الجزائر تستعد لدخول مرحلة جديدة يأمل الجميع أن تكون مرحلة التغيير النوعي الذي تتجاوز به كلّ معوقات التخلّف والجمود، والتجاوز هذا لا يتحقّق برجل واحدة، ولا يمكن دخول مسابقة مصيرية كهذه برجل عرجاء وبنفس ضيّق، بل المطلوب أن تكون الرؤية واضحة والطريق آمنة، والانطلاقة تمّ الإعداد لها ودراسة نسب النجاح دراسة تعتمد على العلم وليس على التهريج والفلكلور وحشر الناس في قاعة أوملعب أوساحة. هذه المرحلة الهامة في حياة أمّتنا لا ينبغي حصرها في هذا الشخص أوذاك، بل ينبغي أن ننظر إليها نظرة وطنية شاملة، يكون الشعب فيها مسؤولا عن خياراته لا مدفوعا بعاطفة الجهة ولا منطق العشائرية الضيّقة. الجزائر التي عانت كثيرا ومازالت رغم الجهود المبذولة والتي لا يمكن إنكارها أوالانتقاص منها إلاّ أنّها تبقى جهودا تستحق المزيد من الدعم والتحسيس الجماعي والمشاركة وليس التفرّج ثمّ النقد. إنّ مقاطعة الانتخابات المقبلة من طرف أحزاب كانت تظهر في الصورة السياسية بأنّها أحزاب لها صولتها وجولتها وأنّها من الوزن الثقيل لهو دليل على أنّ هذه الأحزاب قد رمت المنشفة قبل دخول اللعبة وأقرّت بالإفلاس السياسي، أوأنّها أدركت عدم صلاحية برامجها التي لم تعد ملائمة وتطلّعات الجماهير الشعبية التي لم تعد تنظر للرصيد التاريخي لهذا المرشّح أوذاك بقدر نظرتها إلى ما يقدّمه في برنامجه وما يقترحه على الشعب من حلول لمشاكله المعيشية والاجتماعية والثقافية في هذا العالم المتوحّش الذي فيه صراع المصلحة هو الغالب. المسؤولية ينبغي أن توضع عند من يستطيع تأديتها كاملة بعيدا عن الحسابات النفعية الخاصة التي يسارع الانتهازيون إلى اللعب بأوراقها كشركاء معتمدين من هذا الحزب أو ذاك، ويتحوّلون في وقت قصير إلى "مدّاحين وبرّاحين وقوّالين" يجوبون الوطن طولا وعرضا بينما وجهوهم تظهر فيها سيمة النفاق وعلامات الانتهازية فهم ليسوا بالسياسيين ولا المثقفين ولا المنتجين الذين يستثمرون أموالهم داخل الوطن، ما يعاب عليهم أنهم "حلابين طلابين" قنّاصين للفرص وهؤلاء لا خير فيهم قد يشوّهون الشخص المرشّح أكثر مما يخدمونه، ويسيئون إليه أكثر ما ينفعونه، ويفضون عنه الناس أكثر ما يجمعونهم عليه ويقطعون بينه وبينهم شعرة معاوية. القرآن الكريم جعل أمر المسلمين شورى فيما بينهم، لأنّ الأمر مسؤولية ثقيلة ينبغي أن يتحمّل نتيجة اختيارها الجميع، وأنّ كلّ مصوّت مسؤول عن اختياره ولا ينبغي أن يلقي باللائمة على هذا الجانب أوذاك. الشعب الجزائري جميعه سيكون مسؤولا عن اختياره الذي يختاره لمصيره في هذه المرحلة التي هي مرحلة شورى ومرحلة تحوّل لا ينبغي إهدارها والمغامرة بالوقت وبالوطن، فهل لدينا الوعي الكافي لننظر إلى المصلحة العامة قبل الخاصة وللوطن قبل الجهة وللإنسان الصالح الذي نوليه أمورنا دون أن تؤثّر فينا تطبيلات المدّاحين والقوّالين والحلابين ؟.