* email * facebook * twitter * linkedin ❊الذروة قد تكون محصورة في مناطق وليست وطنية وشاملة ❊الجزائريون محظوظون عكس أوروبا بشأن توفير الأقنعة ❊يجب منع التنقلات وغلق المنافذ بتسخير القوة العمومية لتجنب السيناريو الأسوأ حذر البروفيسور يحيى مكي عبد المؤمن المتخصص في علم الفيروسات بمستشفى الجامعي بليون الفرنسية، في تصريح ل«المساء"، من سيناريوهات صعبة قد يتسبب فيها المواطنون غير الواعين وغير الملتزمين بتدابير الوقاية بالجزائر، رغم كلّ الإجراءات التي اتخذتها الدولة، في ظل استمرار ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 ومنها سيناريو "طب الحروب".وأبرز البروفيسور في هذا الصدد، أن تجنب مثل هذه السيناريوهات المعقدة، يستدعي من السلطات العمومية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وتشددا، لمواجهة عدم مبالاة واستهتار المواطن بالوضع الخطير. ولم يتوان البروفيسور عبد المومن في اعتبار سبب فشل مرحلة الحجر الجزئي في الجزائر مقابل نجاحها في البلدان الأوروبية إلى مشكل الذهنيات، وعدم وعي الأفراد اضطلاعهم بالمسؤولية المجتمعية، فضلا عن طبيعة الحجر المعتمد في الجزائر والذي لم يكن شاملا.. في تقييمه للوضعية الوبائية التي تشهدها الجزائر مع الازدياد المتواصل لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في الفترة الأخيرة، قال البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي بليون، إن "جزءا كبيرا من الشعب الجزائري لم يع بعد خطورة الفيروس ولايزال يتنكر لوجوده، معتبرا الأمر هين وكأنه لا يرتبط بمشكل عويص يواجه العالم برمته وهو السبب الذي أوصل البلاد الى الوضع الوبائي الذي هي عليها الآن"، متأسفا لوصول الأزمة الصحية إلى ما هي عليه اليوم "بالرغم من أنها كانت لديها كل الفرص للخروج الأمن والنهائي منها، حيث تم التحكم في نسبة الإصابات إلى حد كبير خلال شهري مارس وأفريل وحتى بداية ماي الفارط". الوضعية ليست معقدة جدا.. لكن وقدر البروفيسور الخبير بمنظمة الصحة العالمية في حديثه ل«المساء"، بأن الجزائر الآن أمام وضعية وبائية ليست معقدة جدا، حتى وإن كانت هناك بؤر وبائية ظهرت بشكل مفاجئ ومتسارع على مستوى أكثر من 10 ولايات، أهمها سطيف وباتنة وتيبازة وغيرها، حيث أشار إلى أنه يتعين على السلطات الجزائرية، اتخاذ مخططات تدخل صحي حسب كل ولاية وعزل كل ولاية تسجل فيها بؤر الوباء نهائيا عن الولايات الأخرى، من خلال منع التنقلات وغلق المنافذ بتسخير القوة العمومية لذلك. كما نصح بضرورة اتخاذ تدابير أكثر صرامة وتشددا مع المواطنين الذين لا يحترمون الإجراءات الوقائية، محملا إياهم مسؤولية الوضع الذي وصل اليه تطور الوباء.. وقال، إن "الموطنين الجزائريين محظوظون كون الجمعيات والسلطات وفرت لهم الأقنعة وبشكل مجاني وتطوعي، عكس ما هو حاصل في أوروبا مثلا، وبالتالي فإن أي إهمال أو تسيب أو استهتار، يجب التعامل معه بالردع حتى لا تنتشر العدوى". لا يمكن الحديث عن الذروة حاليا وبرأي الدكتور عبد المومن فإنه لا يمكن القول اليوم أن الجزائر تعيش ذروة الإصابات بالوباء، حيث لا يصدر حكم كهذا الى خلال فترة محددة مثلا ب12 يوميا، حيث تبدأ هذه الإصابات في الزيادة خلال الستة أيام الأولى ثم تتراجع خلال الستة أيام الاخيرة، "وهي الوضعية الوحيدة التي يمكن الحديث فيها عن الذروة من عدمها. كما يمكن أن تكون هذه الذروة محصورة في مناطق وليست وطنية وشاملة". واستشهد محدثنا في هذا الصدد بالنموذج الفرنسي الذي بلغت فيه ذروة الفيروس إلى 30 ألف إصابة، ثم بدأ في التراجع الى ان أصبح يسجل 20 حالة في اليوم.. وفي رده على سؤال حول سبب نجاح الرفع الجزئي للحجر بالبلدان الأوروبية كفرنسا وحتى إيطاليا التي ضرب بها الوباء بقوة كبيرة، مقارنة ببلادنا، جدد البروفيسور التأكيد على "مسؤولية المواطن في إنجاح أو إفشال تدابير الحجر"، كما ذكر بأن طبيعة الحجر الذي اعتمدته البلدان الأوروبية يختلف عما تم اتباعه في الجزائر، حيث كان حجر شاملا وليس جزئيا في دول أوروبا، أما في الجزائر فكان الحجر محصورا لعدة أسباب قد تكون موضوعية، مع تقيد الأسر بتدابير الوقاية وتجنب التجمعات واكتفائها بإيفاد فرد فقط من العائلة لقضاء المستلزمات. من يعتقد بأن الوباء كذبة فهو غير مسؤول في المقابل، استنكر محدثنا تنكر بعض المواطنين لوجود الفيروس والقول بأنه كذبة، معتبرا في هذا السلوك خطورة كبيرة على الأفراد وعلى المجتمع، حيث دعا كل المواطنين إلى "تحمل مسؤولياتهم المجتمعية في ظل انتشار الوباء المميت والكف عن تخريب المخططات الصحية والتشكيك فيها تطبيقا لأغراض ضيقة لا تتصل بالمصلحة العليا للوطن". ونبه المتحدث بعدد مرضى الأمراض المزمنة في الجزائر والذي يقارب 6 ملايين شخص، منهم مليون وأربعة آلاف مصاب بالسكري ومليوني مصاب بالضغط الدموي وأعداد أخرى موزعة بين المصابين بالسرطان وأمراض الكلى وأمراض أخرى متعددة، "وهي المعطيات التي يجب على الشعب الجزائري التعامل معها بواقعية وتجنب تعريض أنفسهم وغيرهم للخطر من خلال تحمل مسؤوليته والكف عن التجمعات والتنقلات غير الإجبارية". وحول التفسيرات العلمية التي تؤكد بأن حدة الفيروس تقلصت، ولم تصبح بنفس خطورته خلال بداية ظهوره، أكد البروفيسور عبد المومن بأن الفيروس هو نفسه ويمتلك نفس الخطورة، "لكن في علم الفيروسات يعرف هذا الأخير مثل موجة البرد أو الثلج التي تجتاح منطقة ثم ترحل وتزول أثارها تدريجيا الى أن تختفي.. وهذا ما وقع في البلدان التي ضرب فيها الفيروس ثم رحل بعد تسجيل إصابات عديدة"، ما يؤكد حسب محدثنا، مرة أخرى بأن الوقاية والحجر والتباعد الاجتماعي وتضحية السلطات بتطبيق حجر كامل لفترة معينة، تبقى تشكل أفضل السبل لمواجهة الفيروس إلى غاية اندثاره كلية".