يعرض وزير المالية عبد الرحمان راوية، اليوم، بالمجلس الشعبي الوطني نص مشروع قانون المالية 2019، في جلسة علنية تتبع مباشرة بالشروع في مناقشة أعضاء الهيئة البرلمانية لهذا النص والتي من المقرر أن تستغرق يومين كاملين، فيما يهدف النص إلى مواصلة تدعيم التنمية الإقتصادية والإجتماعية وتشجيع التضامن الوطني، لا سيما من خلال تكريسه فيما بين الجماعات المحلية. وسيتم بعد عرض الوزير تقديم تقرير لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني، بما يتضمن من اقتراحات وتعديلات على بعض مواد النص، فيما سيرد وزير المالية، على أسئلة وملاحظات نواب المجلس الشعبي الوطني غدا الإثنين، بعد استكمال المناقشة على أن تتم المصادقة على نص مشروع القانون يوم الخميس المقبل حسب برنامج عمل المجلس. وشكل مشروع قانون المالية موضوع عدة جلسات استماع من طرف لجنة المالية للمجلس الشعبي الوطني لعدة وزراء و مديرين عامين تابعين لوزارة المالية، حيث يتعلق الأمر بالمديرين العامين للضرائب والميزانية والخزينة والجمارك والمحاسبة وأملاك الدولة. ويعتمد مشروع قانون المالية 2019 على إطار حذر للاقتصاد الكلي، ويقترح نفقات ميزانية بانخفاض طفيف مقارنة مع السنة السابقة، مع الإبقاء على السياسة الاجتماعية للدولة. ويعتمد المشروع على سعر مرجعي لبرميل النفط ب50 دولارا ومعدل نمو ب2,6 بالمائة ومعدل تضخم ب4,5 بالمائة. وعلى صعيد الميزانية يتوقع مشروع القانون إيرادات ب6508 مليار دينار بارتفاع طفيف مقارنة بسنة 2018، منها 2714 مليار دينار جباية بترولية. أما نفقات الميزانية المتوقعة فتقدر حسب النّص ب8557 مليار دينار بانخفاض طفيف مقارنة ب2018. وتقدر ميزانية التسيير ب4954 مليار دينار بارتفاع بسيط يرجع للوضعية الأمنية على الحدود وإلى ارتفاع التحويلات الاجتماعية، حيث تم تخصيص غلاف مالي ب1763 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية مقابل 1760 مليار دينار سنة 2018، أي ما يعادل 21 بالمائة من مجموع ميزانية الدولة للسنة القادمة. وتغطي ميزانية التحويلات الاجتماعية أكثر من 445 مليار دينار موجهة لدعم العائلات و290 مليار دينار للمتقاعدين و500 مليار دينار للصندوق الوطني للتقاعد، و336 مليار دينار للسياسة العمومية للصحة وأكثر من 350 مليار دينار للسياسة العمومية للسكن، فضلا عن حوالي 300 مليار دينار مخصصة لنفس القطاع من طرف الصندوق الوطني للاستثمار. أما ميزانية التجهيز فهي تنقسم إلى 3602 مليار دينار من أرصدة الدفع و2600 مليار دينار من رخص البرامج الموجهة لمشاريع جديدة أو لإعادة تقييم المشاريع. وحسب معدي مشروع القانون فإن الانخفاض الإسمي في ميزانية التجهيز لا يعكس تراجعا في السياسة العمومية للاستثمار ولكنه يرجع لانخفاض ب300 مليار دينار في الميزانية المخصصة السنة الماضية، لتطهير المستحقات على عاتق الدولة. وتتجلى أهمية ميزانية التجهيز لسنة 2019 في استمرار جهود الدولة لصالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية لاسيما من خلال تخصيص 625 مليار دينار لدعم التنمية البشرية وقرابة 1000 مليار دينار للدعم متعدد الأشكال للتنمية الاقتصادية، و100 مليار دينار للمساهمة في التنمية المحلية. ويسجل رصيد الخزينة المتوقع للسنة القادمة عجزا يقارب 2200 مليار دينار. ويتوقع مشروع قانون المالية 2019 نفقات ب7804,04 مليار دينار وإيرادات ب6746,27 مليار دينار، منها 2816,7 مليار دينار جباية نفطية لسنة 2020، ونفقات ب7893,01 مليار دينار وإيرادات ب6999,93 مليار