يقتحم الكاتب الجزائري عبد الحمد ايزا الكتابة الشذرية من نافذة التصوّف ليقدّم نصوصا عميقة بنفس صوفي تشي بتجربة حياتية ثرية واطلاعا واسعا على التجارب الصوفية الكبيرة، تتجلى بشكل واضح في المحاورات مع المتصوفة وفي قاموس العرفان الطافح بعبارات هؤلاء وإشاراتهم. يقسم ايزا بدقة كتابه- الذي يصدر قريبا- إلى 7 أبواب (ما لا يدرك، ما لا يشارك، ما لا يطاق، ما لا يقال، ما لا يُذَكر، ما لا ينكر وما لا يسكت عليه) ويحيل الرقم 7 إلى القداسة والمعاني الخفية التي يكتسيها لدى المتصوفة في جميع الاديان لارتباطه بالجانب الروحي للأشياء، (فالسماوات سبع والكنائس سبع وجهنم سبع دركات والخلق في سبع ايام والالوان والكواكب سبعة) وقد ارتبط هذا الرقم لدى معتنقي مذهب الكابالا بالاعتقاد بوجود معنى خفي لكل حرف. يحيل عنوان هذه الشذرات "صعب تأويل الهديل" إلى أهمية وخطورة اللغة خاصة في حقل التصوف، فالصعوبة والتعذر والانفتاح على دلالات تأويلية متعددة هي احدى سمات الخطاب الصوفي، كما ان التأويل صفة لصيقة بمحاولة الفهم والادراك للعالم واشيائه ، اما الهديل ( صوت الحمام الذي هو مزيج بين النواح والغناء) فهو مهيج ومثير للشوق أحد اهم عناصر التجربة الصوفية، واكثرها حضورا في قاموس هؤلاء، والعنوان بصياغته الاسمية الجامدة والساكنة يحيل الى عمق التجربة وصعوبة شرحها، ألم يقل النفري: كلما اتسعت الاشارة، ضاقت العبارة؟