تماثل حركتها حركة الريشة المنسابة التي تقودها أنامل مبدعة شربت الفن مع حليب أمها، لتترعرع باحثة عن كينونتها بين الألوان التي عشقتها حتى أصبحت جزءا منها. تلك هي الفنانة الشابة غنية بودبزة ابنة مدينة جيجل التي تعودت عيونها على رؤية الجمال ولسانها على التسبيح بعظمة الخالق. المساء التقتها بدار الثقافة لولاية جيجل حيث تدرس الأطفال الذين يبحثون عن مدخل لولوج عالم الرسم وأجرت معها هذا الحوار: - في البداية ماهو سر علاقتك بالريشة؟ * منذ أن كنت أزاول دراستي في الطور الأول من المرحلة الابتدائية وجدت نفسي أهوى الرسم فكنت ارسم في كل مرة المرأة الريفية وهي تؤدي عملها في بيتها أو حديقتها. وكانت تلك الرسومات من إملاء الذات، وحتى بعد أن أصبحت شابة وحصلت على شهادة الدراسات التطبيقية في الفنون التشكيلية فرع المنمنمات وبقيت مصرة على هذه الرسومات ربما كانت المرأة مصدر إلهامي وحبي للحياة وابتعادي عن شجوني، ولا أخفيك تعلقي بأمي وحبي لنمط حياتها وأنا ابنة القرية الفلاحية "شرشور" التي تقع بدائرة الطاهير، وقد ألهمت بها لغنى طبيعتها ووفرة ألوانها التي ساعدت على نماء عطائي وموهبتي وولوعي بالريشة والخلو الى عالم الألوان. - هذا واضح في أعمالك المعروضة ها هنا بدار الثقافة حيث شعرنا أنك تكنين كثيرا من الحب والاحترام للأم وللمرأة الجزائرية عموما بما تحمله من عرف وتقاليد، فهل هي صور مستعادة من حياة الصبا مع الأم؟ * فعلا أنا متأثرة بحياة الأمهات في الريف اللائي تطغى عليهن مختلف أشكال الرومانسية بعيدا عن الحياة المتناقضة، وأنا أهوى الحياة التقليدية لأنها جميلة ومغذية للروح بألوانها البهية وبساطتها، فهي تستدعي الذات الفنية بطبيعتها من دون تكلف. - ترسمين وجوها لنساء جيجل وأخرى لمنطقتي القبائل، فما سبب هذا التنوع وهذا الجمال؟ * عندما درست في معهد الفنون الجميلة بولاية باتنة بدأت آنذاك بالترحال مع نفسي، اجوب عوالم الآخرين عبر الألوان، ومن كثرة التأمل وقعت في تمازج داخلي صنعته نفسيتي، ومن ثم تمكنت من رسم لوحات فنية فيها من التقارب بين الثقافات، ولم لا والجزائريون يكادون يمتلكون نمط معيشة واحد، غير أني أحب الفن التصغيري مستعملة الزجاج، الخشب، الرمل، والأصداف البحرية، كما في هذه اللوحة التي ترمز الى حياة الفنان منذ العصر الحجري الى يومنا، وأنا لا أكتفي بحصر نفسي في أحد الألوان من الرسم، لأن الفنان الحقيقي يجب أن يكون منفتحا على عوالم الإبداع، خفيف الروح ويهوى كل جميل وعليه بتطوير نفسه بنفسه. - من وجدت غنية إلى جانبها يقود خطاها في عالم الرسم؟ * لا أنكر تشجيع العائلة لي وخاصة أبي الذي وجدت فيه الدعم الكافي، فهو يمتلك الذوق ويحب الألوان على الرغم من أنه فلاح بسيط. - ماهي الألوان التي تستهويك؟ * أهوى الأزرق والألوان الدافئة وأحبذها منسجمة وأصب عليها اهتمامي كي تبدو على تناسق كبير. - ماهي اللوحات التي ظلت قريبة منك على امتداد مشوارك الفني؟ * رسمت قرابة 300 لوحة، غير أنني اعتز بلوحة "النوافذ" التي لم أستطع بيعها رغم الأسعار التي اقترحت علي بشأنها، ولوحة "ابتسامة" التي استغرق إنجازها ثلاثة أشهر وهي كما ترى تضم أحد البيوت التقليدية وسط طبيعة مدينة جيجل التي لا تخلو من زرقة البحر. - حدثينا عن مشاركتك في المعارض؟ * شاركت في مختلف صالونات الفن التشكيلي، والتظاهرات الثقافية داخل الوطن والتي منها فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007، وتظاهرة ما بين الولايات التي أقيمت مؤخرا بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، وقد بلغ مجموع المعارض التي شاركت فيها حوالي 30 معرضا. - وأمانيك ماهي؟ * أمنيتي تشريف ولاية جيجل في هذا المجال، وأن أنجح في توجيه تلاميذي نحو الاهتمام بالدراسة أولا، ثم الولوج في عالم الرسم وفق سلم المراحل حتى التحسن، وأنا متيقنة من نجاحهم.