مشاركة نوعية للجزائر في دورة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا    الدورة الوطنية للرياضات الكروية بتامزوغة: تتويج ثلاثي المنتخب الوطني ورباعي الثنية (بومرداس) باللقب    العاب القوى/ ملتقى ستانيسلاس الدولي: الجزائري غواند يحقق توقيت شخصي جديد في سباق 800م    كرة القدم/ نهائي كأس الجزائر-2025 : اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد : تشكيلة الفريقين    المعرض العالمي أوساكا 2025 : الصناعة التقليدية والوجهة السياحية الجزائرية تسجل حضورها باليابان    أزيد من 50 بالمائة من المشتركين في الانترنيت الثابت موصولون بتقنية الألياف البصرية حتى المنزل    ميناء الجزائر: إعادة تشغيل ثلاثة أرصفة لتعزيز قدرات معالجة الحاويات    الذكرى ال 63 لاسترجاع السيادة الوطنية : الجزائر تعزز أمنها المائي بمشاريع استراتيجية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57338 شهيدا و135957 مصابا    الذكرى ال 63 لعيدي الاستقلال والشباب: وضع حجر الأساس وتدشين عدة مرافق بغرب البلاد    السيد بوغالي : ذكرى عيد استقلال الجزائر مبعث فخر لشعب أبي    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: رئيس الجمهورية يترحم على أرواح شهداء الثورة التحريرية    السيد حيداوي يشرف على احتفالية بمناسبة إحياء الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية    فتح باب الترشح للدورة السادسة لجائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية    المهرجان الوطني للشباب الفكاهي بسوق أهراس: "عالم الفئران" يتوج بجائزة أحسن عرض متكامل    توقرت: قطاع الصحة يتدعم بعيادة طبية نموذجية متعددة الخدمات    تجربة نموذجية في المرافقة الصحية للعمال    استحداث 54 ألف منصب عمل خلال ستة أشهر    اهتمام إسباني بضم رامز زروقي    "الكاف" تحتفي بمجيد بوقرة قبل موعد "الشان"    محليو "الخضر" يحضرون بالجزائر ويواجهون الكونغو وديا    مصنع الدراجات النارية والكهربائية بقسنطينة يدخل الخدمة    59 حالة وفاة غرقا بالشواطئ والمجمّعات المائية    الشرطة الإسبانية تضبط 15 طنا من الحشيش مصدرها المغرب    ضبط أزيد من قنطار من الكيف قادم من المغرب    ضرورة استقاء المعلومات من المصادر الرسمية    دعوة صريحة للإبادة الجماعية    "ميدل إيست أي" ينشر فضائح المغرب التطبيعية مع الكيان الصهيوني    تكريم المتفوقين وحث على البعد الأكاديمي العالي في التكوين    21 مليارا لترميم مسجدي "الكتانية" و"سيدي عفان" وزاوية "حفصة"    البهجة في المحروسة    الإسراع في تأسيس مجلس الأعمال الجزائري- الفنزويلي    الزخم الذي حظيت به القضية الصحراوية بمجلس حقوق الإنسان يجب أن يساهم في الضغط على الاحتلال المغربي    افتتاح الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر العاصمة للشباب بساحة "مقام الشهيد"    الصحراء الغربية: تزايد في الدعم الدولي والاعلام الصحراوي ينجح في كسر حصار الاحتلال المغربي    جيجل: وفاة 4 أشخاص واصابة 35 آخرين بجروح في حادث انقلاب حافلة    قانون التعبئة العامّة في مجلس الأمة    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    شرطة الجلفة توقف مروّجين للمخدرات    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    الجيش يُوجّه ضربات موجعة لبقايا الإرهاب    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57012 شهيدا و134592 مصابا    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    المغرب من يعرقل الحل في الصحراء الغربية    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    توأمة بين البلديات..انطلاق قافلة ثقافية من تيميمون باتجاه مدينة أقبو ببجاية    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجزائر، الدولة والنخب" لناصر جابي
قراءة أخرى للتاريخ والواقع
نشر في المساء يوم 20 - 12 - 2008

يعتبر كتاب "الجزائر الدولة والنخب" لمؤلفه ناصر جابي محاولة لتحديد مستويات وحصر إشكالات تساهم في تفسير ولو جزئي لما حصل في الجزائر من عنف وإرهاب وانتكاسة للتنمية، وتدهور في أداء مؤسسات الدولة والمجتمع وبروز سلوكيات مضطربة فردية وجماعية، وكانت الانطلاقة من الفئات الاجتماعية ذات الدور المحوري كالنخب والانقسام الذي تعانيه لأسباب يشرحها الكاتب.
