شكّلت سنة 2020 الاستثناء في تاريخ التربية والتعليم العالي في الجزائر، بعدما أجبرت جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، المؤسسات التعليمية والجامعات على إغلاق أبوابها عدة أشهر متتالية؛ حمايةً لصحة التلاميذ والطلبة والعاملين بها. ودفعت بالسلطات إلى اتخاذ قرارات جريئة، ألغت على إثرها شهادة التعليم الابتدائي، وتركت شهادة التعليم المتوسط اختيارية، وأجّلت تاريخ إجراء شهادة الباكالوريا والدخول الجامعي. فبعد أن كان التلاميذ بمختلف الأطوار التعليمية الثلاثة والطلبة في مدرجات الجامعات والمعاهد والمدارس العليا، أمضوا، تقريبا، فصلين من الدراسة، إذا بالفيروس يطرق أبواب الجزائر مع بداية مارس الماضي، ليضع الجميع في حالة ارتباك وحيرة في كيفية التعاطي مع هذا الضيف المرعب، الذي لم يسبق أن عرفت الجزائر ولا البشرية جمعاء، مثله. ولكن حالة الارتباك والحيرة لم تدم طويلا، بعد أن أخذت السلطات العليا قرارات هامة، فصلت، من خلالها، في عدة تساؤلات عن كيفية مواصلة الدراسة في ظل الظروف الصحية الخطيرة، وبددت المخاوف من إمكانية التوجه نحو سنة بيضاء، تضع مصير ملايين التلاميذ والطلبة على المحكّ. وكان أولى هذه القرارات التي وضعت صحة التلميذ والطالب فوق كل اعتبار بدون إهمال مستقبلهم الدراسي، إغلاق أبواب المؤسسات التعليمية والجامعات ابتداء من مارس الماضي؛ تماشيا وإجراءات الحجر الصحي والمنزلي الذي طبقته الجزائر، مع تبنّي نظام التعليم عن بعد؛ حتى لا يبقى التلاميذ بعيدين عن الدراسة. وأطلقت وزارة التربية الوطنية ضمن هذا الإطار، خطة طوارئ، تضمنت بث البرنامج التعليمي عبر قنوات التلفزيون وموقع التواصل الاجتماعي "يوتوب"، لتسهيل تحصيل التلاميذ دروسهم المتبقية من الفصل الأخير للموسم الدراسي 2019 2020، خاصة في ما يتعلق بالتحضير لامتحانات نهاية السنة. ثم جاءت القرارات الناجمة عن اجتماع مجلس الوزراء في ماي الماضي، التي أثلجت صدور التلاميذ وأوليائهم بخصوص إلغاء شهادة التعليم الابتدائي، وتمكين التلاميذ من الانتقال إلى الطور الثاني بمعدل القبول، بالاعتماد فقط على معدل الفصلين الأول والثاني، في حين تُركت حرية الاختيار للمقبلين على شهادة التعليم المتوسط؛ سواء بدخول الامتحان، أو الاكتفاء بمعدل القبول الذي حُدد ب 9 من 20 في الفصلين الأولين، وتأجيل شهادة البكالوريا إلى الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر الماضي. ومع استمرار انتشار الوباء كان لزاما وضع برتوكول صحي صارم لإجراء الامتحانات، يعتمد، بالخصوص، على احترام كل التدابير الوقائية المنصوص عليها من قبل وزارة الصحة؛ بارتداء القناع، والتباعد الاجتماعي، وتعقيم الأماكن، وغسل الأيدي... وهو نفس البرتوكول الذي تم اعتماده عند الدخول المدرسي، الذي تم تدريجيا بعدما تم تأجيله إلى غاية نهاية أكتوبر بالنسبة للطور الابتدائي، والأسبوع الأول من نوفمبر بالنسبة للطورين المتوسط والثانوي، مع اعتماد نظام التفويج للتخفيف من الاكتظاظ داخل الأقسام الدراسية. الجامعة تتبنى نظام التعلّم عن بعد التحديات نفسها واجهها قطاع التعليم العالي، الذي اضطر الساهرون عليه لاتخاذ جملة من التدابير والإجراءات لتفادي السقوط في فخ السنة البيضاء، وأهمها مناقشة مذكرات التخرج سواء في الجامعات أو المدارس العليا خلال شهري جوان وسبتمبر 2020، وتأجيل الدخول الجامعي إلى غاية ديسمبر. كما اعتمدت المؤسسات الجامعية على نظام التعلم عن بعد، الذي يُعد تجربة جديدة فرضتها الظروف الصحية التي تشهدها البلاد والعالم أجمع، لكنها أثبت نجاعتها في حتمية انتقال الجامعة إلى العالم الرقمي، والاعتماد على التكنولوجيات الحديثة لمواكبة قطار التطور العالمي. واستعدادا للدخول الجامعي لموسم 2020 2021 الذي تم تأجيله إلى غاية ديسمبر، وضعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كل الترتيبات اللازمة التي تضمنت بروتوكول صحيا صارما؛ من أجل المحافظة على سلامة كل مكونات الأسرة الجامعية بالمجمعات البيداغوجية ومرافق الخدمات الجامعية. ويتم اتباع نظام التفويج، وتقليص الحجم الساعي للسداسيين، والانطلاق في مراجعة القوانين الضابطة للقطاع.