تدخل الروائية حنان بوخلالة عالم الإبداع بخطوات ثابتة، وخيال خصب، يمتد في اخضراره ومثمر في عطائه، تنتهج الجمال والواقع في نسج حبكة كل رواية، وتوفر كل الأدوات لجذب القارئ، حتى تورطه في القراءة وتمسك بيده ليدخل عالم الدهشة. تروي الروائية حنان تجربتها ل"المساء"، وكيف كانت هذه المغامرة جميلة، دفعت بها إلى عوالم أكثر اتساعا وأوضح رؤية، فقد كانت التجربة مثمرة بصدور "سوسطارة"، هذا الحي العريق، من عمق العاصمة الذي احتضن الكاتبة وشهد ميلادها وصباها واتخذها واحدة من أبنائه، فردت له الجميل بهذه الرواية، وتقول "لقد نشأت في هذا الحي الشعبي، وأحبه تماما كما أحب الأحياء الشعبية في الجزائر، إنها مليئة بالحياة بحلوها ومرها وبهدوئها وغضبها، تصنع لها مكانا، رغم عيشها على الهامش العاصمي، وفي النهاية، فإنها هي من تصنع التاريخ بيومياتها". "سوسطارة" رواية صدرت سنة 2019، عن دار "خيال" للنشر، تتناول يوميات عاصمية، من ضمنها حكايات زينب وعليلو ويوسف، ترصد معاناة امرأة تعيش القهر، لكنها تواصل صبرها، حتى تصل إلى الأمل. عن هذه الرواية، تقول "لقد فاجأني الصدى الإعلامي الذي أحدثته، وعن الدراسات النقدية التي خصصت لها، إضافة إلى حضورها في رسائل الماجيستر وغيرها"، مما زاد من ثقتها وإصرارها على الحضور بأعمال أخرى، تتمنى أن تلقى نفس الصدى، وهكذا كانت "سوسطارة" تمثل مرحلة اللارجوع للكاتبة، لتخط بعدها مسارها الأدبي وتنقش معالم طريقها نحو الرواية. تعود الروائية حنان في كل مرة إلى مرحلة الصبا، علما أنها اليوم ابنة ال35 ربيعا، حيث تؤكد أنها نهلت كثيرا من مجتمعها المصغر بسوسطارة، ومن الجزائر عموما، حيث ارتبطت بالحكايات والقيم الإنسانية، وعاشت بعض الأحداث والمتغيرات التي ترسخت في ذاكرة وجدانها، وأصبحت معالم وبصمات تظهر في إبداعها الروائي. بالنسبة للتكوين، فإن حنان في قسم ماجستير في العلوم السياسية، وهذا الاختصاص هي من اختارته، فهي تميل إلى كل ما هو سياسي وتاريخ واستراتيجية وغيرها، أما ولعها بالأدب والرواية، فتولد عندها منذ الصغر، بفضل قراءاتها التي لا تتوقف، وحين شرعت في الكتابة اتجهت إلى خاصتها ومقربيها، ليقرأوا لها، فشجعوها دون تحفظ ولا تردد، وهنا تذكر والدها الكريم الذي غرس فيها حب المطالعة، حيث كان بائع كتب يجلب لها كل ما لذ وطاب، كيف لا وهي مقربة جدا منه ولا تحس أمامه بأي عقد تسلط أو اضطهاد، بل بالعكس، كانت تجهر بآرائها وتتحدث بحرية، وكان الوالد يفرح كلما مسكت كتابا، ثم أصبح يجلب لها مع الكتب الجرائد، إلى أن شجعها على نشر روايتها وسعد بها إلى درجة أنه يفخر بها ويعرضها لزبائنه وأصدقائه. وعن الجوائز، تحصلت حنان على جائزة القصة القصيرة للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي سنة 2011 ب"المقام"و وهي قصة ترصد أيضا اليوميات العاصمية والحكايا المثيرة والجميلة. بالنسبة للمشاركات، أشارت حنان إلى مشاركتها في فيفري 2020، أي قبل الحجر المنزلي، في ورشة كتابة نسوية أقيمت في الإمارات، تمكنت فيها من التعرف والاحتكاك على كاتبات عربيات، وتم فيها التبادل في التجارب، وقالت إنها اكتشفت أمورا مهمة في عالم الكتابة، كما دعيت أيضا لمهرجان الفنون والآداب "ميزوبوتاميا" في هولندا، في أكتوبر الماضي، لكن ظروف الوباء حالت دون ذلك، شاركت في لجنة تحكيم مهرجان لاهاي السينمائي "مينا" مؤخرا، علما أنها مهتمة بالشأن السينمائي، وغطت عدة مهرجانات خلال عملها كصحفية. بالنسبة لمشاريع حنان بوخلالة القادمة، فهي تنتظر صدور روايتها الجديدة "أولاد المنصور"، تتحدث فيها عن عائلة جزائرية كبيرة، لها تفرعات عبر الوطن وترصد أحداث أجيال متعاقبة منذ فترة الاستعمار، إلى غاية اليوم، وتمثل تأريخا لمراحل عاشتها الجزائر، مشيرة إلى أنها ستصدر بالقاهرة.في الأخير، تمنت بوخلالة أن يتواصل فعل الكتابة عندها أكثر وبكل الطرق الممكنة، فالكتابة كما توضح تبقى شغفها، كما تتمنى أن تلقى روايتها الجديدة نفس صدى رواية "سوسطارة".