يشهد مجتمعنا على غرار المجتمعات العربية والمغاربية - خصوصا - تحولا مشهودا يتمثل في جزئين، الأول هو التحول من نمط التاريخ الملحمي كما تجسد في الواقع وفي التمثل الذهني نحو نمط التاريخ النثري والمحايث له، والثاني هو التحول من نمط المركزية والمحورية الذاتية المجسدة في التركيز على الدولة القومية أو الوطنية إلى نمط الانتشار والانسياب عبر المنظومة الدولية، ويرافق هذان التحولان تبدل عميق في نمط السيرة الذاتية أو في السردية الخاصة بتمثل المجتمعات لتاريخها من جهة وتمثلها لواقعها اليومي المعايش من جهة أخرى.
مع هذا التحول المزدوج تتغير مفاهيم وطرق التفكير وموضوعات البحث في العلوم الاجتماعية، وتترك المؤلفات الاجتماعية التاريخية مكانها للمعاينات المباشرة للوقائع ودراسة القوى والتحولات الاجتماعية اليومية ويحل مبضع النقد، نقد الذات ونقد الواقع محل مشاريع التفريط وتفخيم الذات وأناشيد النصر الأسطورية.
يرى مقدم الكتاب المفكر الكبير الدكتور برهان غليون أن الجزائر التي شهدت تجربة من أهم تجارب التحرير ثم التحديث العربية في النصف الثاني من القرن ال20 كما عرفت إحدى أعمق أزمات هذه الحداثة السريعة والمسلوقة وأكثرها عنفا وانتشارا، تظهر عملية الانتقال من أنماط الوعي والتمثل الذهني القديمة أكثر عنفا من أية منطقة أخرى وتولد أشكال الوعي والتفكير الجديدة ملفعة بالشكوك وتتماهى مع الرؤى والمناهج التفكيكية التي تنكر على التاريخ والواقع أية معان كلية.
في موازاة سقوط الوهم الأسطوري عن التاريخ تتقدم أيضا عملية سقوط الوهم عن أسطورة الدولة المركزية القومية أو الوطنية، وتراجع مفهوم وفاعلية الدولة الأمة التي شكلت محور نشاط النخب العربية الاستقلالية. يجري ذلك مع تقدم عملية العولمة التاريخية وتصاعد وزن الديناميكيات العابرة للحدود وما قامت بتكوينه وإعادة تكوينه من مؤسسات وقوى عولمية الطابع قبل نهاية الحرب الباردة وبعدها بشكل خاص، وهي ديناميكيات قوية ومتنامية وضعت الدولة القوية أمام مأزق تاريخي وأجهضت عملية تكوينها في معظم قارات العالم التي تأخرت فيها حركة التكوين القومي عن تلك التي شهدتها الأمم الكلاسيكية، وسواء تعلق الأمر بديناميكيات رأس المال أو بديناميكيات تدفق موارد القوة العسكرية والسياسية والثقافية والسكانية والمعلوماتية فإن النتيجة هي ضمور متزايد لدور الدولة المركزية وقدرته على رسم المصير العام، وتداخل العوامل الداخلية والخارجية أو تشابك علاقات القوة الذي يزيد من اختراق المجتمعات ويفتح فرصا متزايدة لنشوء مجتمعات صغرى ذات درجة كبيرة من الاستقلالية داخل المجتمعات الكبرى، وعلى هامش تراجع قوة الدولة المركزية والمحورية يتراجع المجتمع الكلي أمام بروز المجتمعات الجزئية المهنية والإثنية والحركات الاجتماعية، بل إن المجتمع لا يعني شيئا خارج شذراته المتعددة والمتباينة، وفي صراعها للحصول على جزء من الموارد المادية أو المعنوية التي لا تتوفر لها في بيئتها المحلية أو المجتمعية الكلية.
