بالرغم من مباشرة المصالح المعنية وعلى رأسها مديرية الصيد لولاية الجزائر عملية تهيئة وتدعيم موانئ الصيد بالعاصمة وتخصيص مبالغ مالية هامة لرد الاعتبار لها حيث يشرف المخطط الاستعجالي الذي سطرته على الانتهاء، فإن نقائص ومشاكل عديدة لاتزال تميز هذه الأخيرة، خاصة ميناءي الجميلة بعين البنيان وميناء رايس حميدو، حيث يمارس الصيادون مهنتهم في ظروف صعبة بسبب ضيق مساحة رسو سفن الصيد، وانتشار النفايات وغياب الكهرباء والماء وغيرها من وسائل العمل، بينما يُطرح مشكل التسيير الذي يجمع بين موانئ الصيد والترفيه والنزهة في نفس الوقت. سمحت الزيارة الميدانية التي قمنا بها رفقة لجنة الفلاحة والصيد البحري بالمجلس الشعبي لولاية الجزائر، باكتشاف العديد من المشاكل التي تحول دون تطوير نشاط الصيد البحري على مستوى مختلف الموانئ، على غرار ميناء سيدي فرج الذي يستقبل بواخر الولايات الساحلية الأخرى، التي لا تملك أماكن للراحة في موانئها، مما جعل هذا الأخير يعرف ازدحاما كبيرا، حيث يوجد 300 قارب صيد مركون به، بالإضافة إلى العديد من الطلبات التي تصل إدارة الميناء الذي يعاني الفوضى والمزج بين بواخر الصيد والترفيه، كونه مسيَّرا من طرف مؤسسة التسيير السياحي، وعدم الفصل بين ما هو متعلق بقطاع الصيد والجانب السياحي، مما اعتبره الصيادون غير قانوني، ويطالبون بضرورة الفصل بين النشاطين لرد الاعتبار لهذا المرفق الهام والمعلم السياحي المعروف بالعاصمة.. فوضى في تسيير ميناء عين البنيان إذا كان ميناء سيدي فرج يعرف بعض النقائص الناتجة عن ضيق مكان رسو البواخر، فإن ميناء عين البنيان أصبح غارقا في المشاكل الناتجة عن فوضى التسيير، نتيجة توسيعه وتحويله من ميناء صيد إلى ميناء صيد ونزهة في نفس الوقت، مما أدى إلى خلق فوضى كبيرة، يقول محمد شيكاوي رئيس باخرة صيد ل «المساء»، مؤكدا على ضرورة الفصل بين الجانبين الترفيهي ونشاط الصيد، كل على حدة، ورفع النقائص، على غرار غياب الكهرباء عنه على خلاف باقي الموانئ، والماء الذي يُعد مادة ضرورية للصيادين والبواخر، فضلا عن التلوث الكبير الذي يشهده ميناء الصيد، وانتشار النفايات التي تتطلب حملات تنظيف واسعة بهذا الميناء الذي يضم ثلاث سفن جياب و23 أخرى خاصة بالمهن الصغيرة، وأنتج السنة الماضية، حسب إحصائيات تحصلت عليها «المساء»، حوالي 97 طنا من الأسماك، منها 27 طنا من أسماك القاع و12 طنا من أسماك السطح الصغيرة و29 طنا من الأسماك المهاجرة و21 طنا من القشريات و6 أطنان من الرخويات، لكن وضعه ليس على ما يرام، خاصة فيما تعلق برسو السفن وضيق المكان، في الوقت الذي ترسو بعض السفن منذ سنوات؛ حيث توجد في نزاع على مستوى العدالة مع مديرية الصيد البحري لولاية الجزائر، من أجل رفعه من الميناء، لأنها لا تنشط ولا يأتي بأي إضافة لقطاع الصيد، حيث أسرّت بعض المصادر ل «المساء» أن الأمر يتعلق بسفن تحصّل عليها أصحابها في إطار مشروع دعم الاقتصاد الوطني، أحدها من نوع سفن جياب، يحمل اسم «الدلفين الأبيض»، أكله الصدأ ومتوقف ومهمل منذ أعوام بالميناء، إلى جانب آخر يحمل اسم «الحاج عبد الله» متوقف أيضا بالميناء منذ مدة، في الوقت الذي يعاني الصيادون الحقيقيون من اكتظاظ وفوضى الركن. تهم متبادَلة بين الصيادين وشركة تسيير الموانئ من جهته، ذكر صياد يعمل منذ 2002 بهذا الميناء ل «المساء»، أن ضيق المكان الذي ترسو فيه السفن أثر على نشاطهم، إلى جانب غياب أماكن لربط البواخر، ومشكل الماء الذي أدى بالصيادين إلى جلبه من المطاعم لتزويد سفنهم، فضلا عن مشكل الكهرباء، والنفايات التي أدت إلى انتشار الجرذان، التي تتسبب في تمزيق وإتلاف شبكات الصيد، وهي مشاكل مطروحة منذ سنوات رغم أن شركة تسيير الموانئ تقبض مستحقات الخدمات من الصيادين. كما عبّر أغلب من تحدثنا إليهم من أصحاب بواخر الصيد والنزهة، عن رفضهم هذه الوضعية بهذا الميناء، الذي يستقبل أجانب وسياحا من مختلف الدول الأجنبية، مشيرين إلى أن غياب الإنارة ليلا والأمن، أدى إلى تعرض