شكّل فتح الشواطئ بداية الأسبوع الجاري بولاية بومرداس، حدثا حقيقيا؛ حيث شهدت شواطئ الواجهة البحرية "إنزالا" ملفتا للأنظار في ساعات مبكرة من يوم السبت الماضي، بعد دخول قرار فتح الشواطئ حيز التنفيذ في 15 أوت الجاري. وكانت الفرحة بادية على محيّا الجميع الكبار قبل الصغار.. فالاستمتاع بنسائم البحر بعد طول انتظار، شكّل للكثيرين حدثا في حد ذاته، غير أن الملاحَظ هو تجاوز إجراءات الوقاية من فيروس كورونا. عبّر مواطنون في حديثهم إلى "المساء" بشاطئ "الدلفين"، عن أهمية قرار فتح الشواطئ في هذه الفترة من العطلة الصيفية، معتبرين أنه اتُّخذ في وقته، على الأقل للسماح للأطفال بالسباحة في "الأزرق الكبير" بعد تمضية فترة حجر منزلي طويلة، أثرت كثيرا على نفسياتهم، حيث فرضت كورونا التعايش مع وضع استثنائي بدون أن تتاح الفرصة أمامهم حتى لتبادل الزيارات العائلية. كما أنه قرار له انعكاسات إيجابية على الأسر بفضل "التحرر" من قيود الحجر المنزلي؛ حيث ثمّن محدثونا قرار تعديل مواقيت الحجر الجزئي، التي تتيح الاستمتاع أيضا بالمثلجات ونسمات الليل خارج المنازل إلى غاية الحادية عشرة ليلا. فرحة.. تضاهي هلال العيد وفي حديثنا الى بعض المصطافين، أكدت مواطنة أن قصدها الشاطئ رفقة أبنائها كان مخططا له بمجرد الإعلان عن فتح الشواطئ في 15 أوت الجاري؛ حيث اعتبرت الأمر لا يفوَّت، خاصة أنه لم يتبقّ من العطلة الصيفية سوى أسابيع معدودة، قالت إنه لا بد من اغتنامها، على الأقل، للترويح عن النفس بعد فترة حجر صحي طويلة، بينما شبهت مواطنة أخرى فتح الشواطئ باستقبال هلال العيد بعد الصيام، مؤكدة أنها اشتاقت لأجواء الاستجمام ونسائم البحر التي اعتبرتها مرادفة ل "الحياة العادية"، غير أنها لفتت إلى كون فتح الشواطئ لا يعني أن فيروس كورونا قد انتهى؛ "لذلك فإني شديدة الحرص على ارتداء الكمامة أنا وأطفالي، وعلى احترام مسافة الأمان بين المصطافين"، تضيف المتحدثة. وقال مواطن إن الفترة الأخيرة التي تميزت بفرض الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، كان لها آثار نفسية، ليس فقط على الأطفال ممن أتعبهم المكوث بالمنزل بدون ترفيه، وإنما على البالغين كذلك، معترفا بأنه شخصيا كان ضحية التوتر والقلق، خاصة أن المنع شمل أيضا الزيارات والسفر. أما عن إعادة فتح الشواطئ فإنه اعتبر ذلك فرصة للترفيه والترويح؛ "المكوث على الشاطئ يعد في حد ذاته، راحة نفسية.. كذلك رؤية الناس يتفاعلون مع بعضهم راحة أخرى بعد فترة حجر وتباعد عن الآخرين فرضها الفيروس اللعين". أما مواطن آخر فأكد، من جهته، أن الفتح الرسمي للشواطئ يغني عنه قصد الشاطئ رفقة أطفاله خلسة عن أعين رجال الأمن، وما قد ينجر عن ذلك من مخاطر بسبب عدم حراسة الشواطئ. قصْد الشاطئ شكّل حدثا حقيقيا بالنسبة لمواطنة، قالت بمجرد تعريفنا بهويتنا الإعلامية: "قتلتنا الكورونا.. لم تترك أمامنا مجالا للتحرك.. اليوم، الحمد لله، قصدنا الشاطئ لننسى ضغط الفيروس الذي صاحبنا خمسة أشهر.. باراكات"، قالت ذلك وأردفت: "..سنمكث هنا على الشاطئ حتى العاشرة ليلا"، بينما قالت شابة بأن وجودها على الشاطئ ورؤية الناس يتفاعلون مع البحر وبعض الألعاب الشاطئية، يجعلها تستبشر بعودة الحياة إلى طبيعتها ولو بصفة تدريجية؛ حيث إن عملها كممرضة في إحدى مصالح مكافحة فيروس كورونا قد أتعبها كثيرا، وقصدت الشاطئ في يوم راحة، داعية المواطنين إلى عدم التراخي في التقيد بإجراءات الوقاية. لا احترام للقواعد.. "ولا هم يحزنون"! وما لاحظته "المساء" خلال استطلاعها الجو العام لفتح الشواطئ، عدم الاكتراث كلية لإجراءات الوقاية المؤكد عليها لكسر سلسلة العدوى بالفيروس التاجي، وليس الحديث هنا عن الالتزام بارتداء الكمامات، وإنما أيضا احترام مسافة التباعد البدني، حيث لاحظنا عدم التقيد بالتباعد، لاسيما خلال فترة الظهيرة، والتي عادة ما تشهد توافدا ملحوظا من المصطافين الباحثين عن