فوجئت الرئاسة المصرية بالمواقف المتذبذبة التي ما انفك الوزير الأول الإسرائيلي ايهود اولمرت يثيرها في كل مرة بخصوص اتفاق التهدئة في قطاع غزة إلى درجة أحرجت الرئيس المصري حسني مبارك وجعلته يخرج عن صمته أمس لينتقد الموقف الإسرائيلي. ودأبت إدارة الاحتلال خلال الأيام الأخيرة على إصدار موقف بخصوص قضية الهدنة في قطاع غزة قبل أن تنقلب عليه ساعات بعد ذلك كان آخرها تأكيدات وزارة الخارجية الإسرائيلية مساء الإثنين أنها ستعلن عن موقفها النهائي من وقف إطلاق النار مع الفلسطينيين بعد ساعات ليخرج ايهود اولمرت بموقف مغاير ويؤكد انه لن يقبل بأية تهدئة ما لم يتم إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط. وجاء تجديد اولمرت لهذا الموقف المفاجئ رغم أن مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية وحركة فتح أكدت مرارا أن أمر التهدئة منفصل تماما عن مصير الجندي الأسير منذ جوان 2006. وجاء لعب إدارة الاحتلال سياسة "الموقف وضده" في تقلبات غير مفهومة رغم أنها وافقت على هدنة لمدة عام ونصف مع حركة حماس مقابل رفعها الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح كل المعابر. وجاء الانقلاب الإسرائيلي في وقت كان ينتظر أن تعلن السلطات المصرية عن هذا الاتفاق أول أمس الإثنين لتفاجأ بانقلاب إسرائيل على موقفها في آخر لحظة. وهو التلون الحربائي الذي جعل الرئيس المصري حسني مبارك لا يتحمل الصمت أكثر وأكد انه يرفض ربط مصير الجندي الإسرائيلي باتفاق لوقف إطلاق النار من منطلق أن المسارين مختلفين ولا يمكن الربط بينهما وذهب الرئيس حسني مبارك إلى حد اتهام اولمرت دون أن يذكره بالاسم بالتراجع عن مواقفه بخصوص هذه القضية. وقال الرئيس المصري أن بلاده لن تغير موقفها من مسألة الهدنة على اعتبار أن قضية شاليط مسألة منفصلة ولا يمكن بأي حال من الأحوال ربطها بمفاوضات الهدنة". ولم يكن للرئيس حسني مبارك ان يدلي بمثل هذا الموقف لولا ان إسرائيل قبلت فعلا بترتيبات الهدنة التي توصلت إليها الوساطة المصرية وتراجعت عنها هكذا دون ان تخطرها بموقفها الابتزازي. ولكن الوزير الأول الإسرائيلي عاد ليؤكد أمس أن أية هدنة في قطاع غزة وفتح المعابر تبقى مرهونة بمصير الجندي الإسرائيلي الأسير زاعما أن إطلاق سراح هذا الجندي تسبق كل حديث عن أية هدنة في قطاع غزة. وهي المواقف المتقلبة التي وصفتها كل الفصائل الفلسطينية ب"الابتزاز" ورفضت هي الأخرى ربط الهدنة بمصير الجندي الإسرائيلي المختطف ونقلت موقفها عبر وفد حركة حماس في القاهرة إلى الوسيط ومدير المخابرات المصرية الجنرال عمر سليمان الذي يقوم بدور الوساطة في هذا الملف الشائك. وتصر مختلف الفصائل الفلسطينية على إتمام صفقة لإطلاق قرابة 500 أسير فلسطيني في معتقلات الاحتلال مقابل إطلاق الجندي الإسرائيلي. وذهبت عدة مصادر فلسطينية أمس إلى تأكيد ما تردد أن مفاوضات جارية حاليا لأن تشمل عملية تبادل الأسرى إطلاق سراح مروان البرغوثي قيادي حركة فتح في قطاع غزة والذي أصدرت في حقه محكمة عسكرية إسرائيلية خمسة أحكام بالمؤبد سنة 2004 بتهمة تخطيطه لأربع عمليات استشهادية في قلب إسرائيل. وسبق للمحامي خضر سخيرات محامي البرغوثي أن أكد يوم الأحد أن إطلاق سراح البرغوثي ممكن خلال الأيام القادمة ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي.