دخل 61 زوجا ينحدرون من أوساط اجتماعية محرومة، القفص الذهبي خلال حفلات زفاف جماعي نُظمت نهاية الأسبوع المنقضي بولاية غرداية، في أجواء خيمت عليها مشاهد العادات الأصيلة التي يتميز بها سكان المنطقة. وجرت مراسم حفلات الزفاف الجماعي وسط أجواء من البهجة بمبادرة من النسيج الاجتماعي الناشط في مجال أعمال البر والخير، ممثلا في جمعيات الأحياء وغيرها من الفعاليات الدينية بمدينتي متليلي والقرارة، وبتمويل كامل من قبل متبرعين ومحسنين، حملت شعار "المحبة والتضامن". ‘'يُتوخى من هذا الحدث الاجتماعي ترقية قيم التوافق والتضامن بين مختلف الشرائح الاجتماعية المحلية"، مثلما أوضح منظمو الزفاف الجماعي بمدينة متليلي (45 كلم جنوبغرداية). "وترمي هذه المبادرة إلى تشجيع ومساعدة العزاب في وضعية صعبة لإكمال نصف دينهم، وتجسيد تطلعاتهم في تكوين أسرهم، وضمان اندماج أفضل لهم في المجتمع"، كما ذكر من جهته أحد أئمة مدينة القرارة (116 كلم شمال شرق الولاية). وعادة ما ينظم هذا الحدث المهدى إلى الفئات الأكثر تواضعا في المجتمع، في أجواء يسودها عبق العادات والتقاليد الأصيلة التي تشتهر بها منطقة غرداية، والمستلهمة من طقوس الأجداد في إثارة النفس ونكران الذات والتضامن، وهي القيم الاجتماعية الراسخة في أوساط سكان مختلف قصور الولاية، سيما بوادي ميزاب ومتليلي والقرارة والمنيعة وبريان بدون أن ننسى ضاية بن ضحوة وزلفانة، مثلما أكد أحد أعيان مدينة متليلي. وجرت العادة - حسب تقاليد المنطقة - أنه بعد تناول وجبة العرس والتي تتمثل على وجه الخصوص في وجبة دسمة من طبق "الكسكسي المرصع بقطع سميكة من لحم الجمل"، والتي أُعدت بفضل هبات المحسنين، يتقدم العرسان الجدد وهم في أبهى لباسهم الأبيض، مرفقين بوزارئهم (أشخاص معينون يقومون بشؤون العروس) وهم يحملون حقائب لباس العروس أمام مئات المدعوين فوق منصة مهيأة خصيصا لهذا الموعد، لتبدأ بذلك مراسم إلباس المتوجين. وتشكل مراسم إلباس العروس أهم فقرة احتفالية في مشاهد الزفاف، في تلك الليلة التي يحضرها فضلا عن أفراد عائلة وخلان العرسان الشباب، محسنون ومتبرعون والسلطات المحلية والعديد من الضيوف من العابرين للمنطقة. ودائما وفق التقاليد السائدة، فإن مهمة إلباس العروس يتولاها إمام يختار عادة من قبل عائلة العروس، حيث تجري تلك المراسم أمام مرأى المدعوين؛ في مشاهد رائعة وحميمية ترافقها أصوات مبدعة في ترديد أناشيد وابتهالات ومدائح دينية وتكبيرات والصلاة والتسليم على النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم. كما يرفع الحاضرون أكف الضراعة، سائلين العلي القدير أن تشمل رعايته العرسان، وأن يغدقهم برحماته وينزل بين الزوجين الرحمة والسكينة. وتقدم لهم بالمناسبة من قبل أئمة ومشائخ ومضات إرشادية حول دور الأزواج في المجتمع، سيما ما تعلق منه بالمساهمة في ترسيخ قيم التضامن الاجتماعي وتعزيز أسس المجتمع المسلم. وتُهدى للعرسان الذين يظهرون في منظر رائع يصنعه سحر اللباس التقليدي، "هدايا الزواج"، التي عادة ما تكون على شكل منتجات إلكترو-منزلية يحتاجون إليها في بداية مشوارهم في عش الزوجية. وتُوجت مراسم الزفاف الجماعي بمتليلي بتنظيم حفل ختان لنحو عشرين برعما، إلى جانب تنشيط باقة من البرامج الفنية والثقافية المتنوعة. ومن ضمن فقراتها معارض لمنتجات تقليدية، وعروض في سباق الخيالة بالبارود (الفنتازيا).