يتضمن الكتاب عدة أبحاث ابتداء من إعادة النظر في التاريخ الاجتماعي والسياسي للجزائر بدءا من الحقبة الاستعمارية لتفسير الكثير من المعطيات التي أعيد إنتاجها بعد الاستقلال، خاصة على مستوى تطور الفئات الوسطى وتعبيراتها السياسية والثقافية الرمزية والمؤسساتية، أو لفهم الأدوار والوظائف التي قامت بها هذه الفئات غير المتجانسة أصلا، أو تلك التي فشلت في القيام بها خلال مراحل حساسة من تاريخ المجتمع والدولة في الجزائر.
كما أكدت الأبحاث موضوع التشوهات التي أنتجها التاريخ الاستعماري على أكثر من صعيد كالانقسامية التي ميزت عمليات إنتاج الفئات الوسطى المتعلمة على وجه الخصوص والقطاعية التي عكستها هذه الانقسامية اللغوية والقيمية على الدولة والمجتمع كالأحزاب.
يحمل هذا الكتاب ذو 159 صفحة من الحجم المتوسط مقومات البحث الاجتماعي الجديد البعيد عن التأويلات الكلية التجريدية التي طبعت التجارب السابقة، ليدخل في عمق الوقائع ويبحث في العمليات الجزئية واليومية التي يتم من خلالها بناء المواقع والقوى وشبكات القوة والرمزيات المجتمعية.
للتذكير، فإن ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، باحث بمركز الدراسات في الاقتصاد التطبيقي للتنمية، صدرت له عدة مؤلفات في الجزائر والخارج حول الحركات الاجتماعية، الانتخابات والنخب السياسية والنقابية.
يشهد مجتمعنا على غرار المجتمعات العربية والمغاربية - خصوصا - تحولا مشهودا يتمثل في جزئين، الأول هو التحول من نمط التاريخ الملحمي كما تجسد في الواقع وفي التمثل الذهني نحو نمط التاريخ النثري والمحايث له، والثاني هو التحول من نمط المركزية والمحورية الذاتية المجسدة في التركيز على الدولة القومية أو الوطنية إلى نمط الانتشار والانسياب عبر المنظومة الدولية، ويرافق هذان التحولان تبدل عميق في نمط السيرة الذاتية أو في السردية الخاصة بتمثل المجتمعات لتاريخها من جهة وتمثلها لواقعها اليومي المعايش من جهة أخرى.
مع هذا التحول المزدوج تتغير مفاهيم وطرق التفكير وموضوعات البحث في العلوم الاجتماعية، وتترك المؤلفات الاجتماعية التاريخية مكانها للمعاينات المباشرة للوقائع ودراسة القوى والتحولات الاجتماعية اليومية ويحل مبضع النقد، نقد الذات ونقد الواقع محل مشاريع التفريط وتفخيم الذات وأناشيد النصر الأسطورية.
يرى مقدم الكتاب المفكر الكبير الدكتور برهان غليون أن الجزائر التي شهدت تجربة من أهم تجارب التحرير ثم التحديث العربية في النصف الثاني من القرن ال20 كما عرفت إحدى أعمق أزمات هذه الحداثة السريعة والمسلوقة وأكثرها عنفا وانتشارا، تظهر عملية الانتقال من أنماط الوعي والتمثل الذهني القديمة أكثر عنفا من أية منطقة أخرى وتولد أشكال الوعي والتفكير الجديدة ملفعة بالشكوك وتتماهى مع الرؤى والمناهج التفكيكية التي تنكر على التاريخ والواقع أية معان كلية.