البواخر للسرقة. واقترح المعنيون أن يكون التسيير موحدا؛ إما بتكفّل البلدية بتسييره أو الشركة الوطنية لتسيير الموانئ، التي توجد في وضعية لا تعكس المبلغ المالي الهام الذي خُصص لإعادة تهيئتها. وقد استغل صاحب باخرة لنقل الأجانب والسياح بميناء جميلة بعين البنيان، فرصة زيارة لجنة الصيد البحري بالمجلس الشعبي الولائي، ليتحدث عن النقائص التي تسيء للسياحة بالعاصمة والجزائر بأكملها، منها النفايات المختلفة المنتشرة ووضعية الأرصفة المتدهورة، مؤكدا أن ما يحدث يسيء للسياحة بهذا الميناء الذي استحدث به شاطئ اصطناعي، مشيرا إلى حالات سرقة وغياب الكهرباء والماء، وحاويات في حالات متردية، وبيع الكحول، وانتشار المنحرفين بالمحلات الموجودة داخل الميناء، في وقت يتبادل الصيادون ومؤسسة تسيير الموانئ التهم فيما بينهم؛ حيث يشتكي الصيادون من غياب وسائل العمل الضرورية بالميناء، بينما يؤكد ممثل الشركة عدم دفع الصيادين المستحقات المترتبة عن الخدمات التي يستفيدون منها. مشرَّدون ومنحرفون بميناءي الجزائر ورايس حميدو أما ميناء رايس حميدو فلا شيء يوحي بأنه خضع للتهيئة وتم تسليمه السنة الجارية بالنظر إلى المشاكل التي يواجهها الصيادون، الذين استغلوا فرصة تواجدنا بعين المكان لمطالبة السلطات بالتدخل، أبرزها مشكل السيارات التي تمر بالطريق المحاذي له، ومخاطر أخرى تهدد الصيادين، الذين يتوقفون عن الصيد؛ كونهم غير محميين عند تساقط الأمطار، وغياب الأمن، وتحوّل هذا المرفق إلى مكان لتعاطي الخمر من طرف المنحرفين، بينما ينتظر الكثير من أصحاب مهن الصيد الصغيرة، الحصول على رخص لاستغلال مخازن الميناء 28 التي سُلمت منها 10 إلى حد الآن، حسب مديرة الصيد لولاية الجزائر ربيعة زروقي، التي استمعت لانشغالات الصيادين بمسمكة الجزائر، التي لا تخلو هي الأخرى من مشاكل، أبرزها دخول المشردين الذي حوّلوا إحدى زوايا الميناء إلى مكان لهم، مما جعل الروائح تنتشر بقوة نتيجة تعليمة من ولاية الجزائر، تنص على ترك أبواب المسمكة مفتوحة، مما جعلها مقصدا لكل من هبّ ودب، حيث طرح ممثل عن غرفة الصيد لدى ميناء الجزائر بشدة، مشكل الأمن على مستوى الميناء، الذي أصبح ملجأ لأشخاص من دون مأوى، ومحلا لرمي الفضلات، علاوة على ظاهرة التلوث في البحر بسبب المواد التي تُرمى فيه من طرف بعض المؤسسات. الصيادون لا يدفعون إلا 30 بالمائة من مستحقات رسو البواخر في رده على انشغالات الصيادين أوضح رشيد توهامي ممثل عن مؤسسة تسيير الموانئ وملاجئ الصيد البحري بولاية الجزائر التي تشرف على ثلاث موانئ هي ولايات الجزائر وبومرداس وتيبازة، أوضح ل «المساء» أنه تم وضع مخطط استعجالي للاستثمار وتهيئة مختلف الموانئ وتوفير الضروريات بها، مشيرا إلى أن ميناء جميلة بعين البنيان لم يتم بعد الوصول إليه، لكن المشكل القائم الآن هو في تحصيل المستحقات، والعمل بقانون المالية ل 1988، الذي يفرض مبلغ 27.50 دج للمتر المربع مقابل رسو باخرة صيد في ثلاثة أشهر، حيث يدفع صاحب باخرة بطول 20 مترا مبلغا لا يتجاوز 4000دج في الثلاثي، وأغلب الصيادين لا يدفعونها، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق الاستثمار إذا استمر هذا الوضع وعدم مطالبة الصيادين بتجديد رخصة الصيد لاسترجاع الأموال، وأن النفايات يتسبب فيها الصيادون أنفسهم، وأن شاحنة المؤسسة تقوم يوميا برفعها كل صباح لكنها تنتشر من جديد بسبب تهاونهم ولا مبالاتهم. كما أوضح أن بهدف القضاء على الاكتظاظ بموانئ ولاية الجزائر، تم استحداث ما يسمى مخطط الرسو، بهدف توفير الأمكنة بالميناء لرسو عدد أكبر من بواخر الصيد وبواخر النزهة، غير أن هذا المخطط لم يطبق بسبب تجميد الغلاف المالي، ورفض الصيادين تغيير أمكنتهم المتعلقة بالرسو. وأوضح أن مؤسسة تسيير الموانئ وملاجئ الصيد البحري بولاية الجزائر، لا تتحصل كل سنة إلا على نسبة 30 بالمائة من مستحقات رسو البواخر، حيث إن عددا كبيرا من الصيادين لا يدفعون هذه المستحقات التي تُقدر ب 4000 دج كل ثلاثة أشهر.