هكذا تدافع اسرائيل عن نفسها كشفت شهادات أطباء وخبراء وشهود عيان، أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أسلحة محظورة دوليا في عدوانه الوحشي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي والإنساني، يستوجب ملاحقة ومحاكمة القادة الصهاينة في محاكم خاصة. * واعترف طبيب نرويجي يعمل متطوعا في مستشفى الشفاء قبل أيام، "إن شكل الإصابات التي تصل إلى المستشفى يشير إلى احتمال استخدام إسرائيل لقنابل الكثافة المعدنية الخاملة، والتي تحدث ثقوبا في الأوعية الدموية وإصابات قاتلة لا ترى بالعين المجردة، ولا يكتشفها الأطباء". في حين أشار طبيب آخر إلى تشابه في جروح أطفال غزة وأطفال لبنان في حرب جويلية 2006، بالإضافة إلى ظهور أسلحة جديدة في حرب غزة لم يسبق استخدامها في لبنان. * ويؤكد خبراء آخرون أن إسرائيل استعملت في غزة 5 أصناف من الأسلحة المحرمة دولياً، وهي: أسلحة الفسفور الأبيض الحارق والسام، والأسلحة الانشطارية والقنابل العنقودية، وأسلحة إرتجاجية تالفة للأنسجة، وأسلحة الغازات السامة، وأخيراً أسلحة النابالم الحارق التي ألقيت صباح الأحد وسببت حرائق هائلة ودخانا يؤدي إلى الاختناق. * * الدكتور أحمد رأفت: "علينا التحرك لتفادي تجربة مذبحة جنين" * * لم يستغرب الدكتور أحمد رأفت، الخبير الاستراتيجي من استخدام إسرائيل للأسلحة المحظورة ضد الفلسطينيين في غزة، مادام أنها تخترق كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية وتضرب عرض الحائط بمواقف الرأي العام الدولي الذي خرج في مظاهرات ضخمة تنديدا بجرائمها في غزة. ويقول الخبير الفلسطيني في تصريحات ل "الشروق اليومي" إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب واضحة المعالم في القطاع، تعكسه جثث الأطفال التي يشاهدها العالم يوميا. * وعن كيفية التحرك لمواجهة هذا الإجرام ومحاكمة المسؤولين الصهاينة، يرى الدكتور أحمد رأفت أن ذلك يجب أن يكون في إطار وقفة عربية وإسلامية وعالمية، من خلال العمل بالتنسيق مع مؤسسات حقوق الإنسان في العالم ومع الهيئات المختصة في هذا المجال، حيث تتظافر الجهود من أجل توثيق ما يحدث من مجازر وإبادة ضد الفلسطينيين، وبعدها ترفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية لمحاكمة قادة إسرائيل على جرائمهم، ومنها استخدام أسلحة محظورة دوليا. * وطالب الخبير الفلسطيني جميع العرب شعوبا وأنظمة بالتحرك حتى لا يفلت هؤلاء من العقاب مثلما حدث لهم مع مذبحة مجزرة جنين منذ سنوات، والتي استشهد فيها 400 مدني فلسطيني، ومع ذلك لم يصدر ولا قرار دولي يدين قادة إسرائيل. * * الدكتور نبيل أبو خروفة: ما يفعله الصهاينة يلطخ سمعة القانون الدولي * * ومن جهته، يرى الدكتور نبيل أبو خروفة، وهو خبير في الشؤون الفلسطينية وأمين عام "الاتحاد الوطني الفلسطيني الدائم من أجل العودة" أن المؤسسات الدولية والقانونيين في العالم عليهم واجب أخلاقي وقانوني إزاء ما يحدث من جرائم وإبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وعلى هؤلاء أن يتحركوا؛ لأن ما يفعله الصهاينة يلطخ سمعة القانون الدولي والمؤسسات التي تمثله. واعتبر الدكتور نبيل في اتصال هاتفي مع "الشروق اليومي" أن ما يفعله قادة إسرائيل من جرائم يعتبر سابقة في القانون الدولي، مبرزا أن عملياتهم في غزة تصل إلى حد الإبادة الجماعية. * وانتقد محدثنا موقف الولاياتالمتحدة إزاء ما يجري في غزة، وقال إنها كقوة دولية لا تلعب دورا مسؤولا، بل إنها تستفرد بمؤسسات المجتمع الدولي وتشجع كيانا غاصبا في إرهابه وفي خرقه للقوانين والمواثيق الدولية. وأشار في نفس السياق إلى أن الولاياتالمتحدة قامت بإمداد إسرائيل بجسر جوي من السلاح والذخائر حتى تنفذ عملياتها الإرهابية ضد الفلسطينيين في غزة. * واعتبر الخبير الفلسطيني، وهو أيضا أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن الولاياتالمتحدة التي سرقت المنظمة الدولية وجعلت إسرائيل فوق القانون