف لمحاصرة المجاهدين. واستعاد المجاهد والمحامي أحمد فيلالي بدوره، الظروف العصيبة التي أحاطت بالمجاهدين أثناء تحضير هجومات 1955. وقال إنه من الأسباب المباشرة لتفعيل تلك الهجمات هو "الحصار الشديد الذي طبقه المستعمر على منطقة الأوراس وعلى مصطفى بن بولعيد الذي كان فاعلا في مجال تخزين الأسلحة والتنقل". وأضاف أن هجومات الشمال القسنطيني "لم تنحصر" في قسنطينة وما جاورها من مدن، بقدر ما كان كل الشرق الجزائري من قالمة إلى برج بوعريريج معنيا بالخطة العسكرية بقيادة زيغوت يوسف، هذا الأخير - يضيف - اختار منتصف نهار يوم السبت 20 أوت 1955 لتنفيذ خطة الهجوم على مختلف النقاط المستهدفة. وعن مؤتمر الصومام قال أن "اختيار قرية إفري دعمته ضمانات العقيد عميروش الذي التزم بحماية المؤتمرين طيلة 10 أيام كاملة". وفي هذا المؤتمر-يقول- تأسست الدولة الجزائرية وتم تنظيمها وخلق مؤسسات، بما فيه مجلس الثورة بعضوية 34 عضوا والذي كان بمثابة البرلمان اليوم، فضلا عن إنشاء لجنة التنسيق ولاحقا تكوين الحكومة الجزائرية برئاسة فرحات عباس، ناهيك عن تنظيم الأجهزة الإدارية والسياسية وفتح القضاء وحل مشاكل الناس وتدويل القضية الجزائرية في هيئة الأممالمتحدة. يذكر أن اللقاء التاريخي نظم من قبل أمن ولاية الجزائر لصالح إطارات الشرطة وأعوانها وكان بحضور رئيس أمن ولاية الجزائر بالنيابة محمد بطاش، الذي أشرف على تكريم عدد من المجاهدين، مؤكدا في كلمته الافتتاحية أن هجومات الشمال القسنطيني وكذا مؤتمر الصومام يعد تاريخا "راسخا" في الأذهان لما يمليه من تضحيات جسام لمجاهدين وشهداء. وفيها "أبدع العقل الثائر" وانبثقت عنه عدة قرارات مصيرية،يجب إبراز قيمها ومعانيها للأجيال الصاعدة. إطلاق اسم الشهيد عطية على مقر الفوج 21 للصواريخ أرض-جو وضمن الاحتفالات بالذكرى، أطلق اسم الشهيد مداح عطية على مقر الفوج 21 للصواريخ أرض-جو بالأغواط بالناحية العسكرية الرابعة (ورقلة)، في حفل ترأس مراسمه نيابة عن قائد الناحية العسكرية الرابعة، قائد المدرسة التطبيقية للدفاع المضاد للطيران العميد بوعزيز حفيظ، حسب بيان للناحية العسكرية الرابعة. وحضر الحفل ضباط وإطارات الناحية العسكرية الرابعة والسلطات الولائية بالأغواط ومجاهدين ورفقاء الشهيد. وسلمت في نهاية مراسم التسمية هدايا رمزية لعائلة الشهيد مداح عطية. للتذكير، ولد الشهيد مداح عطية في 29 نوفمبر 1938 بالأغواط والتحق بالعمل الثوري في 1958. وقام في نفس السنة بعملية فدائية جريئة بمدينة الأغواط وانتقل إلى المنطقة الخامسة قبل أن ينخرط في صفوف الكومندوس الثالث. وشارك الشهيد خلال مساره الثوري في عدة اشتباكات مع قوات العدو إلى غاية استشهاده في 5 ديسمبر 1959 بمعركة في جبل قورو بمنطقة آفلو (ولاية الأغواط). الخارجية تحيي اليوم الوطني للمجاهد كما أحيت وزارة الشؤون الخارجية، يوم الاثنين، بمقرها ذكرى اليوم الوطني للمجاهد، بحضور وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل وإطارات من الوزارة وعدد من المجاهدين والمجاهدات، فضلا عن الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الثورة، كما وضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري. ولدى تدخله بهذه المناسبة، أبرز السفير المستشار بوزارة الشؤون الخارجية مصطفى بوطورة، الدور "الهام" والأثر "الحاسم" لهجوم الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام على حرب التحرير (1954-1962)، مذكرا بسياق هذه الحرب وخاصة "المحن الصعبة التي عاناها الشعب الجزائري تحت نير الاستعمار الفرنسي". وأضاف أن "تخليد هاتين المحطتين للثورة تدعونا لاسيما الأجيال الصاعدة إلى العمل سويا من أجل مواجهة التحديات الراهنة لاسيما المحافظة على الإرث الثوري واستقرار الجزائر في سياق إقليمي يتميز بعدم الاستقرار والغموض". وبهذه المناسبة، دعا السيد بوطورة الشباب إلى "استخلاص العبر من تاريخ الأمة الجزائرية والاستفادة من قيم الثورة لبناء مستقبل واعد".