رؤوس تقطع وأطراف علوية وسفلية تبتر وبطون تبقر وأجساد تحترق بمجرد شم رائحة دخان أسلحة وقنابل إسرائيلية ونزيف داخلي حاد لا يمكن اكتشافه بالأشعة للمصابين إلا بعد فوات الأوان دون الحديث عن درجة الترويع التي تتركها كل هذه الأسلحة على نفسية الفلسطينيين. هذه مشاهد من سيل من مظاهر التقتيل الإسرائيلي وتعد سوى مجرد الجزء الظاهر من جبل المذبحة المقترفة طيلة ثلاثة أسابيع ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة لان ما خفي أعظم ولا يستبعد أن تظهر بشاعتها بعد انسحاب الآلة العسكرية الإسرائيلية من مدن القطاع الجريح. والأخطر من ذلك أنها مشاهد مروعة ونتاج أسلحة محظورة دوليا بنص اتفاقيات دولية مصادق عليها وأخرى تجرب لأول مرة ضد سكان قطاع غزة بهدف إجرامي بقناعات نازية لمعرفة مدى نجاعتها في ابادة البشر. ولم يتوان مجرمو الكيان الإسرائيلي السياسيين منهم والعسكريين في استخدامها لابادة المدنيين الفلسطينيين بدعوى أنها تحدث عمليات جراحية في قلب المدن ذات الكثافة السكانية العالية وتجنيب المدنيين إصابتهم بها. وهي الكذبة الكبرى التي تسعى حكومة الفاشي اولمرت إلى الترويج لها، وقد تأكد ذلك بالفعل من خلال تلك الصور المروعة التي لا يقوى أي ادمي على مشاهدتها إلا وزادت في تقززه من درجة الهمجية الإسرائيلية في مشاهد لأطفال رضع ونساء ورجال مقعدين تمت ابادتهم بحروق فاقت في بشاعتها فظاعة غرف الغاز النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وهي صور لمصابين كان استشهادهم أفضل لهم أن يعيشوا بعاهات مستديمة ولكنها ستبقى رغم ذلك بمثابة دليل حي في وجه هذا العالم على الطبيعة الدموية لاولمرت وباراك وليفني الذين حولوا كل قطاع غزة بسكانه المليون والنصف إلى مختبر مفتوح لأفتك ما أنتجته مصانع الأسلحة الأمريكية. وعجز الأطباء الفلسطينيون الذين أصبحوا شهودا على هذه المجزرة الرهيبة على تحديد طبيعة الإصابات والأسلحة المستعملة والتي أصبحت فيها قنابل الفوسفور الأبيض عادية مقارنة مع أسلحة أخرى تجرب لأول مرة بتزكية أمريكية لمعرفة مدى فعاليتها على العرب في فلسطين. وهي الحقيقة الفظيعة التي أكدها عنان المصري وزير الصحة في حكومة حركة حماس المقالة في قطاع غزة وأكد أن نوعية الإصابات تؤكد أن إسرائيل تستخدم سلاحا غير اعتيادي في هجماتها العدوانية. وأضاف أن الإصابات في كثير من الأحيان تخلف حروقا شديدة جدا لافتا الانتباه إلى أن وزارة الصحة تبحث عن حقيقة هذه الأسلحة. وكانت منظمات حقوقية وطبية دولية أكدت في وقت سابق أن إسرائيل استخدمت الفسفور الأبيض خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة. ولكن لا احد طالب بإقامة محكمة جزاء دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في إسرائيل والاقتصاص منهم جرائم الحرب والابادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية المقترفة ضد الأطفال والنساء في قطاع غزة تماما كما حدث لمجرمي الحرب في عدة بؤر توتر في العالم الذين حوكموا ومازال بعضهم متابعا إلى حد الآن. ولكن من يجرؤ على محاكمة شارون واولمرت وليفني وباراك ومجرمي الحرب في جنوب لبنان وحتى العراق وأفغانستان مادام الجلاد هو نفسه القاضي يحاكم من يريد ويتغاضى عمن يريد بل ويزكي جرائم مفضوحة بدعوى أنها دفاع عن النفس.