أشلاء ممزقة، جثث مفحمة، جرحى، نسوة مصدومات، بنايات مهدمة، سيارات مفككة وأرض ملطخة بالدماء··تلك هي المشاهد المؤثرة التي خلفها الانفجار الانتحاري الإرهابي الذي استهدف مكتب الأممالمتحدة، وخلف حالة من البكاء، الحزن والهلع بحي الواحات بحيدرة بالعاصمة، أمس· كانت عقارب الساعة تشير إلى حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا عندما وقعت الكارثة التي لم ينتظرها أحد، عندما اقتحمت شاحنة ذات صهريج حي الواحات الهاديء متجهة نحو مدخل مكتب الأممالمتحدة حسبما أكده شهود عيان ل " المساء"، الذين قالوا أن الشاحنة زادت من سرعتها لما اقتربت من المدخل حيث لم تفلح محاولات أعوان الأمن لتوقيفها باعتبار أن التوقف أمام هذا المقر ممنوع، غير أن سائق هذه الشاحنة لم يكترث للأمر وراح يقتحم قبو مكتب الأممالمتحدة ليحدث الإنفجار دويا قويا سمع على بُعد كيلومترات من المكان، هو ما ترك حفرة تجاوز عمقها مترا وأدى إلى تفحم الشاحنة التي كانت معبأة بكمية كبيرة من المتفجرات على ما يبدو بالنظر إلى حجم ما خلفته من قتلى وجرحى لا يزالون في قاعات الانعاش منهم موظفون جزائريون وأجانب بالمكتب إلى جانب سكان الحي· وقد انهار الجزء الأكبر من مبنى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة وعدة منازل مقابلة له كما تضررت عمارة تضم محلات منها مقهى للأنترنت ووكالة للسياحة والسفر التي تم استغلال مقرها لوضع الجثث قبل نقلها للمستشفى· وطيلة تواجدنا بالمكان الذي كان يتوافد عليه من حين لآخر أقارب الضحايا للإطمئنان على ذويهم، شدت أنظارنا كميات كبيرة من الحديد المتفحم المبعثر هنا وهناك والتي يبدو أنها بقايا للمتفجرات و هياكل السيارات التي أتلفت وتفحمت خلال العملية والتي قدرها شهود عيان بحوالي 33 سيارة إلى جانب سكنات ومبان تهدمت، لترسم مشاهد مأساوية لا تختلف عن تلك التي خلفها زلزال بومرداس في ماي 2003، وهو مازاد من حالة القلق والهلع وسط بعض سكان الحي الذين نجوا بأعجوبة وكذا وسط النسوة اللواتي تعالى صراخهن وبكاؤهن على الموتى·· ونحن ندخل الحي وجدنا إمرأة في عقدها الرابع داخل سيارة تتحدث من هاتفها النقال تبكي وتصرخ وهي تخبر قريبة لها "أمي وأبي توفيا"·· وقد وجدت سيارات الإسعاف في اللحظات الأولى من وقوع الإنفجار صعوبة كبيرة في الدخول إلى الحي لإنقاذ الجرحى بسبب ضيق الطريق وكثرة الازدحام المعهود بحيدرة، قبل أن تتدخل الشرطة لقطع الطريق وتحويل سيارات المواطنين نحو اتجاه آخر لتمكين سيارات الإسعاف والحماية المدنية من أداء واجبها وهو ما جعل المواطنين وسكان الحي الذين نجوا يتدخلون لإنقاذ الضحايا وأخذهم إلى المركز الطبي علوة بحيدرة قبل وصول الإسعاف الذي حوّلهم إلى بعض مستشفيات العاصمة· كما استعانت مصالح الشرطة العلمية والحماية المدنية بكلاب مدربة للبحث عن جثث المفقودين المتواجدين تحت الأنقاض الذين صعب البحث عنهم بسبب تساقط الجدران·