توجت الوساطة الجزائرية بين الحكومة المالية والمتمردين بالافراج عن 10 جنود من أصل 34 جنديا كانوا محتجزين لدى زعيم المتمردين إبراهيم اغ باهانغا منذ شهر أوت الماضي·ولقيت هذه الخطوة ارتياحا لدى الطرفين المتنازعين كونها تساهم في تعزيز الاستقرار في مالي وفي استعادة أجواء الثقة بينهما وتحافظ على المكتسبات التي تحققت بموجب اتفاق الجزائر الموقع بين الحكومة المالية والتحالف الديمقراطي ل23 ماي 2006 من أجل التغيير في 4 جويلية الماضي· وكانت الحركة المتمردة في شمال مالي قامت مساء الأحد الماضي بإطلاق سراح 10 جنود ماليين محتجزين لديها في حفل اقيم بمنطقة تين زاوتين الحدودية بين الجزائر ومالي، وسلمت هؤلاء الأسرى للطرف الجزائري الذي مثله السيد كريد محفوظ وقام بدوره بتسليمهم الى ممثل الحكومة المالية العقيد ايلوا توغو· وأعرب الوسيط الجزائري في تصريح إعلامي مباشرة بعد اتمام العملية عن "ارتياحه الكبير لتتويج مسار الحوار بهذه النهاية السعيدة" وعبر عن أمله في أن يتم إطلاق سراح المحتجزين الآخرين من قبل حركة شمال مالي من أجل التغيير وذلك "في أقرب الآجال" · وفي بيان لها صدر أول أمس الاثنين أشادت الحكومة المالية ب"التدخل الشخصي" للرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل تحرير هؤلاء العسكريين· وذكر بيان لها "أنها تحيي بشدة وتقدير التدخل الشخصي للرئيس بوتفليقة في عملية التحرير هذه، واصفة إياها بالخطوة الفاصلة" ·وجددت الحكومة المالية للجزائر "سلطة وشعبا التزام مالي بتعزيز علاقات الأخوة وحسن الجوار التي تربط البلدين" ·ومن جهتها، أعربت الجزائر وعلى لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية "عن بالغ ارتياحها لهذه النتيجة السعيدة التي تندرج في إطار مسار استقرار وتأمين منطقة شمال مالي" · وقال نفس المصدر ان الجزائر "تبتهج لهذه النتيجة الإيجابية التي تعزز سياسة الحوار والسلم التي يجسدها رئيس جمهورية مالي السيد آمادو توماني توري"، وأضاف ان هذه النتيجة "تعكس روح المسؤولية والالتزام اللذين تتحلى بهما الأطراف الأخرى في سبيل استتباب الطمأنينة والوئام في شمال مالي" · وجدد في هذا السياق التزام الجزائر بمواصلة جهودها "ومرافقة الإخوة الماليين لاستكمال مسار التسوية وفقا لروح ونص اتفاق الجزائر الموقع في 4 جويلية 2006 باعتباره إطارا مرجعيا لتسوية الوضع السائد في هذه المنطقة بمالي" · وأكد كذلك رغبة الجزائر في العمل أكثر على "تعزيز علاقات الأخوة والصداقة التي تربط بين الجزائر ومالي والتي شكلت زيارة الدولة الأخيرة التي قام بها الرئيس آمادو توماني توري في شهر نوفمبر الماضي للجزائر بدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرحلة هامة في تكثيف وتعزيز العلاقات العريقة بين البلدين" ·وبدوره وجه زعيم المتمردين السيد إبراهيم أغ باهانغا "تشكراته الخالصة للجزائر البلد المسهل على الدور الذي قامت به من أجل تسوية هذه القضية" · وللإشارة فإن عملية الافراج عن الرهائن تأتي تنفيذا لإتفاق السلام والأمن لمنطقة كيدال (شمال المالي) الموقع بالجزائر العاصمة بين الحكومة المالية والتحالف الديمقراطي ل23 ماي 2006 من أجل التغيير· وينص اتفاق الجزائر على أن تسحب الحكومة المالية قواتها العسكرية المنتشرة بكثافة في شمال مالي، مقابل إلقاء المتمردين للسلاح وانخراطهم في الجيش النظامي المالي·ويضاف إلى هذا تنفيذ مشاريع تنمية لصالح سكان منطقة كيدال وإنشاء صندوق لدعم البرامج التنموية· وكادت أن تتوتر العلاقات بين الجانبين الصيف الماضي بعد تجدد المواجهات بين الطرفين حيث هاجم المتمردون ثكنة عسكرية للجيش المالي وقاموا بأسر عشرات الجنود، وهددت بتصعيد العمل المسلح واتهمت الحكومة المالية بخرق اتفاق السلام·وسارعت الجزائر عبر تنظيم وساطة بينهما إلى احتواء الأزمة وطالبت الطرفين الالتزام باتفاق السلام، وتغليب الحلول السلمية، ونجحت هذه الوساطة بإقناع الحركة المتمردة بإطلاق سراح دفعة أولى من المحتجزين· وتنصب الخطوة الجزائرية لمنع عودة التوتر الى المنطقة في سياق جهودها الدبلوماسية لاحلال السلام في العالم وفي مختلف مناطق النزاع وبخاصة لدى الدول الصديقة· وفيما يخص الوضع في شمال مالي فقد مكنت رعايتها لاتفاق السلام في منطقة كيدال ومتابعة تطبيق كل بنوده بشكل جدي من تطبيع الوضع وتعزيز السلم والتنمية والوحدة الوطنية بهذه الجمهورية باعتراف الأطراف المتنازعة نفسها·وسجل التقرير الخاص بتقويم الجانب التطبيقي لاتفاق الجزائر المعد من قبل لجنة المتابعة ارتياح الطرفين المعنيين بالاتفاق للتطورات المحققة بعد مرور سنة من بداية تنفيذه· وقد تجلى الارتياح الكبير لطرفي النزاع بمنطقة كيدال في اجتماع تقييمي نظم أوت الماضي بالجزائر، حيث أبدى كل من ممثل الحكومة المالية السيد كافوغونا كوني وزير الإدارة الإقليمية والجماعات المحلية، والناطق الرسمي للتحالف الديمقراطي ل 23 ماي 2006 من أجل التغيير السيد احمد اغبيبي، ارتياحهما لجو التعاون والثقة الذي يسود في الميدان، مجددين التزامهما بمواصلة تنفيذ الأحكام المتبقية من الاتفاق في كنف التشاور والتعاون المستمر· وتبرز الوساطة الجزائرية لإحلال السلام بالمنطقة تغليبها لمنطق الحوار والتفاوض على حساب القوة والعنف، وتعكس أيضا استعدادها الدائم للعب هذا الدور، خاصة وأن خطوتها هذه جاءت استجابة لطلب تقدمت به الحكومة المالية، ومن هذا المنطلق فإن الحرص على اتمام هذا الاتفاق وتجسيده على أرض الواقع بكل إبعاده يجعل طرفي النزاع يؤمنون بنفس المبادئ التي رفعتها الجزائر لما بادرت إلى عقد وساطة توجت بالتوقيع على نص الاتفاق في جويلية 2006 ·