من الآن فصاعدا، لن يصعب عليك أبدا معرفة كل معاني الحركات التي تصدر منك أو من غيرك، وكذا الدلالات العميقة لمختلف الحركات والإشارات التي تصادفك في مجرى حياتك اليومية، فقد وضع الدكتور جوزيف مسنجر، مختص في علم "دلالة الحركات"، عصارة فكره وسنوات بحثة، في كتابه "المعاني الخفية لحركات الجسد"، حيث تترجم الحركات خلجات الذات، رغم أننا مجتمع منظم احتل الكلام فيه المكانة الأولى في عملية التواصل. ... فقد أشار الكاتب في مقدمة الكتاب، إلى أن كل حركة تصدر عنك تعبر عما يجول في خاطرك، فتعطي مصداقية لكلامك أو تظهر العكس بصورة غير إرادية، وهي الحركات غير الإرادية التي تعكس وضعك النفسي أو المزاجي في هذه اللحظة المعينة. مضيفا أن الوقت الذي تتطلبه عملية انتقال رد الفعل من الحالة الذهنية إلى الحالة التعبيرية الجسدية، لا تتيح للوعي الوقت الكافي ولا الوسائل للحيلولة دون ظهور الحركة العفوية المعبرة. وأضاف الكاتب أن حركاتك تتكلم عنك وأنك تستطيع قراءة شخص ما كأنه كتاب مفتوح. وقد تطرق مسنجر في كتابه الذي صدر عن دار الفراشة ببيروت، وترجمه الدكتور محمد حسين شمس الدين ويضم 383 صفحة، إلى الحركات والإشارات والإيماءات التي قدمها في أحد عشر فصلا موزعة كالتالي: الأنماط الحركية، إشارات الإغواء، حركات التواصل، حركات التهرب والانسحاب، حركات التعبير عن المشاعر الإيجابية الصادقة، الحركات المعبرة عن الجسد والغيرة، الكذب، المشاعر المكدرة، وكذا حركات التعبير عن السلطة والتعبير عن العنف. كما عمل الأخصائي في علم "دلالة الحركات"، على تقسيم كل فصل، فعلى سبيل المثال، قدم الكثير من الأنماط في فصل الأنماط الحركية على غرار النمط الانسحابي، المزاجي، العقلاني، الذهني، النمط المبدع الخلاق، المزاج المتقلب، الحالم في اليقظة، الدفاعي، الانفعالي، النمطين المتفتح والانطوائي، الوسواسي، الهجومي، المرن، والنمط المتصلب. وقام بتقديم العشرات من الأمثلة من رحم الواقع لكل نمط وحركة، منها هذا المثال حول النمط العقلاني، الشخص الذي يضع سماعة الهاتف على أذنه اليمنى هو دائما أكثر عقلانية ممن يضعها على اليسرى، والذي يكون أكثر اهتماما بالبعد الإنساني والانفعالي للحديث منه بالبعد العقلاني. ومثال آخر عن النمط الدفاعي "تسير المرأة الدفاعية في الشارع وهي تكتف ذراعيها، وهي امرأة تقطب حاجبتها وتتجنب النظر إلى المارة الذين لا تعرفهم، تشعر بالوحدة إزاء الجميع، وتفتقد إلى الإحساس بالدفء الداخلي. كما قدم كوكتالا متنوعا من الحركات في الفصل الخامس، حيال حركات التعبير عن المشاعر الإيجابية الصادقة، على غرار الصداقة، الحب، الصدق، الكفاح في الحياة، منح الوقت للآخر، الاحترام، الموهبة والإرادة.. وقدم مجموعة من الأمثلة حول الحالات المعروضة، فعن الصدق مثلا، قدم المثال التالي: "بسط الشخص كفيه أثناء الحديث والنظر اليهما كمن يبتهل في الصلاة، أي أنه يفرغ ما في قلبه على لسانه، وهذه الحركة ترمز إلى صراحة مطلقة تجعل محدثك كتابا مفتوحا تقرأه بلا صعوبة".. وطريقة الضحك هي الاخرى لها تفسير، فالضحكة الصادقة المدوية تتجه عادة إلى السماء وليس إلى الأسفل. كما أن شعث شعر الشخص له دلائل، فنشعث شعر طفل بيدنا للتعبير عن المحبة والتودد حياله، وهذه الحركة نفسها عندما تتم بين الكبار تدل على درجة عالية من الصداقة والتواطؤ وتربط بين شخصين. وتطرق في الفصل العاشر من الكتاب، إلى حركات التعبير عن السلطة، والتي افتتحها بالطموح والوصولية، ثم انتقل الى الشهرة، الكاريزما، الجاذبية، المكر، الدهاء التلاعب الخيلاء والتبجح، واعتمد ايضا على أسلوب الشرح وعرض الطرائف والحكايا اليومية المعيشة، بالإضافة إلى الكثير من المشاهد المتنوعة المأخوذة من الحياة المعاصرة لتسهيل عملية فهم الحركات.