دينار منها 2883,65 مليار دينار جباية نفطية لسنة 2021. تشجيع القطاع الصناعي ومحاربة التهرب الضريبي وفي جانبه التشريعي يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2019، إجراءات تهدف لتحسين تسيير المالية العمومية وتعزيز محاربة التهرب الضريبي وتشجيع القطاع الصناعي. ففي إطار محاربة التهريب الضريبي للمؤسسات، أدرج مشروع القانون جهازا ضد الإفراط، من شأنه أن يحد من خصم بعض الأعباء (مالية وغيرها) التي تقدمها المؤسسات الخاضعة لضريبة الدخل على المؤسسات. ويتعلق الأمر بالحد من تكاليف المساعدة التقنية والمالية، وكذا الحد من خصم الفوائد المالية المدفوعة للمؤسسات أو بين المؤسسات ذات الصلة. ومن بين التدابير الرئيسية الواردة في ذات المشروع تلك التي تخص تشجيع الإنتاج المحلي للمدخلات في صناعة الطاقة المتجددة بهدف تشجيع الإدماج الوطني. ويراجع هذا الإجراء معدلات الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة بهدف السيطرة على استيراد المكونات الوسيطة (الوحدة الكهروضوئية) والمنتوج النهائي (المولد الكهروضوئي). وفيما يخص التنمية المحلية يقرر مشروع القانون تعزيز نظام التضامن ما بين الجماعات المحلية للحد من اللامساواة بين الجماعات المحلية، وبالتالي ضمان التوازن الميزانياتي للجماعات المحلية المحرومة. ويسمح تحقيق هذا التضامن المالي بين البلديات للجماعات المحلية التي لديها فائض في الإيرادات مقارنة باحتياجاتها، بمنح إعانات لفائدة الجماعات المحلية التي تعاني من صعوبات مالية. وفيما يتعلق بقطاع الصناعة يقترح مشروع القانون مطالبة المؤسسات المنتجة للسلع بالكشف عن البيانات المتعلقة بالإنتاج المادي والمدخلات المستعملة، مع إعداد تقرير سداسي عن نشاطاتها يوجه إلى المديريات الولائية المكلّفة بالصناعة. ويندرج هذا الاقتراح ضمن الجهود التي تبذلها وزارة الصناعة والمناجم، من أجل إرساء قاعدة بيانات موثوقة حول إنتاج القطاع الصناعي الوطني، مع العلم أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي قاعدة بيانات موثوقة ما يعيق وضع استراتيجية صناعية للدولة. وفيما يتعلق بالسكن يقدم مشروع قانون المالية 2019، إجراءين يخول الأول للخزينة التكفّل بمعدل الفائدة بنسبة 100 بالمائة للقروض الممنوحة من طرف البنوك العمومية في إطار إنجاز الشطر الخامس من 90 ألف سكن من برنامج «عدل»، فيما يتعلق الإجراء الثاني بالسكن الإيجاري الترقوي والذي يستفيد من دعم الدولة، لا سيما الامتيازات المتعلقة بمنح الأراضي والإعانات في إطار القروض التي تمنحها البنوك للمقاولين العقاريين المكلفين بتنفيذ برامج السكن. على صعيد آخر ينص مشروع القانون على إعفاء مؤسسات النّقل الجوي للمسافرين والبضائع وكذلك الفروع التابعة لها والتي تمارس أنشطة تتعلق بالنّقل الجوي من الرسوم والضرائب المستحقة الدفع عند شراء وإصلاح «خارج الوطن» للمحركات والمعدات وقطع الغيار والمعدات الأرضية اللازمة لهذه الطائرات أثناء التشغيل. ومن شان هذا الإعفاء تكييف النظام الجمركي المطبق على المؤسسات الوطنية مع النظام الذي اعتمدته البلدان المجاورة وهذا لتطوير القدرات التنافسية لشركات الطيران الوطنية. كما يسمح مشروع القانون لصندوق الاستثمار الوطني بمنح قروض طويلة الأجل (تصل إلى 40 سنة) بمعدل مدعم وهذا من أجل تعزيز قدرات الصندوق لدفع المعاشات، مع العلم أن السلطات العمومية اتخذت عدة تدابير بهدف تحقيق توازنه المالي على المدى الطويل وكذا تحسين التغطية المالية للنظام الوطني للمعاشات.