ظهرت خلال الآونة الاخيرة العديد من الظواهر التي لا يمكن وصفها بأقل من كارثية، وهي استغلال بعض التجار والمنتجين والمستوردين الظروف الصحية الراهنة لإشعال النار في جيوب الضعفاء؛ وكأن الأزمة الصحية لا تكفي لإضافة أخرى اقتصادية، تسبب فيها التاجر بالمغالاة في الأسعار، وكذا سحب السلع لخلق الندرة، ثم احتكار السوق، والتي لم تَسلم منها حتى المواد الصيدلانية. في هذا الصدد، أكد سيف الدين قديد، إمام مسجد بالعاصمة في تصريح ل "المساء"، أن استغلال بعض المنتجين والمستوردين والتجار الأزمات التي تضرب منطقة معيّنة على غرار الأزمة الصحية الراهنة إثر انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد 19)، واحتكار بعض السلع وأدوات التعقيم أو الكمامات، أو ما تم تسجيله في المضاربة بتكاليف التحاليل الطبية للكشف عن هذا الفيروس، برفع أسعارها ،وتعطيش الأسواق عن طريق إخفاء بعض السلع التي يحتاجها الناس لبيعها بأسعار خيالية وخلق، بذلك، أزمة من نوع آخر، يُعد أمرا محرّما شرعا، وهو سلوك يعكس الأخلاق السيئة لبعض هؤلاء التجار أو أصحاب الخدمات، الذين تغيب عنهم روح المسؤولية، وحرفية التاجر. وقال المتحدث: "منذ بداية أزمة "كوفيد19" ظهرت العديد من السلوكات المنافية لأحكام الشريعة، تجسدت في استغلال الأزمة لزيادتها تعقيدا؛ إذ تم النصح بارتداء الكمامة، ثم سُحب عدد ضخم منها من السوق لتصبح مفقودة، ثم ارتفعت أسعارها وباتت تُعرض في كل مكان غير الصيدليات بأسعار مضاعفة ثلاث مرات وأربع عن سعرها المرجعي. كما خلق بعض السماسرة أزمة المنتجات الغذائية على غرار السميد، ثم الخميرة وغيرهما من المواد الغذائية، مما خلق، بدوره، تهافتا عليها من قبل العائلات التي اقتنتها خوفا من الندرة ودخول أزمة من نوع آخر، في حين كان مصير تلك الكميات بعد فترة، القمامة بسبب كسادها، وهذا بدون ذكر مواد أخرى على غرار بعض الخضر والفواكه!". وفي نفس الصدد تطرق الإمام لأزمة أخرى، شكلت الحدث لفترة، وهو ما كشفته المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، عن الغش في الكحول المكون الأساس لبعض المعقمات، والواقي الأساس ضد الفيروس، مشيرا إلى أن البعض استغلوا هذه الأزمة كذلك، لإنتاج وعرض منتجات غير مطابقة لمعايير الصحة، ولا تحمي مطلقا ضد الفيروس؛ الأمر الذي يجعل خطورتها أكبر من منافعها، وهذا قصد الربح السريع، وبأقل التكاليف على حساب صحة المواطن؛ إذ يفضلون، مثلا، تقليل مادة الكحول في منتج؛ فبدل إنتاج كمية من الجيل المعقم ينتجون أضعاف الكمية بنفس القدر من الكحول. وقال المتحدث إن المغالاة في أسعار السلع والخدمات خلال الأزمات التي تضرب شعبا في فترة معيّنة، تُعد غير أخلاقية وليس فقط غير شرعية؛ لما يترتب عنها من إجحاف، وغياب العدل بين طبقات المجتمع، وعدم مراعاة مصالح الأفراد وأحوالهم، على غرار الحالة الاقتصادية المزرية التي توصَف بها بعض العائلات. وفي الأخير، دعا سيف الدين قديد إلى تدخل المسؤولين لتسقيف سعر بعض السلع والخدمات الضرورية في ظل هذه الأزمة، التي استغلها البعض للمضاربة في الأسعار والتحكم في تقلبات السوق وحاجاته، وتجريم هؤلاء المحتكرين، وضبط حركة الأسواق، ومعاقبة هؤلاء الذين يستغلون الأزمات لتعسير الحياة على الفقراء ومحدودي الدخل. وقال إن أكل مال الناس بالباطل محرم؛ لقوله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل".النساء