حذر القانوني الاممي هانس كوريل من أن مواصلة الدول الدائمة العضوية في تصرفاتها الأحادية والانفرادية دون ايلاء أي اعتبار لقانون الأممالمتحدة وميثاقها سيؤدي في النهاية إلى انهيار هذه الهيئة الدولية التي لا غنى للعالم عنها في الوقت الحالي. وهو التحذير الذي أكد عليه كوريل في محاضرة ألقاها أمام طلبة معهد الدبلوماسية والعلاقات الدولية بإقامة الميثاق وحضرها إطارات من وزارة الخارجية ولكنه شدد في المقابل على ضرورة إدخال إصلاحات على آليات تسيير الهيئة الاممية وتكييف قوانينها مع التطورات الحاصلة. ولكن القانوني السويدي والموظف الأسبق في الاممالمتحدة تساءل في سياق مقاربته هذه عن ماذا نصلح الأممالمتحدة أم أعضاءها؟ في إشارة إلى الدول الدائمة العضوية دون أن يذكرها بالاسم وقال أن هذه الدول يجب أن تحترم القوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة وان يكونوا قدوة للدول الاخرى. وأشار وفق هذه النظرة إلى انه يتعين على الدول الخمس في مجلس الامن أن تبدأ من الآن في التفكير في تحديد المصلحة العاجلة لكل دول العالم من خلال الجلوس إلى طاولة نقاش للإجابة على سؤال جوهري وهو ماذا يجب فعله الآن لإنقاذ العالم من الحروب والأزمات وفق القانون الدولي وبعيدا عن آية انفرادية وأن يصدروا في ختامها مذكرة يلتزمون من خلالها باحترام ميثاق الأممالمتحدة وان تتم تسوية كل الخلافات والنزاعات بشكل جماعي وفق حلول متعددة الأطراف والاتفاق على عدم اللجوء إلى استعمال حق الفيتو الا اذا شعرت هذه الدول ان هناك فعلا تهديدا حقيقيا للسلم العالمي وليس وفق لوائح مبهمة وغامضة الأهداف. وأشار في هذا الشأن الى التدخل العسكري الأمريكي في العراق سنة 2003 والتدخل الروسي في جورجيا صيف العام الماضي. واكد الدبلوماسي الاممي السابق ان تحقيق هذا الهدف يجب ان يستند على مبدأ دولة القانون والديمقراطية من منطلق أن غياب هذا العنصر كان القاسم المشترك بين كل النزاعات وبؤر التوتر التي يشهدها العالم في الوقت الراهن. وقال هانس كوريل أن إصلاح المنظومة الأممية يجب أن يتم باسم جميع الدول وبتعهد من أعضاء مجلس الأمن من أجل إقامة دولة قانون تحترم فيها حقوق الإنسان بهدف تحقيق سلام دائم. وشدد التأكيد على انه ليس من مصلحة أية دولة في الوقت الراهن اندثار الأممالمتحدة وهي مهمة يتعين على الجميع القيام بها لان بقاءها يخدم مصلحة كل العالم. ولكن دعوته إلى هذا الإصلاح لم تمنعه من توجيه انتقادات لمجلس الأمن واللوائح التي أصدرها وقال انه يتفهم في هذا السياق تذمر الشعوب العربية من الموقف الذي التزمه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وهو ما مس مصداقيته ونزاهته. وقد طالب لأجل ذلك بضرورة إصلاح كل الهيئات التابعة للأمم المتحدة وأعطى مثالا على ذلك بصندوق النقد الدولي الذي يتعين على الدول الدائمة العضوية أن تدخل إصلاحات جذرية على نظامه المصرفي من خلال إصلاح قواعد التصويت ورفض حق الفيتو الذي تتمتع به الولاياتالمتحدة والعمل بدلا من ذلك على تمكين الدول الأخرى من التصويت وإشراكها في اتخاذ القرارات لإصلاح تبعات الأزمة الحالية وتفادي تكرارها مستقبلا. تماما كما هو الشأن بالنسبة لحقوق الإنسان التي يتعين تجسيد مواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعمل على احترام كل القوانين وبكيفية لا تنتهك فيها حقوق الإنسان لتفادي نشوب نزاعات دولية مسلحة.