تجمع مئات المواطنين من مختلف الأعمار والفئات أمس بدار الشعب المقر الوطني للاتحاد العام للعمال الجزائريين تضامنا مع سكان غزة، وامتزج النشيدان الوطنيان وعلما البلدين، وأطلق المجتمعون رسائل مساندة للمقاومة والمطالبة بنصرتها، وفي غمرة ذلك الحماس أعلن الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية السيد سامي أبو زهري "انه لا استسلام رغم البطش والحصار". وردد أبو زهري أمام الحشد الكبير من المواطنين "أقولها من الجزائر بلد الثورة والثوار أنهم يريدوننا (المقاومة) أن نرفع الراية البيضاء، ونحن نعلنها من الجزائر أنه لا استسلام رغم البطش والحصار"، وتجاوب معه المجتمعون بهتافات "بالروح بالدم نفديك يا غزة"، وأخرى تطالب بمسيرات شعبية في جميع مناطق الوطن لإسماع صوت الشارع الجزائري الرافض لمنطق القوة الذي تفرضه آلة الاحتلال الصهيونية مدعومة من طرف القوى الكبرى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبادرت إلى تنظيم التجمع الضخم أربعة أحزاب سياسية هي أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم) وحزب العمال إضافة الى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وسجل أمس حضور العديد من الفعاليات السياسية وأعضاء في الحكومة وممثلين عن منظمات للمجتمع المدني. ورغم الأمطار الغزيرة التي تهاطلت أمس على العاصمة إلا أن مئات المواطنين لم يتوانوا في التوجه الى دار الشعب للتعبير عما يختلج في نفوسهم إزاء ما يحدث على بعد آلاف الكيلومترات منهم وبالتحديد من اعتداءات على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ورفعوا الشعار المشهور للرئيس الراحل هواري بومدين الذي رفعت صورته جنبا الى جنب مع الراحل ياسر عرفات "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" وردد المشاركون شعارات تندد بالحصار على غزة يا شباب يا شباب إسرائيل هي الإرهاب و"يا صهيون شدوا رحالكم عن فلسطين فهي ليست لكم". وتناوب على أخذ الكلمة أمام الحشد الكبير من المواطنين أكثر من متدخل ومسؤول سياسي، وكان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أول المتدخلين قائلا "إن الجزائر شعبا ودولة كانت مع القضية الفلسطينية" وقال مخاطبا الصامدين في غزة "رغم الدم والدمار... فلا تيأسوا ولا تحزنوا فالنصر آت لأن قضية فلسطين قضية الأمة ودماء الشهداء لن تهدر". ودعا بلخادم مختلف القوى الفلسطينية إلى توحيد موقفها في هذا الظرف التاريخي الحاسم بالنسبة لأم القضايا العربية وقال "لا تخذلوها ولا تمنحوها إلا للمقاومة". وطالب في نفس السياق الدول العربية باتخاذ مواقف حازمة مؤكدا أن "السلطان والحكم زائلان وأن العار باق". ووجه السيد بلخادم كلاما منتقدا للقوى العظمى الداعمة للكيان الصهيوني "ليس هكذا تعطى الدروس في حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في الحياة" وطالبهم بإيقاف المحرقة اليهودية. وباسم التجمع الوطني الديمقراطي دعا الناطق الرسمي السيد ميلود شرفي الذي مثل الأمين العام السيد أحمد أويحيى في هذا التجمع إلى وحدة الصف الفلسطيني والعربي لمواجهة العدوان الإسرائيلي، موضحا أن الجزائر ستبقى دوما الى جانب الشعب الفلسطيني في محنته. وبدوره أكد رئيس حركة مجتمع السلم السيد أبو جرة سلطاني في كلمة مقتضبة على نصرة الجزائر لإخوانهم الفلسطينيين تطبيقا لمقولة الراحل هواري بومدين "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، وتجاوب أبو جرة سلطاني مع مطلب الجماهير الداعي إلى تنظيم مسيرات في كل أرجاء الوطن تعبيرا عن رفض المحرقة اليهودية مؤكدا في السياق دعم كل الفعاليات الوطنية للمقاومة وقال "نحن مع المقاومة، نحن ثائرون ومناضلون". وتجاوب الحشد الكبير من المواطنين مع خطاب الأمينة العامة لحزب العمال السيدة لويزة حنون التي اعتمدت في خطابها على شعارات قوية ومعبرة وردد معها الجمهور شعارات "فلسطين الشهداء ... فلسطين الشهداء" "يا شباب يا شباب إسرائيل هي الإرهاب"، اعتبرت ما يحدث في قطاع غزة وصمة عار على جبين الأمة العربية التي عجزت إلى غاية اللحظة في وقف العدوان الصهيوني، بل أكثر من ذلك اتخذت طريقا غير تلك التي كان يجب أن تسلكها. وأكدت في سياق آخر أن الجزائر لم تتخلى ولن تتخل عن القضية الفلسطينية، ودعت إلى دعم المقاومة بالسلاح في كل أراضي فلسطين. وانتقدت استعمال كلمة التضامن فالقضية ليست قضية تضامن بل قضية أمة حسب قولها. وأعلن السيد صالح جنوحات الأمين الوطني المكلف بالمالية في الاتحاد العام للعمال الجزائريين عن مساع يقوم بها الاتحاد للتوصل الى موقف موحد للنقابات العالمية للضغط على المجموعة الدولية لإيقاف مجزرة غزة وأشار إلى أن الأمين العام السيد عبد المجيد سيدي سعيد متواجد بالعاصمة السورية دمشق قصد بحث الموضوع في إطار الاتحاد الدولي للنقابات العرب. وتجاوب الحشد الكبير من المواطنين على عدة فترات مع المتدخلين إلى درجة أن بعض المتدخلين وجدوا صعوبة في إيصال رسالتهم. واستقبل الجمهور الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية السيد سامي أبو زهري استقبال الأبطال ورددوا معه شعارات تدعو إلى نصرة المقاومة، التي أعلن لن تستسلم بل ستواصل كفاحها وصمودها وقال "قاومنا وسنظل نقاوم، فهذه الحرب جاءت لكسر شوكة المقاومة لكن لن نركع ولن نموت". ومرر السيد زهري أمام الجمع الغفير من المواطنين رسالة مفادها أنه من الجزائر "نرد على الجبناء، ونؤكد أنه لا حرية دون دفع الثمن"، وأضاف "نحن ندرك أن الحرب شرسة لكن سنبقى ثابتين، والمقاومة ستكون عند حسن ظن الجماهير الجزائرية". وما ميز هذا التجمع الضخم هو تفاعل الجماهير مع الموقف المعبر عنه من طرف جميع الفعاليات السياسية التي بادرت الى تنظيم التجمع، وهذا التعبير الصادق هو الذي جعل المشاركين ينصرفون في هدوء مما جنب تسجيل أية انحرافات كما كان الشأن في مناسبات عدة.