ولعه بعالم السينما جعله يتخلى عن دراسة الحقوق، حيث التحق بالإخراج وتخرج مع ثاني دفعة من مركز التكوين بالإذاعة، التحق بالتلفزيون سنة 1973، حيث قام بإخراج عدة أعمال على غرار الأشرطة الوثائقية، الحصص التلفزيونية "بين الثانويات"، "نادي الاطفال"، أول فيلم سينمائي من إخراجه حمل عنوان "الجائزة الكبرى" الحائز على جائزة (تارقا أنيكا) بإيطاليا ليأتي بعده فيلم "عايلة كي الناس" الذي يعد من أنجح الأفلام جماهيريا، وانتهى مؤخرا المخرج الموهوب عمر تريباش من عمل تلفزيوني وهو مسلسل يحمل عنوان "جروح الحياة" وهو الذي تحدثنا عنه، كما أخبرنا عن جديده والمتمثل في مسلسل يحمل عنوان "دموع الرجال". - المساء: جروح الحياة هو المسلسل الذي نأمل مشاهدته في رمضان القادم، فهل من تفاصيل حول كيفية إنجاز هذا المسلسل؟ وحول القصة عموما؟ * المخرج عمار تريباش: مكان التصوير القصبة، والقصة إجمالا تدور حول بيت من بيوت هذا الحي العتيق العامر بالسكان، ويحدث أن يحاول أحد الأثرياء الذي جسد دوره (محمد عجايمي) شراءه بشتى الطرق ليحوّله إلى فندق، لكن في كل مرة تبوء المحاولة بالفشل، إلى أن يأتي في النهاية ابن مالكة البيت الأصلية من فرنسا، فينبهر بالمكان، وتحلو له الإقامة في الجزائر، فيستقر في ذلك البيت الذي يقرر الاحتفاظ به، وبعد مد وجزر وصراع طويل ينتهي المسلسل بنهاية سعيدة تتوج بثلاث زيجات، وطبعا التفاصيل الدقيقة ستكتشف عند المشاهدة، المسلسل من بطولة القدير: محمد عجايمي، فريدة صابونجي، بهية راشدي، نضال، مليكة بلباي، سميرة صحراوي، ومراد أوجيت، ونخبة كبيرة من الممثلين. - كم عدد حلقات المسلسل؟ * (22 حلقة) كل حلقة في 35 دقيقة. - ليست المرة الأولى التي تتعامل فيها مع الممثل القدير "محمد عجايمي" إذ سبق وأن تواجد في البذرة (ج1) والليالي البيضاء، وهما مسلسلان من إخراجك، فما سر ارتباطك بهذا الممثل تحديدا!؟ * بالفعل سبق وأن تعاملت مع محمد عجايمي في البذرة والليالي البيضاء، وبحكم احتكاكي المهني والفني به، اكتشفت فيه قوة إحساس نادرة الوجود، وهذا عند أدائه لدوره، فهو يتفاعل بطريقة مذهلة مع أدواره، تدل على شدة احترافيته وتمكنه، وجديته، فمحمد عجايمي فنان من الطراز الأول، لا يقبل الرداءة أبدا، وأنا شخصيا أقدره كثيرا، وأعتز بوجوده ضمن طاقمي، فهو بالفعل ودون مجاملة مفخرة ومكسب للفن الجزائري، ويعد من العمالقة الكبار. - كمخرج محترف، ماهو دور كل من اختار الوقوف وراء الكاميرا؟ * المخرج هو العنصر الأساسي في أي إنتاج وإن كان العمل جماعيا، إلا أنه وبإشارة منه تبدأ ولادة عمل فني ينسجه خيال مبدع يدرك خبايا الكاميرا وتقنياتها، ويقرأ ما وراء الصورة، وعلى المخرج أيضا تقع مسؤولية انتقاء العناصر المجسدة للعمل، وفقا لكفاءتها وقدرتها على القيام بالأدوار المسندة إليها، وقبلها تقع عليه أيضا مسؤولية اختيار نوعية العمل، اجتماعيا كان أم دراميا أم فكاهيا، وطبعا هذا ما يحمله قطعا مسؤولية أخرى اتجاه المشاهد الكريم الذي قد يتقبل العمل أو قد يزدريه، لذا فالدقة في الاختيار مطلوبة، بل ضرورية. - من خلال أعمالك السينمائية والتلفزيونية، نلاحظ أن ميولاتك الفنية أكثرها اجتماعية كوميدية، فهل هذا هو النهج الذي رسمته لمسار عملك الفني؟ * أنا بالفعل أميل كثيرا للقصص الاجتماعية التي تواكب ما يحدث في المجتمع وتطرح قضايا شائكة تتخبط فيها معظم الأسر الجزائرية بطريقة (تراجيدية - كوميدية) مسايرة للمثل القائل "شر البلية ما يضحك" وهذا هو المطلوب، تهوين المشاكل مهما عظمت بالسخرية منها والضحك، وإلا ضاقت علينا الحياة، فالمشاهد بحاجة إلى فسحة من المتعة والضحك، وبحاجة أيضا لتنبيهه وتوعيته وإطلاعه بما يحيط به من مشاكل وآفات تستوجب حلولا ناجعة!. - كمخرج، صراحة، هل تأخذ بالنقد؟ * كل ما ينتج عرضة للنقد الذي يعتبر مؤشرا هاما يوحي بنسبة المشاهدة، وإن كنا صراحة نفتقر لنقد بناء، لكن مهما تكن ردود الأفعال، إيجابية كانت أم سلبية، فنحن نضع الكل في الحسبان، لإرضاء المشاهد الكريم الذي يحسب له ألف حساب، ونسعى دائما لإسعاده. - وماذا بعد "جروح الحياة"؟ * بعد جروح الحياة، تأتي دموع الرجال، وهو المشروع المقبل الذي كتبه السيناريست (أحمد رزا?)، المنفرد بأفكار خارجة عن المألوف، والإنتاج ذو طابع سينمائي، وبما أن فصول القصة لم تكتمل بعد، فلا يمكنني التحدث عنها حاليا، لكن سأطلعكم على فحواها لاحقا، عندما ينتهي المؤلف من كتابتها، كما أن هناك مشروعا سينمائيا آخر (قصة الارض والدم)، السيناريو مكتوب منذ (15 سنة) وكل ما نأمل هو أن يجسد قريبا. - باعتبارك مخرجا تيلفزيونيا، وسينمائيا، ألا تعتقد أن السينما فقدت الكثير من حيويتها ونشاطها في السنوات الأخيرة، خاصة في ضوء التطور التكنولوجي الحاصل؟ * أكيد أنه ومع تطور الوسائل التقنية، وانتشار الهوائيات، والقنوات الفضائية، وتواجد الفيديو وDVD وDVX وغيرها من الوسائل الحديثة، قل الإقبال على دور السينما، وبالرغم من كل ما أحدثته التكنولوجيا إلا أنه يبقى للسينما بريق خاص، ونكهة مميزة لا تستطعم إلا داخل كواليسها، فالبرغم من التطور التكنولوجي الرهيب الذي بلغته الدول الاوربية، إلا أن قاعات السينما هناك دائما ممتلئة ؟! لأن الغرب يدرك جيدا أهمية هذه القاعات، ودورها في بعث الحركة السينمائية، وفي تفعيل ورقي الساحة الفنية والثقافية، ودورها أيضا في تثمين الحس الفني، والجمالي لدى الإنسان الغربي. - ماهي أغلى أمنية تأمل أن تتحقق؟ * أتمنى أن تزول كل العراقيل المعنوية والمادية الموجودة في طريق المبدع، لينطلق، ويعطي أكثر وأكثر! فالمبدع كالعملة النادرة لا بد أن يقدر والجزائري مبدع خاصة إذا وجد المناخ المناسب الذي يساعده على تفجير طاقة إبداعه، فالعراقيل والصعوبات هي من يقف في وجه الإبداع، لذا يجب أن تزول، وإلا فلا إبداع ولا عطاء ولا حياة.. فما جدوى الحياة إذا انعدم الإبداع.