انتهت فترة السوسبانس السياسي التي صنعها صمت رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن مسألة الترشح للرئاسيات والاستجابته من عدمها للمطالب الواسعة بترشحه سواء من قبل المجتمع المدني أو المنظمات الجماهرية أو احزاب التحالف الرئاسي. حيث قطع بوتفليقة الشك باليقين من خلال إعلانه أول أمس ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 9 أفريل المقبل ، جاء هذا الإعلان خلال تجمع شعبي حضره أكثر من 5 آلاف مواطن و إطارات سامية بالدولة، بالإضافة إلى الطاقم الحكومي ووجوه سياسية و جمعوية بالقاعة البيضاوية بمركب محمد بوضياف، وقد زينت هذه الأخيرة بالأعلام الوطنية والشاشات العملاقة إلى جانب اللافتات التي رفعت في أرجاء القاعة من قبل المواطنين باللونين الأبيض والأزرق تحمل شعارات- تعبيرا منهم على دعم ومساندة المترشح- من بينها « بوتفليقة رئيس» و « بوتفليقة الأمل المشترك ». ربع ساعة قبل الثالثة زوالا من مساء أول أمس كانت الدقيقة الحاسمة التي انتظرها الجزائريون منذ فترة، هي الدقيقة التي أعلن فيها رئيس الجمهورية ترشحه رسميا للرئاسيات للمرة الثالثة على التوالي بعد تلك التي كانت في 1999 و 2004 ، حيث أكد رئيس الجمهورية أنه من بين الأسباب التي دفعته للترشح لعهدة ثالثة بصفته مترشحا مستقلا مواصلة تطبيق برنامجه و يكون بذلك قد أدى واجبه المعنوي، كما تعهد بمواصلة ترقية المصالحة الوطنية و مواصلة مصالحة الجزائريين مع أنفسهم و مع وطنهم، مجددا عزمه على الاستمرار في التصدي لشرور الإرهاب بكل ما أوتيت الجزائر من قوة و وسائل .حيث قال رئيس الجمهورية :« كان يتناهى إليا من مختلف أصقاع الوطن و من مختلف فئات الشعب نداء يلح عليّ بمواصلة هذه المهمة، هذا النداء يشرفني بطبيعة الحال و لكنه ثقيل ، و لكنه صعب ، و لكنه ملزم ، و إذ أشكر كل الذين رفعوه إلى مسامعي خالص الشكر ، فإنني أقدر جسامة و صعوبة ما يُرجى مني، إنني أتوجه بأجزل الامتنان إلى أحزاب التحالف الرئاسي و المنظمات والجمعيات الوطنية ، و المنظمات و الجمعيات بتفرعاتها واختصاصاتها و منظمات أرباب العمل ، و المجتمع المدني و جميع المواطنين و جميع المواطنات الذين آثروني على أنفسهم و استجابوا لهذا النداء و استمدوا منه موقف و جهروا به صريحا مدويا و أضاف رئيس الجمهورية في خطابه و سط هتافات الحاضرين بعهدة ثالثة » سيتفهم الجميع أنه كان من الصعب عليا أن أُصم عن مثل هذا النداء الملح أو أن أولي الأدبار معرضا عن ما تعهدنا به إلى الأبد و قد يكون ذلك موقفا من الصعب اتخاذه أمام المجاهدين الذين ما يزالون على قيد الحياة و قد يكون ذلك بالدرجة الأولى سلوكا يتعذر عليّ معنويا الأخذ به أمام الشعب الذي وسمني بثقته الغالية و مساندته لي في أربع اقتراعات عامة أي في الانتخابين الرئاسيين عامي 1999 و 2004 ، و استفتاء الوئام المدني و المصالحة الوطنية ، ذلكم هو بالذات ما دعاني إلى أن أوطن نفسي بعون اللّه على الترشح للانتخاب الرئاسي الذي سيجرى في شهر أفريل المقبل، و ذلك بصفتي مرشحا مستقلا و من ثمة أكون قد أديت واجبي المعنوي و للشعب الخيار في إصدار قراره بكل سيادة و ديمقراطية من خلال انتخاب أفريل المقبل الذي سيتم لا ريب في نطاق الحرية والشفافية التامة و في هذا السياق قال رئيس الجمهورية لن يكون الرئيس رئيسا إلا إذا كان مدعما بثقة الأغلبية الساحقة للشعب و من هنا أهمية الانتخابات .كما تعهد بوتفليقة في إعلان ترشحه بمواصلة ترقية المصالحة الوطنية و متابعة مصالحة الجزائريين مع أنفسهم ومع وطنهم مجددا في ذات الوقت عزمه على الاستمرار في التصدي لشرور الإرهاب « بكل ما أوتينا من إمكانيات و وسائل». وكان المترشح بوتفليقة يلقي كلمته وسط تجاوب وتفاعل الجماهير التي كانت تصفق له تارة وتهتف بحياته تارة أخرى، فيما كانت أصوات مواطنين آخرين تنبعث من مختلف أرجاء القاعة تقاطعه بالتحية و بالإشادة بانجازاته وكذا بالحث على ضرورة مواصلة جهوده على رأس الدولة لعهدة رئاسية ثالثة. وقد أبدى بوتفليقة عزمه على « مواصلة الإصلاحات الهيكلية في مختلف القطاعات» مشيرا إلى أن « هناك مشاكل قد ظهرت يتعين اتخاذ إجراءات متعددة للقضاء عليها». كما التزم أيضا بمواصلة المجهود التنموي الاقتصادي الذي قال بأنه « سيكون مكثفا» مؤكدا أنه « بإمكان الجزائر أن تتطلع إلى تحقيق التنمية رغم الأزمة الاقتصادية العالمية». وبالنسبة له، فإنه من الأهمية بمكان العمل على القضاء على المشاكل و بناء اقتصاد قوي مؤكدا في هذا السياق بأن « الدولة ستستمر في تعبئة مواردها بصورة مكثفة مع مواصلة حشد الاستثمارات». وقال بوتفليقة في هذا الصدد « نعم لاقتصاد السوق» مؤكدا بالمقابل أن دور « الدولة في ضبط الاستثمارات « أمر ضروري . و بخصوص تعديل الدستور الأخير أكد بوتفليقة أن الدولة تلتزم بمواصلة كتابة التاريخ.و تعهد بمواصلة ترقية المصالحة الوطنية و مواصلة مصالحة الجزائريين مع أنفسهم و مع وطنهم، بالإضافة إلى مواصلة التحدي لشرور الإرهاب بكل ما أوتيت الجزائر من إمكانيات وسيضل الباب مفتوحا - أضاف بوتفليقة- لكل من يرغب بالعودة إلى أحضان وطنه. كما تعهد بوتفليقة بفتح المجال أوسع أمام المرأة التي تشكل نصف الهيئة الناخبة، وإصلاح الحكم في جميع الميادين و تعزيز سلطان القانون، بالإضافة إلى مواصلة المجهود التنموي من خلال توفير 150 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة و التخفيف من أزمة السكن ، والسعي إلى توفير 3 ملايين منصب شغل خلال السنوات القليلة المقبلة هذا ناهيك عن مواصلة معركة البناء والتشييد من خلال بناء المدارس الجامعات والمستشفيات. وختم المترشح كلمته في جو احتفالي بهيج تعالت فيه الهتافات والزغاريد وإطلاق للبالونات الهوائية في سماء القاعة البيضوية مما زاد الجو جمالا داخل القاعة.