الدولي، يجب أن توضع هي أيضا في قفص الاتهام، مبرزا أنها تسعى من خلال معركة غزة إلى تطبيق مشروعها الشرق الأوسطي الذي يقضي بإخضاع المنطقة إلى سيطرتها وسيطرة حليفتها إسرائيل. * * فرنسا تطالب إسرائيل بالامتناع عن استخدام القنابل الفوسفورية * * دعت فرنسا إسرائيل الاثنين إلى الامتناع عن استخدام القنابل الفوسفورية في المعارك التي يشهدها قطاع غزة، مشيرة إلى تأثيرها السام على السكان. وقال اريك شوفالييه المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحافيين أن "فرنسا تشارك منظمة هيومن رايتس ووتش في مطالبتها السلطات الإسرائيلية بعدم استخدام هذه الأسلحة نظرا إلى طبيعتها السامة والكثافة السكانية في غزة ". * وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية في بيان "اتضح أن إسرائيل تستخدم الفوسفور الأبيض كستار من الدخان وهي وسيلة مسموح بها من حيث المبدأ في إطار القانون الإنساني الدولي. ولكن الفوسفور الأبيض يمكن أن يؤدي إلى حروق خطيرة. كما أن الكثافة السكانية الكبيرة في غزة تزيد مخاطر إصابة المدنيين". وأضافت المنظمة أن "استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المزدحمة بالسكان في غزة يعتبر مخالفا للالتزام الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحؤول دون إصابة أو قتل المدنيين". * * الفلوجة شاهد أولي على الجريمة * * استخدمت قوات الاحتلال الأمريكي الأسلحة المحظورة القاتلة ومنها الفسفور الأبيض خلال عدوان لها على بلدة الفلوجة عام 2004. ما تسبب بوقوع عشرات الشهداء والإصابات. فيما سمي بالمذبحة المخفية. وقد تسببت تلك المذبحة في ضجة عالمية كون البروتوكول الملحق بمعاهدة عام 1980 بشأن الأسلحة التقليدية، يحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد المدنيين أو ضد الأهداف العسكرية التي تقع وسط تجمعات سكانية. * وكانت بلدة خزاعة، شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة، قد قصفت منتصف ليل السبت إلى الأحد بهذا النوع من القنابل التي سبق أن استخدمت شمال قطاع غزة. وكشف العديد من الجرحى الفلسطينيين إن حرائق اندلعت وانبعثت غازات ودخان أبيض من القذائف التي أطلقتها قوات الاحتلال شرق خزاعة، والتي تستخدم لأول مرة في خان يونس منذ بدء العدوان. وبحسب المصابين، فإن قوات الاحتلال أطلقت عدداً كبيراً من القذائف التي انهالت على منازل المواطنين شرق المدينة وانبعث منها دخان كثيف حجب الرؤية بالكامل وتسبب بحالات اختناق وهستيريا لجميع سكان المربع السكني الذي سقطت فيه تلك القنابل. وفي كل مكان سقطت فيه إحدى القنابل اشتعلت نيران هائلة، وتحدث السكان عن احتراق نحو 10 منازل. واستمر تأثير الغازات السامة الناجمة عن هذه القنابل بعد وصول الطواقم الطبية وسيارات * الإسعاف التي أصيب عدد من أفرادها بحالات اختناق خلال محاولتهم إسعاف المصابين * . * مدير عام قسم الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة الفلسطينية ل"الشروق": * "القنابل الفسفورية والانشطارية تجهز على الناجين من القصف" * كشف الدكتور معاوية حسنين، مدير عام قسم الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة الفلسطينية ل"الشروق"، أن المصابين المنقولين إلى المستشفى للعلاج نتيجة تعرضهم لنيران الاحتلال الإسرائيلي يعانون من عدة أعراض خطيرة ناجمة عن القنابل الفسفورية وغيرها من الأسلحة المحظورة دوليا. * وقال الدكتور معاوية في اتصال هاتفي مع "الشروق" إن القنابل الإسرائيلية تصيب الفلسطينيين بإصابات بالغة وينتج عنها حالات إعاقة شديدة بسبب تعطل وظيفة الجهاز العصبي أو الحركي، وتخلف حروقا شديدة تتراوح ما بين الدرجة الثانية والدرجة الرابعة، مما يسبب تفحم المناطق المصابة، ويؤدي أيضا إلى تهتّك الجروح وتقرّحها وتشكلها بشكل غير مستو، كما يصاحب ذلك آلام شديدة وتدمير للأنسجة حتى العظام، وهذا ما يؤدي إلى موت المصابين بعد 4 إلى 5 أيام بسبب الآلام والأوجاع. * وأوضح