أعلن نهاية الأسبوع المنقضي عبد العزيز بوتفليقة في حفل أسطوري حضره ما يزيد عن 10 آلاف من الأنصار والمؤيدين عن ترشحه لعهدة رئاسية جديدة وقراره دخول المنافسة الانتخابية كمرشح حر في انتخابات تعددية ونزيهة نزولا عند رغبة الأصوات التي ارتفعت تدعوه إلى الترشح لعهدة ثالثة، وقال "إنه كان من الصعب عليا أن أصم عن هذا النداء الملح". قبل الساعة العاشرة صباحا بدأ توافد أنصار ومؤيدي ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة على القاعة البيضاوية التي كانت جاهزة لاستقبال ضيوفها، كل شيء جرى تحضيره على طريقة الكبار والمحترفين، قاعة توشحت بالأبيض والأزرق في ديكور متناغم بين البساطة والدقة المتناهية التي تجعل من كل تفصيل في مكانه، سواء بالنسبة لتوزيع صور المرشح أو اللافتات التي تحمل شعارات الحملة أو البالونات البيضاء والزرقاء التي زينت القاعة أو المقاطع الموسيقية المختارة، وحتى موظفات الاستقبال كن في لباس موحد باللونين الأبيض والأزرق، وكما هي العادة اختار المنظمون حمامة السلام رمزا لحملة بوتفليقة الانتخابية. ولتفادي تسلل الملل إلى نفوس الحضور الذين وصلوا إلى المكان منذ الصباح الباكر قادمين من مختلف ولايات الوطن، حرص المشرفون على التجمع على بث نغمات موسيقية من مختلف الطبوع الجزائرية وسلسلة من الأغاني الوطنية تفاعل معها الشباب في جو حماسي أنساهم ساعات الانتظار الطويلة، وقبل منتصف النهار اكتظت القاعة بالمؤيدين والأنصار، أكثر من 10 آلاف مشارك قدموا للتعبير عن دعمهم لمرشحهم في الرئاسيات المقبلة وليتقاسموا معه هذه اللحظة التاريخية، كما اختار المنظمون عرض حصيلة الرجل في العهدتين المنقضيتين بالصوت والصورة ببث مقاطع لبعض خطاباته ولقطات من زياراته التفقدية التي جاب من خلالها مختلف ولايات الوطن على الشاشة العملاقة التي استقطبت أنظار الحضور. الساعة كانت تقترب من الثانية زوالا عندما بدا كل شيء جاهز لعرس أسطوري بكل المقاييس، وصول إطارات وقيادات أحزاب التحالف الرئاسي، ورؤساء تنظيمات المجتمع المدني والحركة الجمعوية التي أعلنت مساندتها لترشح بوتفليقة، وزراء في الطاقم الحكومي وشخصيات وطنية وتاريخية ووجوه فنية ورياضية، بينما اتجهت عدسات المصورين وأنظار الصحفيين إلى الرواق المخصص لدخول المرشح عبد العزيز بوتفليقة. وفي تمام الساعة الثانية و23 دقيقة كان دخول بوتفليقة القاعة، سار على بساط أزرق في الرواق الذي يتوسط القاعة، من دون حراسة، تحت تصفيقات الحضور وعلى أنغام أغنية "يا ناجح" التي أراد المنظمون من خلالها توجيه رسالة سياسية للمؤيدين والأنصار من جهة وللخصوم في الجهة المقابلة، بدا المشهد للحظات يحاكي حفلات وتجمعات كبار المترشحين للانتخابات الرئاسية في أوروبا وفي أمريكا، ويعد بحملة انتخابية على الطريقة العصرية، موسقى وديكور مميز تزينه البالونات والرسومات الضوئية. وقف بوتفليقة لتحية الجمهور متنقلا بين طرفي المنصة، بدا في صحة جيدة مفندا كل الإشاعات التي يروج لها خصومه، وكأنه يقول لكل هؤلاء "من يراهن على وهني فقد خسر الرهان"، توجه بعدها لإلقاء خطاب مطول عرج من خلاله على الحصيلة وعلى دواعي الترشح وآفاق البرنامج الانتخابي للعهدة المقبلة، وكعادته لم يتوقف بوتفليقة عند حدود نص الخطاب، خرج عن النص أكثر من مرة، كما لم يخل من روح الدعابة في مخاطبة الحضور. ذكر بوتفليقة في خطابه الذي استغرق 40 دقيقة من الزمن بالظروف التي تولى فيها شؤون البلاد قبل 10 سنوات، معتزا بالثقة التي طوقه بها الشعب الجزائري في أربعة استحقاقات انتخابية، وما حققه مشروعا الوئام المدني والمصالحة الوطنية في لم شمل الجزائريين وفي طي صفحة المأساة الوطنية دون التقاعس عن التصدي لبقايا الجماعات الإرهابية التي تصر على سفك دماء الأبرياء، مشيرا في الوقت نفسه إلى ما تحقق على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وإلى كسر الحصار غير المعلن على الجزائر طيلة سنوات التسعينات وعودة الدبلوماسية الوطنية إلى سابق عهدها في الساحة الدولية. كما حرص بوتفليقة في المقابل على توضيح أساب ودواعي استجابته للأصوات المنادية بترشحه لعهدة جديدة، رغم أنه ومن وجهة نظره يكون قد أدى المهمة وبالالتزامات التي قطعها للناخبين، متعهدا في المقابل بالمواصلة على درب المصالحة الوطنية في العهدة المقبلة إلى غاية تحقيق المصالحة بين الجزائريين وبينهم وبين الوطن، كما تعهد بمحاربة البطالة والقضاء عليها بخلق 3 ملايين منصب شغل ، والاهتمام بالاستثمار الأجنبي الذي لا يمس بمصلحة الاقتصاد الوطني.