أجمع المقربون من الرئيس الراحل هواري بومدين أن مساندة الجزائر الدائمة واللامشروطة لقضايا تحرر الشعوب في شتى قارات العالم جعلت من الجزائر "قبلة للثوار" وملاذا لكل أحرار العالم . وفي الندوة التي نظمتها منظمة "مشعل الشهيد" أول أمس في مقر يومية "المجاهد" إحياء للذكرى 30 لوفاته تحت عنوان "الرئيس الراحل بومدين وقضايا تقرير المصير"، أجمع المتدخلون على أن الرئيس الراحل بومدين كرس حياته لمناصرة الشعوب المكافحة من أجل تقرير مصيرها ومد يد المساعدة لها علنية وخفية. وفي هذا السياق بدأ السيد جلول ملايكة أحد رفقاء الرئيس الراحل مداخلته بتذكير الحاضرين من برلمانيين ومنتخبين محليين وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر ببعض ما قام به هذا الرجل "الثائر" في مجال مناصرة الشعوب من كافة القارات حتى قبل الاستقلال حيث التقى بالزعيم نلسن مانديلا في الحدود الغربية للجزائر. وذكر السيد ملايكة بالمناسبة التي قيلت فيها المقولة الشهيرة "الجزائرقبلة للثوار" لصاحبها أميل كال كابرال زعيم المقاومة في غينيا بيساو في إحدى زياراته للجزائر في ستينيات القرن الماضي حيث قال "إذا كان المسلمون يحجون الى مكةالمكرمة والمسيحيون الى الفاتيكان فإن الثوار يحجون الى الجزائر". واستمر السيد ملايكة مداخلته بالتذكير بدور الرئيس بومدين الرائد في العالم بأسره في مناصرة قضايا التحرر لدرجة أنه رفض إقامة علاقات دبلوماسية مع البرتغال التي كان يحكمه الديكتاتور سلازار بسبب استمراره في احتلال العديد من الدول الإفريقية. وركز السيد جلول ملايكة على "السمعة والمكانة المرموقة" للديبلوماسية الجزائرية التي "لعبت دورا كبيرا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي دعما ومساندة للشعوب المستعمرة ولحركات التحررية في كل القارات" وحتى ما قام به الرئيس الراحل من فتح أبواب الثكنات لتدريب مكافحيها عسكريا وسياسيا. وفيما يخص مساندة الشعب الفلسطيني في قضيته ذكر المتدخل بالمقولة المشهورة للرئيس الراحل "نحن مع فلسطين ظالمة أومظلومة" وبالمجهودات الكبيرة التي بذلها الراحل من أجل افتكاك تمثيل الشعب الفلسطيني من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وحدها في إحدى القمم العربية. وفيما يخص قضية الصحراء الغربية قال المتدخل أن الرئيس الراحل يعتبرها قضية تقرير مصير وإنه سعى بطرق ديبلومسية الى إقناع الجنرال فرانكو حاكم إسبانيا آنذاك "للاعتراف بأن قضية الشعب الصحراوي هي قضية تصفية الاستعمار وفقط". أما السيد عبد الرزاق بوحارة الذي أكد بدور الرئيس الراحل "الرائد" في مناصرة الشعوب في تقرير مصيرها مقدما شهادته في هذا المجال خاصة في منطقة الهند الصينية حيث كان سفيرا للجزائر في السبعينات. وفي هذا الصدد أوضح السيد بوحارة مجهودات الرئيس الراحل في إقامة علاقات مع كل دول منطقة الهند الصينية التي كانت تعيش آنذاك حركية تحرر واسعة حيث استجاب الرئيس الراحل - حسب المتدخل - لطلب القادة الفيتناميين بقيام الجزائر بإقامة علاقات مع الجانب الآخر المتمثل في حكومة اللاووس للتقرب من الحكومات الغربية وقتها بهدف مساعدة الفيتنام في كفاحها التحرري . وشدد السيد بوحارة من خلال روايته لشهاداته أن الرئيس بومدين كان له "علاقات شخصية محترمة مع الكثير من الثوار في القارات الخمسة للعالم". ومن جهتها دعت السيدة أنسية بومدين أرملة الرئيس كل رفقائه إلى ضرورة كتابة ذكرياتهم عن الرئيس الراحل ليعرف الشباب قيمة بلادهم الجزائر ورجالها مشددة على ما يتميز به الراحل بومدين من "براقماتية" في سياسته لأنه - كما قالت - كان يشدد دائما على "الفعل قبل الكلمة" . أما ممثلا سفارة دولة فلسطين في الجزائر وممثل جبهة البوليزاريو فقد أشادا بمواقف الرجل الثابتة الى جانب قضيتيهما وكل القضايا التحررية في العالم.