* email * facebook * twitter * linkedin يترأس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، جلسة عمل تضم الوزير الأول وأعضاء الحكومة المعنيين بإعداد الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، حيث ستتم مناقشة "المقاربة الاقتصادية والاجتماعية الجديدة من جميع جوانبها، تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها في اجتماعه القادم"، حسب بيان لرئاسة الجمهورية. هذه الجلسة تأتي في ظل التوجيهات التي أصدرها رئيس الجمهورية، للطاقم الحكومي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير. والتي تركزت على ضرورة بناء اقتصاد غير ريعي يحسّن عائدات الخزينة، و يوفر مناصب الشغل للشباب ويحد من الاستيراد حفاظا على احتياطي الصرف. وكانت رسالة رئيس الجمهورية، واضحة لأعضاء الحكومة في اجتماع الوزراء الأخير، لاسيما للوزراء الجدد الذين استلموا حقائب وزارية في قطاعات اقتصادية هامة، على علاقة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن، حيث طالبهم بإعداد ورقة عمل تمهيدا لعرضها خلال اجتماع مجلس الوزراء القادم. ووضع الرئيس تبون، عامل الوقت في الحسبان من خلال مطالبته الحكومة بضرورة الإسراع في الخروج من الاقتصاد الريعي الذي أنهك البلاد، وأدخلها في أزمات اقتصادية غير محسوبة، ولذلك أكد أن الكفاءة تتجسد في النتائج التي ستحقق في الميدان في سياق استعادة ثقة المواطن في مؤسسات دولته، كون الشعب سيحكم عليهم من خلال تطابق أقوالهم مع أعمالهم. وبذلك يكون رئيس الجمهورية، برأي مراقبين قد أمهل الملتحقين الجدد فترة لتقديم إضافات جديدة تخدم الاقتصاد الوطني، وتلبي الانشغالات الاجتماعية المنشودة وربط نجاحها بمدى مجابهتها للتحديات على أرض الواقع، والتي تأتي في مقدمتها رفع الغبن عن مناطق الظل التي تستأثر باهتمامه، حيث ألزم المسؤولين والولاة بتقديم حصائل الأعمال بشكل دوري. ويرى مختصون أن الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي التي ستكون محور جلسة اليوم، ستعتمد على المعطيات المستقاة من أرض الواقع، وعلى خلفية التقارير التي يعدها المختصون بهذا الخصوص، حيث حرص رئيس الجمهورية، على الاطلاع عليها من أجل استحداث تصور جديد، يتفادى الاختلالات والنقائص التي اعترت التسيير خلال السنوات الماضية. وبما أن التركيز ينصب على ضرورة الخروج من الاقتصاد الريعي، فإن الرسالة استهدفت بالدرجة الأولى قطاع الطاقة في ظل التحديات الجديدة التي أفرزتها الوضعية الطاقوية على المستوى العالمي التي تغيرت منذ حوالي عقد من الزمن بسبب الركود الاقتصادي العالمي، فضلا عن الانخفاض في أسعار النفط منذ 2014، وكذلك وباء كوفيد-19 منذ مطلع العام الحالي، والذي شل جميع القطاعات الحيوية. ويجمع المحللون على أن قطاع الطاقة لا يمكن أن يستمر مع نفس التنظيم ونفس الأهداف، مما يفرض على الجزائر التعامل مع الواقع الجديد وفق خطة جديدة ترتكز على التسيير والمحافظة على الموارد الطاقوية وذلك رغم أن الأمن الطاقوي في بلادنا مضمون إلى غاية 2040. إصلاحات عميقة ونظرة استشرافية تتطلب التنفيذ ورغم هذه المؤشرات المطمئنة إلا أن الخروج من الريع الاقتصادي يفرض العمل على إنتاج ثروات جديدة على المدى المتوسط، وهو ما ركز عليه رئيس الجمهورية، خلال اجتماعات مجلس الوزراء عندما دعا الحكومة إلى البحث عن موارد بديلة عن قطاع المحروقات، كالإسراع في تشكيل ديوان للفلاحة الصحراوية بغرض استصلاح ملايين الهكتارات الصحراوية لتطوير الزراعة الصناعية. ومن ثم تحقيق الثروة والأمن الغذائي بعيدا عن التبعية للبترول، بالإضافة إلى إعادة بعث التنمية بإنشاء مشاريع قاعدية كبرى، والتوجه نحو تنويع النسيج الصناعي الخالق للثروة ومناصب الشغل. كما يركز برنامج رئيس الجمهورية، على إطلاق خطة عمل موجهة للشباب تسمح بخلق مؤسسات اقتصادية ناجحة تثمّن الإنتاج الوطني، وترفع من مردوديته بعيدا عن سياسة الاستيراد المتسببة في نزيف العملة الصعبة، خاصة في الموارد التي تتغنى بها ثروات البلاد، علاوة على تعزيز دور الجماعات المحلية في التنمية لاسيما تشجيع الاقتصاد الجبلي الصحراوي والساحلي، الأمر ذاته فيما يتعلق بالمجال الزراعي، حيث تحدث عن خطة استعجالية في هذا المجال الهام لضمان الأمن الغذائي كمرحلة أولى والتصدير في المرحلة الثانية. ويظهر التزام الرئيس تبون، أيضا بإدخال إصلاح عميق في نظام الضرائب لتوقيف الظلم والتعسف، مع منح تحفيزات ضريبية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة القادرة على خلق مناصب الشغل، فضلا عن تشجيع الطاقات البديلة بإحياء المشاريع الكبرى الداعمة للإنتاج الوطني، والقادرة على تحقيق إنتاج يسمح بالتوجه نحو تصدير الطاقات المتجددة، ويعزز تواجد الجزائر في السوق الطاقوية بأسيا وأوروبا. وبلا شك فإن هذا التصور من شأنه أن ينعكس إيجابا على الجانب الاجتماعي ويضع اقتصاد البلاد في أريحية، غير أن الميدان يبقى الفاصل في تقييم ما سيتم إنجازه لا سيما إذا ارتبط ذلك بآجال محددة حتى لا تتحول الوعود إلى مجرد أوهام.