الانتعاش. فالملاحَظ أن كل من يقصد الشاطئ يحاول أن يضع شمسيته قريبا من البحر؛ ما يجعل الخط الأمامي للشاطئ كله شمسيات دون بقيته، وهو ما ولّد ازدحاما عصف بمسافة الأمان، ناهيك عن عدم ارتداء الكثيرين الكمامة بكورنيش الواجهة إلا نادرا، وكذلك من يغادر الشاطئ.. والكل يلقي باللوم على الآخر، علما أن القرارات الأخيرة التي رافقت فتح الشواطئ، تعطي للولاة حق إعادة الإغلاق إذا ما لوحظ أي إخلال بالتعليمات في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة. .. وعودة نشاطات أخرى كما تميزت بداية الأسبوع الجاري بعودة نشاطات أخرى على غرار المطاعم والمقاهي، بعد 5 أشهر من الإغلاق بسبب تدابير الحجر الصحي. وقد كيفت الخدمات المقدمة لتتماشى مع الظرف الاستثنائي الحالي، حيث أكد صاحب مطعم قريب من الواجهة البحرية، أن التعليمات الصادرة تشير إلى تقليص عدد الطاولات، وهو ما نفذه فعليا سواء داخل المطعم أو في المساحة الخارجية التابعة له، حيث يعدد المطعم عادة قرابة 30 طاولة يتداول عليها الزبائن طيلة اليوم، ولكنه اكتفى بنصف العدد لإنقاذ ما تبقّى من موسم صيفي وصفه بالأسود، علما أن التعليمات تؤكد على الاحترام الصارم لإجراءات الوقاية من الفيروس التاجي، بتوفير المطهر المعقم، وارتداء الكمامات، والأهم تفادي الازدحام بالمطاعم بتقليل عدد الطاولات. المنتزهات والحدائق.. قِبلة أخرى الملاحَظ أن فتح الشواطئ كان أيضا بداية لفتح الحدائق والمنتزهات، التي سجلت هي الأخرى أول أمس، إقبالا ملحوظا من العائلات، خاصة حديقة النصر التي تستقطب لوحدها مئات الزوار يوميا بالنظر إلى اتساعها؛ حيث تتربع على قرابة 10 هكتارات، ولكونها تطل على البحر وبها العديد من الأكشاك التجارية التي تقدم خدمات طالما ارتبطت بالموسم الصيفي كالمثلجات والعصائر المثلجة وكذلك الشاي والمكسرات.. كما لاحظنا بعض الألعاب المنصبة هنا وهناك لاستقطاب الزوار الصغار الذين تعالت صيحاتهم بالمكان، منبئة بعودة الحياة إلى طبيعتها في انتظار أن يثبت المواطن وعيا حقيقيا ومسؤولية لربح الرهان. نشير إلى وضع ملصقات على مداخل ومخارج الحديقة، التي تدعو إلى المحافظة على النظافة العامة والحفاظ على إجراءات الوقاية من فيروس كوفيد-19؛ كالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات. مخطط أمني وأعوان لحراسة الشواطئ تسجل ولاية بومرداس فتح 22 شاطئا للسباحة، موزعة عبر عشر بلديات ساحلية، تبعا لإجراءات الوقاية الموصى بها، وعلى رأسها فرض احترام مسافة الأمان بين المصطافين واجتناب الازدحام. وفي المقابل أعلنت مصالح الحماية المدنية عن تسخير 800 عون لحراسة الشواطئ موزعين عبر الشواطئ المسموحة فيها السباحة بالبلديات العشر الساحلية. وكشف أمن الولاية عن تسطير مخطط خاص بهذه الفترة، لتأمين العائلات والمصطافين عبر إقليم الولاية، تماشيا مع الفتح التدريجي للشواطئ والمتنزهات خلال موسم الاصطياف الجاري، بما يتماشى والإجراءات الوقائية ضد فيروس كوفيد 19؛ حيث تم تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية؛ من خلال وضع تشكيلات أمنية راكبة وراجلة، من شأنها ضمان تسهيل الحركة المرورية عبر الطرقات، ومحاربة كل أشكال العنف المروري. كما أقامت ذات المصالح 4 مراكز مراقبة للشرطة لتأمين الشواطئ الأربعة بعاصمة الولاية، بغرض التدخل الفوري واستقبال شكاوى وبلاغات المصطافين مباشرة، من أجل تسهيل عملية التواصل مع المواطنين لتقديم خدمة أمنية آنية. وفي هذا الصدد، تم وضع فرقة للخيالة تقوم بدوريات على مستوى واجهة البحر، للسهر على حماية المصطافين، بالموازاة مع إطلاق حملات تحسيسية سواء للمحافظة على البيئة والمحيط، أو التوعية بأخطار وباء كورونا بدون إغفال التحسيس بأخطار المخدرات والمؤثرات العقلية، مع تقديم توصيات أمنية في مجال السلامة المرورية، والتذكير كذلك بالخطوط الخضراء، وتطبيق "ألو شرطة" تحت تصرف المصطافين والمواطنين عموما.