يدشن النواب الجدد عملهم التشريعي والرقابي اليوم، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية العادية التي يراهن الجميع خلالها على تحسين صورة البرلمان عبر كسب ثقة المواطن، وهي الدورة التي ستكون ثرية بالمشاريع الحاملة لروح التجديد وفي مقدمتها مخطط عمل الحكومة، ومشروع قانون المالية 2022، فضلا عن حزمة من المشاريع التي تجسد برنامج رئيس الجمهورية في كل المجالات، فيما ينتظر من مجلس الأمة، دعما أكبر في مجال ترقية الدبلوماسية البرلمانية الداعمة لمواقف الدولة، لاسيما في ظل التكالب الذي تتعرض له الجزائر من قبل بعض الدول. فبعد جلسة تنصيب النواب وهياكل المجلس الشعبي الوطني شهر جويلية المنصرم، يعود اليوم 402 نائب الى قبة زيغود يوسف، وكلهم أمل في أن يوفقوا في مهمة تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه باعتباره مصدر كل سلطة، وفق ما ينص عليه الدستور، مع رهان تغيير الصورة السلبية التي اقترنت بالهيئة، بعد أن ثبت تورط نواب وسيناتورات سابقين في قضايا فساد. كما يأمل النواب الجدد لعب دورهم الرقابي على الجهاز التنفيذي، من خلال مساءلة الحكومة حول تطبيق السياسات العمومية ومدى التزامها في تلبية احتياجات الساكنة. أما على المستوى التشريعي، فينتظر النواب الجدد عمل كبير، بالنظر الى حزمة المشاريع المتنوعة التي فرضها التوجه نحو بناء "الجزائر الجديدة"، التي تبنت رؤية ومقاربة مغايرة، ترسخ للقطيعة مع ممارسات الماضي، وتؤسس للتجديد في اطار دولة الحق والقانون والحكم الراشد، مع التنوع الاقتصادي المبني على خلق الثروة والابتكار خارج التبعية لقطاع المحروقات مع تشجيع العلم والبحث. ويتصدر مخطط عمل الحكومة، قائمة المشاريع المطروحة أمام الدورة الحالية، باعتباره الاطار المجسد لبرنامج رئيس الجمهورية، في شقه السياسي، الاقتصادي القانوني والأمني والخارجي، متبوعا بمشروع قانون المالية لسنة 2022 الذي يهندس للتعاملات التقنية المالية للجزائر للسنة المقبلة. بالإضافة الى ذلك يأتي مشروع قانون الانتخابات المنقح مؤخرا، ضمن حزمة المشاريع المنتظر مناقشتها خلال الدورة استعدادا للمحليات القادمة المزمع تنظيمها يوم 27 نوفمبر القادم، وهو نص يتبعه مشروع قانون الجماعات المحلية الذي راجع المسؤوليات على المستوى المحلي، مع إدراج تدابير لعصرنة الإدارة بشكل يخدم الجماعات المحلية أكثر مما هو عليه الآن. كما يبرز كل من قانوني العقوبات والاجراءات الجزائية أيضا، ضمن قائمة المشاريع المنتظر عرضها خلال الدورة الاولى للمجلس الجديد بما يتكيف وتطور الجرائم وتعقيداتها، لاسيما في مجال الهجمات السبريانية المستهدفة لأمن الدولة والمؤسسات وحياة الأفراد، حيث ينتظر استحداث قطب جزائي خاص بهذه الجرائم الإلكترونية. وراعت الحكومة، الجهود التي قام بها الجيش الأبيض خلال جائحة والتضحيات الجسام التي قدموها خلال الأزمة الوبائية، إذ ينتظر أن ينزل مشروع القانون الأساسي لموظفي قطاع الصحة، فيما ينتظر أن يتعزز المشهد الإعلامي بتدابير تنظيمية تنهي حالة الفوضى التي لا زالت لصيقة به، وذلك من خلال تبنّي مشروع قانوني الإعلام والسمعي البصري اللذين عرضهما الوزير عمار بلحيمر، على اجتماع مجلس الوزراء الأخير. ويتزامن افتتاح الدورة البرلمانية مع سياق استثنائي تعيشه الجزائر على المستوى الإقليمي، بسبب تكالب بعض الأطراف الخارجية على غرار نظام المخزن ومحاولاته المتكررة لزعزعة استقرار الجزائر بالاستعانة بجهات أجهرت بخيانتها لوطنها، إذ ينتظر ان تلعب الدبلوماسية البرلمانية دور المرافق والداعم للسياسة الخارجية للدولة الجزائرية في هذا المجال، ويتأتى ذلك من خلال الدور المناط بلجان الصداقة البرلمانية مع الدول الصديقة والشقيقة لدعم المواقف الجزائرية على مستوى المؤسسات البرلمانية في الخارج، كالبرلمان الافريقي والعربي، بما يخدم الأمن والاستقرار الدوليين وفي منطقة المغاربية والقارة الإفريقية خاصة. كما تقتضي الاحداث التي عاشتها الجزائر داخليا، بداية من الجائحة وأثارها الوخيمة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي وكذا الكوارث المتصلة بالجفاف والحرائق، مرافقة النواب الجدد لولاياتهم ولعب دور الوسيط بين مؤسسات الدولة والشعب، لحلحلة المشاكل، وهذا عبر لجان الاستطلاع البرلمانية او من خلال التنسيق المباشر مع السلطات المحلية و المجتمع المدني. ويبرز الاستثناء في الدورة الحالية في الوضع المريح الذي ستجد حكومة ايمن بن عبد رحمان، نفسها فيه وهي المدعومة بقوة تحالف برلماني داعم لبرنامج رئيس الجمهورية، ممثلة في كتل الأفلان والاحرار والارندي وجبهة المستقبل، وحركة البناء الوطني، مقابل تواجد حركة مجتمع السلم في خانة المعارضة البرلمانية.