الحب، الوحدة، العلم، الإرادة، القدرة، الدين، الجذور، البحر ومحطات أخرى تعرّض إليها النحات العصامي صالح بوشباح في معرضه الذي يحتضنه ميدياتيك ديدوش مراد التابعة لمؤسسة فنون وثقافة وهذا إلى غاية 28 من الشهر الجاري. لطيفة.د "هي محطات حياتي بفرحها وحزنها التي استعرضتها من خلال منحوتاتي، بكل حس فني مرهف وبكل وجداني وحبي لهذا الفن"، هكذا عبّر النحات العصامي صالح بوشباح ل "المساء" عن فحوى معرضه الذي يعكس بحق شخصية الفنان ورؤيته للحياة. وفي هذا السياق يقول صالح "كل فنان يحكي ما عاشه ويعيشه وما يحس به، وكذا يعبر عما يحيط به، فالفنان إنسان صادق لا يمكن له أن يحيد عن تجاربه ورؤيته للحياة"، مضيفا "أتذكر يوم كنت صغيرا، حينما كنت مجبرا على صنع لعبي لأن والدي لم يكن يستطيع أن يشتري لي لعبا، ومن ذلك الحين نما في قلبي حب الإبداع والابتكار ومن ثم حب الفن، فحتى قيثارتي صنعتها بنفسي وتعلمت العزف عليها". عندما تزور معرض بوشباح تحس وكأنك تدخل حياته عنوة فكل منحوتاته جزء منه وتعبر عن مرحلة في حياته أوجزء من واقعه وتتحدث عن آماله في حياة أفضل رغم زخرات من حزن قد تظهر هنا وهناك، وكانت بصمة صالح الأبرز في إضفائه لأبيات شعرية من تنظيمه أرفقت لمنحوتاته وفيها يعبر بحق عن رؤيته وحسه، فهاهي منحوتة يقول فيها لا أحد يمكن له أن يمنع الرياح من دفع سفينة شراعية تتجه في الاتجاه الصحيح"، وفي أخرى"الموهبة التي أخرجها الشيطان، الشك الذي يحدث الضرر،الشر يضرب بقوة، الحزن لا يبالي، شكرا الهي"، وفي ثالثة "لا إرادة لا قدرة"، ورابعة "أن تحب هو الأفضل"، وخامسة "قرون النصر، الكتابة قد كتبت". وعن هذا يقول: "لطالما أحببت الشعر فكان لمزجي للشعر والنحت لذة بل نشوة كبيرة وهي أيضا وسيلة مضاعفة لتمرير رسائلي، أيضا أهوى الموسيقى كثيرا وفي هذا الصدد سأصدر قريبا ألبوما في طابع الشعبي القبائلي". صالح يحب الوحدة رغم أنه يقول أنها سببت له متاعب كثيرة أهمها صعوبة تأقلمه مع المجتمع خاصة أمام التغيرات الحاصلة فيه ولكنه يؤكد أن كل مجتمع يضم جانبا سلبيا وآخر ايجابيا وفي هذا الصدد يقول"الوحدة صعبة ولكنها مفيدة في إعطاء فن أحسن وأرقى فهي تدفع الفنان إلى الاختلاء بنفسه فيسمع دقات إبداعه ومن ثم يستخرج ما يمكن إخراجه على السطح". الفنان أيضا هو عاشق للحب، والبحر لتأتي منحوتاته، فهاهي منحوتات جاء فيها عناق رجل وامرأة ليجلبا الحنان والدفء في هذا القرّ، وهاهي سفن شراعية تعود بنا إلى بجاية مسقط رأس صالح، وأخرى منحوتات جاء فيها "توكلت على الله"و"الله أكبر"رمز لدين الإسلام، وأخرى تعبر عن قارة إفريقيا التي ننتمي إليها من خلال تماثيل جميلة، ومنحوتات كذلك تعبر هي عن الرموز البربرية العريقة. بالمقابل يتحدث صالح عن واقع الفنان في البلد، حيث يؤكد استحالة أن يعيش الفنان في الجزائر من فنه، كما أن العائلات الجزائرية لا تملك الكثير منها ثقافة شراء التحف أوإدراك قيمتها المالية"، رغم أن للتحفة الفنية -يضيف صالح- جاذبية لا يمكن تعويضها بأي تحفة من أي نوع أوأي مادة".