ما كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يترشح لعهدة رئاسية ثالثة لولا النداء الملح الذي تناهى إليه من أصقاع الوطن ومن مختلف فئات الشعب، يطالبه بمواصلة قيادة البلاد نحو شاطئ الأمان وإلى آفاق التنمية الرحبة. ولم يكن هذا النداء وليد الحشود الشعبية التي حضرت نهاية الأسبوع بالقاعة البيضاوية، حفل إعلان ترشحه، مستقلا للاستحقاق الرئاسي القادم، بل ذلك كان مجرد محصلة للنداء والمطالب المتكررة للسيد رئيس الجمهورية بمواصلة مسيرته في إدارة الشأن العام وحكم البلاد. لقد ارتفع صوت الشعب مناشدا الرئيس بمواصلة هذه المسيرة قبل إعلان رغبته في تعديل الدستور نهاية عام 2006، وكان الملاحظ والمواطن على حد سواء يلاحظ خلال كل الرئاسيات التي أداها رئيس الجمهورية إلى ربوع الجزائر وحرارة الاستقبالات الشعبية التي كانت تطالبه بالاستمرار وتزكيته لعهدة رئاسية ثانية من أجل مواصلة برنامجه في ترسيخ الأمن والسلم بكل شبر من الوطن وبالنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. والحقيقة أن حضور أكثر من 5000 مشارك يمثلون مختلف شرائح المجتمع الجزائري، حفل إعلان ترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة لعهدة، رئاسية ثالثة، كان مجرد عينة احتضنتها القاعة البيضاوية محمد بوضياف، وتعبر عن نداءات مختلف الفئات الاجتماعية والأطياف السياسية المعبرة عن الأغلبية الشعبية، لترشح من وسمه الشعب بثقته ومساندته في 4 اقتراعات عامة، هي الانتخابين الرئاسيييين 1999 و2004، واستفتاءي الوئام والمصالحة الوطنية. إن إلحاح الشعب على الرئيس بالترشح واستجابته له إنما هو استجابة لثقة متبادلة بين الرئيس والمرؤوس فما فتئت هذه الثقة تكبر وتتعزز من استحقاق وطني لآخر وظلت مع نداءات غالبية الفئات الاجتماعية. وليست هاته الثقة مجرد إحساس أو شعور فقط لدى الغالبية العظمى من الشعب بل هي إنجازات ملموسة استطاع الرئيس بوتفليقة على مدار عهدته الرئاسية، أن يجسدها على أرض الواقع، مما جعل الشعب كله يتحسسها ويعيشها إلى حد عدم التفريط في رؤية مسك كل خواتمها. إن الرئيس تمكن من كسب استمرار ثقة الشعب به، ليس بخطاباته البليغة والمؤثرة، فحسب وإنما بتجسيد ما يعبر عنها في إدارة شؤون الحكم والواقع التنموي وكذا سمعة الجزائر الدولية.. إن الرجل استغل منذ اعتلائه سدة الحكم سنة 1999 على ثلاثة أفكار رئيسة مكنته ليس فقط من تحقيق انجازات ضخمة وإنما من تعزيز ثقة الشعب فيه. لقد بدأها بالوئام المدني على المستوى السياسي والأمني وبمخطط الانعاش الاقتصادي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وإصلاح مؤسسات الدولة في إدارة شؤون الحكم. ليتم تفعيل هذه الأفكار الثلاث خلال العهدة الرئاسية الثانية، فعمد الرئيس بوتفليقة إلى ترقية الوئام المدني الى مصلحة وطنية. ومخطط الإنعاش الاقتصادي إلى برنامج دعم النمو، وإصلاح مؤسسات الدولة الى ارساء دولة القانون وتجسيد أساليب الحكم الراشد. ممارسة هذه الأفكار والوقوف عليها ميدانيا، ظلت بوصلة الرئيس في زيارته الميدانية المتكررة والمتعددة لولايات الوطن كلها، فاختار أن يقف بنفسه على انجازات هذه الافكار في الواقع المعيش متحسسا، شخصيا ما تحدثه من اطمئنان وراحة وأمل في نفوس المواطنين فكم من زيار ة وزيارة أداها الرئيس في هذا المجال، وكم من ابتهاج شعبي لقيه على مشاريعه وإنجازاته عبر ربوع الوطن. فقد أضحى كل جزائري يؤمن بانطلاقة اقتصادية قوية لبلاده توفر له الرخاء الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. وبالأرقام، صار الشعب يتحدث عن حشد 250 مليار دولار خلال 10 سنوات، منها 160 مليار دولار وجهت للاستثمارات العمومية في مختلف القطاعات وانخفضت بنسبة البطالة من 30 بالمائة الى 12 بالمائة، وتم توظيف 3.5 مليون من المستخدمين في الإدارات ومختلف القطاعات الاقتصادية، وتمكنت الجزائر بفصل سياسة الرئيس بوتفليقة من تحقيق 5 بالمائة نمو خارج المحروقات وفاق 6 بالمائة في السنتين الماضيتين. وتقلصت المديونية الخارجية من 29 مليار دولار سنة 1999 إلى أقل من 5 ملايير دولار، بينما تم تخفيض المديونية العمومية الخارجية الى أقل من 500 مليون مليون دولار. ولأول مرة يرتفع مخزون الصرف في تاريخ الجزائر إلى أكثر من 140 مليار دولار، يضاف إليه استقرار في قدرات الميزانية العمومية بتوفير الدولة ل 4000 مليار دج في صندوق ضبط الإرادات. وهذه بعض نتائج الثقة التي وضعها الشعب في الرئيس بوتفليقة وهي أيضا عربون ثقة من الرئيس الى شعبه الذي ناشده وألح عليه الترشح لعهدة رئاسية ثالثة.