عاد الملف النووي الإيراني إلى واجهة الأحداث الدولية نهاية الأسبوع تزامنا مع احتفال إيران بالعيد الوطني للطاقة النووية وكشف الرئيس الإيراني عن إنجازات جديدة سماها ب"الأخبار النووية السارة".ولم تكن تلك الإنجازات لترقى لأن تحظى برضى الإدارة الأمريكيةالجديدة التي أرادت أن تفتح صفحة جديدة مع طهران قائمة على الاحترام المتبادل وتحول معه تفاؤل الرئيس باراك أوباما في إقامة هذه العلاقة إلى تشاؤم وحذر في كيفية التعاطي مع الرئيس أحمدي نجاد. ولم يكن إعلان الرئيس الإيراني في خطاب ألقاه بالمناسبة عن تشغيل 7 آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم وأن الرقم سيرتفع إلى حدود 50 ألف جهاز خلال الخطة الخماسية القادمة. وقال روبرت وود الناطق باسم الخارجية الأمريكية أن هذا العدد لا يتماشى مع تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويكتنف الغموض حول البرنامج النووي الإيراني. وأكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية خلال ندوة صحفية عقدتها رفقة وزير الدفاع روبيرت غيتس ونظيريهما الاستراليان أن هذه التصريحات تدفع بنا إلى الاعتقاد في البرنامج النووي الإيراني" وأضافت كلينتون أن ذلك هو الذي دفع بنا للمشاركة في لقاء مجموعة الستة لبحث الأمر والتأكد من أن حقيقة الاختلاف القائم بين الأرقام التي قدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل ستة أسابيع وما أكده الرئيس الإيراني أول أمس. وكان الرئيس محمود أحمدي نجاد أشرف يوم الخميس بمدينة أصفهان على تجمع شعبي ضخم بعد تدشينه لأول مصنع لإنتاج المكونات النووية في خطوة وصفتها الدول الغربية بأنها خطوة هامة في البرنامج النووي الإيراني. وبحسب العديد من الخبراء فإن المصنع الجديد يؤهل إيران لأن تتحكم منذ الآن في دورة إنتاج الوقود النووي وخاصة بعد أن أكد الرئيس الإيراني أن بلاده جربت جهازين للطرد المركزي بقوة مضاعفة مقارنة بالأجهزة التي تستعملها في الوقت الراهن. ولم تستسغ إدارة الاحتلال الإسرائيلي هذه الإنجازات الإيرانية وراحت تضغط على نظيرتها الأمريكية من أجل وقف كل مسعى للتفاوض مع طهران وطالبتها بوضع آجال محددة للحوار بدعوى ردع إيران للتخلي عن مساعيها لامتلاك السلاح النووي. وقال سيلفان شالوم وزير التنمية الجهوية في حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتانياهو انه حان الوقت للتفكير سويا من اجل تحديد الوقت لهذا الحوار. وقال الوزير الإسرائيلي أن إدارة الاحتلال لن تقبل أبدا بإيران نووية بدعوى أنه لا يمكن إقناع طهران بالعدول عن برنامجها النووي والتفاوض معها يعتبر مضيعة للوقت. وتصب هذه التصريحات في نفس سياق تصريحات الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي هدد بضرب المنشآت النووية الإيرانية وهو الخيار الذي بحثه الوزير الأول السابق ايهود اولمرت مع الرئيس الأمريكي المغادر جورج بوش الذي أكدت عدة مصادر أنه لم يشأ إعطاء الضوء الأخضر لمغامرة جديدة قد تخلط عليه حساباته في العراق وأفغانستان بحكم العلاقة المباشرة لإيران بهذين البلدين واعتبارها مفتاح الحل فيهما. وقال نتانياهو أمام الكينسيت الإسرائيلي يوم 31 مارس الأخير "أن إيران تبقى الخطر المحدق بإسرائيل وخاصة في حال حيازتها لسلاح نووي" وهو ما يؤشر على نية إسرائيلية من أجل تكرار تجربتها في تدمير مفاعل "تموز" العراقي سنة 1981. وتسعى إسرائيل من خلال هذه التحركات والضغوط من اجل أن تبقى القوة النووية الوحيدة في المنطقة بأكثر من 200 رأس نووي وصواريخ عابرة للقارات وغواصات قادرة على إطلاق صواريخ نووية ولكنها ترفض إخضاعها لأي عملية تفتيش.