ينتظر أن تفتح الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية فيينا تحقيقا معمقا حول استعمال الجيش الإسرائيلي لقنابل مشبعة بمادة اليورانيوم غير المخصب ضد المدنيين الفلسطينيين خلال عمليات قصفها للمدن والقرى الفلسطينية في قطاع غزة. وحركت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء على طلب لسفراء الدول العربية الأعضاء في الوكالة الذين طالبوا في مذكرة اتهام بفتح تحقيق حول استعمال إسرائيل لذخيرة مشبعة بمادة اليورانيوم غير المخصب. وقالت ميليسا فلمينغ الناطقة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية امس ان مصالح الوكالة المختصة ستفتح تحقيقا في إطار إمكانياتها المتاحة. وكان السفير السعودي في الوكالة قدم المذكرة الاتهام باسم الدول العربية الى المدير العام لوكالة الطاقة الذرية المصري محمد البرادعي حيث شرعت الوكالة في توزيع مضمونها على كل الدول الاعضاء. واكدت فليمينغ ان صيغة التحقيق وآلياته سيتم الاتفاق عليها بين الدول الاعضاء. وتفادى اسرائيل ميكائيلي سفير ادارة الكيان الصهيوني في الوكالة التعليق على هذه المذكرة. يذكر ان الذخيرة المبشعة بمادة اليورانيوم الضعيف التخصيب لها مضاعفات اكبر من الذخيرة العادية وتتسبب في الإصابة بحروق والتهابات في الجلد عادة ما تؤدي مع الزمن الى ظهور أعراض سرطانية خبيثة تؤدي بالمصابين بها الى الموت المحتوم. واكدت منظمة الصحة العالمية ان من بين آثار الذخيرة المشعبة باليورانيوم غير المخصب حدوث التهابات حادة للكلى والرئتين وظهور امراض خبيثة يصعب معالجتها. واكدت المنظمة ان الاطفال يبقون اكثر عرضة للإصابة بمثل هذه الامراض على اعتبار ان جزيئات اليورانيوم كثيرا ما تبقى في الارض وخاصة في المساحات التي يلعب فيها هؤلاء والذين يقومون بلمس افواههم واستنشاقها. وجاء انكشاف هذه الفضيحة بعد فضيحة استعمال قوات الاحتلال لقنابل فوسفورية المحرمة دوليا والتي ألقتها مقنبلات ال"أف16". الإسرائيلية على مدرسة الفاخورة في مدينة جباليا في شمال قطاع غزة وخلفت استشهاد 43 طفلا في أفظع جريمة ضد الإنسانية تقترفها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين. وتحسبا لأية متابعات قضائية لاحقة ضدهم أمرت قيادة الجيش النازي الإسرائيلي أمس منع نشر أسماء وصور الضباط الإسرائيليين قادة الوحدات الجوية والخاصة والبرية المتورطين في هذه الجرائم لمنع متابعتهم قضائيا بتهم اقتراف جرائم حرب في حال مغادرتهم فلسطينالمحتلة. وجاء القرار الإسرائيلي بعد تصريحات الأمين العام الاممي بان كي مون الذي طالب بفتح تحقيق معمق لمحاكمة مجرمي الحرب الذين اقترفوا مجزرة مدرسة الفاخورة. وقال بان كي مون لدى تفقده لهول المذبحة التي غدرت بالاطفال والنساء الفلسطينيين انه يتعين القيام بتحقيق معمق وإحالة المسؤولين عليها أمام هيئات قضائية مختصة للاقتصاص منهم. وقال مصدر في الأممالمتحدة أن المنظمة ستختار واحدا من بين خمس شخصيات دولية لإجراء تحقيق في هذه الجرائم من بينهم "الرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري أو المفوضة السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ماري روبنسون أو الرئيس السابق لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" بيتر هانسن. وكانت ثماني منظمات حقوقية إسرائيلية طالبت المدعي العام الإسرائيلي بفتح تحقيقات جنائية ضد تصرف وحدات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والمساس بحياة السكان المدنيين". وفي محاولة لتخفيف درجة الضغط والتمويه على هذه الجرائم زعم جيش الاحتلال انه شرع في تحقيق داخلي لتحديد المسؤولية على الاستعمال المكثف لقنابل الفوسفورية ضد المدنيين الفلسطينيين. وقالت مصادر إسرائيلية أن التحقيق يشمل عمليات قصف استهدف أحياء في شمال قطاع غزة واقتصر القصف فيها على القنابل الفوسفورية. وقالت تقارير حربية ان قوات اسرائيلية استعملت قذائف مدفعية مشبعة بمادة الفوسفور بنسب محدودة من عيار 155 ملم وقذائف هاون بعيار 120 ملم المشبعة بهذه المادة الفتاكة على صحة الإنسان والحيوان وحتى الجماد. وأكدت المصادر ان النوع الثاني استعمل بشكل مكثف في عمليات قنبلة وقصف لأحياء في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة وهو ما أدى الى تعرض المصابين الذين بقوا على قيد الحياة بحروق أثارت دهشة كل الفرق الطبية الفلسطينية والدولية التي تطوعت للتخفيف من معاناة هؤلاء والذين سيحتفظون بآثارها على أجسادهم مدى الحياة. واتهمت منظمة امنيستي في تقرير لها بعد زيارة ميدانية الى قطاع غزة مباشرة بعد وقف اطلاق النار اسرائيل باقتراف "جرائم حرب" بسبب استعمالها مثل هذه القنابل المحظورة. وقال كريستوفر كوبسميث الخبير في الأسلحة الذي ترأس وفد امنيستي الى غزة اننا شاهدنا بقايا هذه القنابل وآثار الفوسفور في ركام وانقاض البنايات المقصوفة. وقال ان هذه المادة السامة تؤثر مباشرة على قلب الانسان ورئتيه وكبده وكليتيه دون الحديث عن الحروق التي تتركها في اجساد المتعرضين لها.