في موازاة سقوط الوهم الأسطوري عن التاريخ تتقدم أيضا عملية سقوط الوهم عن أسطورة الدولة المركزية القومية أو الوطنية، وتراجع مفهوم وفاعلية الدولة الأمة التي شكلت محور نشاط النخب العربية الاستقلالية. يجري ذلك مع تقدم عملية العولمة التاريخية وتصاعد وزن الديناميكيات العابرة للحدود وما قامت بتكوينه وإعادة تكوينه من مؤسسات وقوى عولمية الطابع قبل نهاية الحرب الباردة وبعدها بشكل خاص، وهي ديناميكيات قوية ومتنامية وضعت الدولة القوية أمام مأزق تاريخي وأجهضت عملية تكوينها في معظم قارات العالم التي تأخرت فيها حركة التكوين القومي عن تلك التي شهدتها الأمم الكلاسيكية، وسواء تعلق الأمر بديناميكيات رأس المال أو بديناميكيات تدفق موارد القوة العسكرية والسياسية والثقافية والسكانية والمعلوماتية فإن النتيجة هي ضمور متزايد لدور الدولة المركزية وقدرته على رسم المصير العام، وتداخل العوامل الداخلية والخارجية أو تشابك علاقات القوة الذي يزيد من اختراق المجتمعات ويفتح فرصا متزايدة لنشوء مجتمعات صغرى ذات درجة كبيرة من الاستقلالية داخل المجتمعات الكبرى، وعلى هامش تراجع قوة الدولة المركزية والمحورية يتراجع المجتمع الكلي أمام بروز المجتمعات الجزئية المهنية والإثنية والحركات الاجتماعية، بل إن المجتمع لا يعني شيئا خارج شذراته المتعددة والمتباينة، وفي صراعها للحصول على جزء من الموارد المادية أو المعنوية التي لا تتوفر لها في بيئتها المحلية أو المجتمعية الكلية.
يتضمن الكتاب عدة أبحاث ابتداء من إعادة النظر في التاريخ الاجتماعي والسياسي للجزائر بدءا من الحقبة الاستعمارية لتفسير الكثير من المعطيات التي أعيد إنتاجها بعد الاستقلال، خاصة على مستوى تطور الفئات الوسطى وتعبيراتها السياسية والثقافية الرمزية والمؤسساتية، أو لفهم الأدوار والوظائف التي قامت بها هذه الفئات غير المتجانسة أصلا، أو تلك التي فشلت في القيام بها خلال مراحل حساسة من تاريخ المجتمع والدولة في الجزائر.
كما أكدت الأبحاث موضوع التشوهات التي أنتجها التاريخ الاستعماري على أكثر من صعيد كالانقسامية التي ميزت عمليات إنتاج الفئات الوسطى المتعلمة على وجه الخصوص والقطاعية التي عكستها هذه الانقسامية اللغوية والقيمية على الدولة والمجتمع كالأحزاب.
يحمل هذا الكتاب ذو 159 صفحة من الحجم المتوسط مقومات البحث الاجتماعي الجديد البعيد عن التأويلات الكلية التجريدية التي طبعت التجارب السابقة، ليدخل في عمق الوقائع ويبحث في العمليات الجزئية واليومية التي يتم من خلالها بناء المواقع والقوى وشبكات القوة والرمزيات المجتمعية.
للتذكير، فإن ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، باحث بمركز الدراسات في الاقتصاد التطبيقي للتنمية، صدرت له عدة مؤلفات في الجزائر والخارج حول الحركات الاجتماعية، الانتخابات والنخب السياسية والنقابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.