رئيس مصلحة الاستعجالات في مستشفى "الشفاء" بغزة أن هذه الإصابات البالغة ناتجة عن التعرض للقصف بقذائف الفسفور الأبيض والقذائف الارتجاجية والقنابل ذات الشظايا الانشطارية والمسمارية التي تقذفها الطائرات والطرادات والقوارب والدبابات، وأنها تجعل من الصعب التعرف على جثث الشهداء بسبب التفحم الذي يصيبها جراء الحروق. * وفي السياق ذاته، قال الدكتور معاوية حسنين إن الجميع في غزة مستهدف بلا تمييز، وأشار إلى أن الأطفال الذين استشهدوا بلغ مساء أمس 283، إضافة إلى 95 امرأة و12 رجل إسعاف و4 صحفيين و3 أجنبيات، كما قال إن هناك 1485 طفلا جريحا و637 امرأة، وأن 413 جريحا هم في وضع صحي حرج للغاية، مؤكدا أن إسرائيل انتهكت اتفاقية جنيف، واستهدفت الطواقم الطبية التي لم تعد تملك أدنى حماية بسبب تعرضها المستمر للقصف من طرف الاحتلال الإسرائيلي. * معلومات عن بعض الأسلحة المستعملة في إبادة سكان غزة * الفوسفور الأبيض: * الفوسفور الأبيض مادة شمعية شفافة وبيضاء مائلة للاصفرار، لها رائحة تشبه رائحة الثوم وتصنع من الفوسفات. يتفاعل الفوسفور الأبيض مع الأكسجين بسرعة كبيرة، وتنتج عن هذا التفاعل غازات حارقة ذات حرارة عالية وسحب من الدخان الأبيض الكثيف. * في حال تلوث منطقة ما بالفوسفور الأبيض، فإنه يترسب في التربة أو في أعماق الأنهار والبحار وعلى الكائنات البحرية، مثل الأسماك، وهو ما يهدد سلامة البيئة والإنسان. * الفوسفور الأبيض يحرق جسم الإنسان ولحمه ولا يتبقى منه إلا العظام، كما أن استنشاقه لفترة قصيرة يسبب السعال ويهيج القصبة الهوائية والرئة، أما استنشاقه لفترة طويلة فيسبب جروحا في الفم ويكسر عظمة الفك. * وبالإضافة إلى كونه سلاحا محرقا، تنبعث من الفوسفور الأبيض أثناء اشتعاله سحابة كثيفة من الدخان تستغلها الجيوش للتغطية على تحركات الجنود. * وتحرم اتفاقية جنيف عام 1980 استخدام الفوسفور الأبيض ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء في المناطق التي يقطن بها مدنيون، وتعتبر استخدامه جريمة حرب. * استعمل هذا السلاح لأول مرة في القرن التاسع عشر من لدن من كانوا يعرفون بالوطنيين الإيرلنديين، وكان على شكل محلول عندما يتبخر يشتعل ويخلف حريقا ودخانا، ثم استعمله بعد ذلك في أستراليا عمال موسميون غاضبون. * القنابل العنقودية: * تعد القنابل العنقودية من الأسلحة غير التقليدية، وتتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء، وهي تستخدم للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص أو لإضرام الحرائق. والقنابل الصغيرة فيها يمكن أن تغطي منطقة كبيرة، ولكنها تفتقر إلى التوجيه الدقيق، ويتم قذفها من ارتفاعات متوسطة أو عالية بما يزيد من احتمالات انحرافها عن الهدف. أما معدل فشلها فيعتبر كبيرا، حيث يبلغ حوالي 5 %، بمعنى أن كثيرا منها لا ينفجر ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر بعد سنوات. * والقنبلة العنقودية متعددة التأثيرات من نوع CBU-87/B هي النوع القياسي الذي تستخدمه الولاياتالمتحدة الأميركية في عمليات القصف بإلقاء القنابل من الجو. وتزن القنبلة الواحدة 430 كلغ وتحمل قنابل عنقودية صغيرة من نوع LU-97/B 202، ويمكن لأنواع عديدة من الطائرات المقاتلة إلقاؤها. * ولتحسين مستوى دقتها، تقوم القوات الجوية الأمريكية بشراء أدوات لتصحيح اتجاهها عند إلقائها في الريح، وتثبت هذه الأداة في الذيل وتحتوي على أجهزة توجيه تمكنها عند رميها من ارتفاع 40 ألف قدم من تعديل وجهتها إلى منطقة الهدف من مسافة تبعد حوالي تسعة أميال، وما أن تقع القذيفة حتى تأخذ بالدوران بسبب زعانف الذيل، ويمكن أن يتفاوت معدل الدوران بين ست مراحل قد تصل إلى 2500 دورة في الدقيقة. وقد ضبطت العلبة كي تنفتح عند أحد الارتفاعات العشرة المحددة سابقا، والتي تبدأ من 300 قدم وتصل إلى 3000 قدم. ويحدد مستوى الارتفاع ومعدل الدوران المنطقة التي تنتشر فيها القنابل الصغيرة عندما تنفتح القنبلة.