بالرغم من الترسانة القانونية المعدلة ووسائل الردع إلا أن "إرهاب الطرقات" لا يزال يخلف آلاف الضحايا سنوياً ويصيب أضعاف ذلك بجروح متفاوتة الخطورة، ويُقعِد المئات من الأشخاص عن الحركة جراء الإعاقات المستديمة، ولذلك فإن كل الجهات ذات الصلة بالظاهرة تدق ناقوس الخطر، مرجعة ذلك إلى العامل البشري، الذي يفترض أن تنصب كل الاهتمامات حوله لتفكيك ألغاز التجاوزات التي لا ترحم· وأوضح نائب المكلف بالإعلام لدى القيادة العامة للدرك الوطني الرائد عبد الحميد كرود أن حوادث الطرقات تسببت في الفترة الممتدة ما بين جانفي ونوفمبر 2007 في وفاة 3118 شخصا وإصابة 222 38 آخرين بجروح اثر وقوع 274 22 حادث مرور على مستوى القطر الوطني، مشير الى أن عدد الوفيات عرفت انخفاضا طفيفا خلال نفس الفترة الأخيرة مقارنة مع سنة 2006، حيث سجل خلالها 3129 وفاة و38162 جريحاً اثر وقوع 22379 حادث مرور على المستوى الوطني، مؤكداً أن أسباب انخفاض حوادث الطرقات خلال ال11 الأشهر الماضية راجع إلى سوء الأحوال الجوية التي عمت مؤخرا مختلف ولايات الوطن والتي أدت إلى تسجيل نقص في تنقلات الأشخاص نتيجة غلق بعض الطرقات ومذكراً بكل الإجراءات التي اتخذت من طرف الدرك الوطني من خلال تكثيف الرقابة ووضع الحواجز الأمنية بغية التقليص من هذه الحوادث، كما اعتبر الرائد كرود العنصر البشري المتسبب الرئيسي في وقوع هذه الحوادث مرجعاً ذلك إلى السرعة المفرطة التي سجل بها 5003 حالة كما أشار إلى التجاوزات الخطيرة بتسجيل ما يقارب 2660 حالة إضافة إلى المشاكل الأخرى الناجمة عن لامبالاة المارة بإحصاء 2514 حالة وعدم احترام مسافة الأمن بتسجيل 1449 حالة، في حين أرجع أسباب وقوع بعض حوادث المرور إلى تدهور حالات الطرقات ونقص الإضاءة العمومية وغياب في بعض الأحيان إشارات المرور· من جهته يرى المدير العام للمركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرقات، العميد الأول الهاشمي، أن ضمان أمن الطرقات يرتكز أساسا على العنصر البشري الذي يبقى "السبب الرئيسي" في حدوثها وموضحاً أن هذه الحوادث أصبحت تحصد أرواح ما يقارب معدل 11 شخصا في اليوم، مؤكداً في نفس الوقت بأن كل التحقيقات التي أجريت أثبتت مسؤولية السائق في وقوع الحوادث في حدود 90 بالمائة ويستدعي للتخفيف من حدة هذه الظاهرة مضيفاً وضع إستراتيجية شاملة للوقاية منها، مذكرا بكل الإجراءات الأخرى التي اتخذت من طرف المركز للوقاية من حوادث المرور· وقد تم اللجوء لهذا الغرض حسب المسؤول ذاته إلى "مخبر الأرقومينية" للقيام بدراسة ميدانية عبر التراب الوطني لمعاينة منظومة التكوين والتدريب للسائقين من خلال مدارس السياقة والتي كشفت وجود "نقائص معتبرة في منظومة التكوين" داعياً إلى تعزيز مدارس تعليم السياقة بالوسائل التكنولوجية الحديثة ومؤكدا أن ظاهرة "الرخص المضمونة" تساهم بشكل كبير على تفاقم حوادث المرور، كما أشار إلى وجوب "استعمال وسائل حديثة في إجراء امتحانات قانون المرور وإلى الالتزام بصرامة أكثر في اختبار السياقة" بالإضافة إلى مراجعة شروط فتح مدارس تعليم السياقة "حتى لا يستفيد من ذلك إلا من كان مؤهلا للقيام بهذا العمل فعلا" حاثاً على دراسة ملف المترشحين وفحص الشهادات الطبية المقدمة "للتأكد من أن المترشح يستوفي كل الشروط الصحية للسياقة بسلام وانه مؤهل بدنيا وعقليا ونفسيا لذلك"· أما مدير المشاريع بالدرك الوطني العقيد اسماعيل حلاب الذي أبرز "خطورة وضع الطرقات" فقد أكد من ناحيته أن الإمكانيات الحالية للوقاية من اللاأمن عبر الطرقات تبقى "غير كافية إذا لم تدعم بقوانين تعاقب المتسببين في حوادث المرور في حالة ثبوت مسؤوليتهم"· وأشار في نفس السياق إلى أن مصالح الدرك الوطني قد تدعمت مؤخرا ببرمجية لإعادة تمثيل حادث المرور لتحديد المسؤوليات والأسباب الحقيقية للحادث، مضيفاً انه تم إيداع طلب لدى العدالة من أجل "التصديق على هذه الأداة المعلوماتية " التي ترمي إلى "تقديم الدليل العلمي لإثبات مسؤولية السائقين الذين تسببوا في قتل أو جرح الآخرين وقال العقيد حلاب أنه "سيتم استعمال هذه البرمجية التي تندرج في إطار إنشاء مصلحة لفحص السيارات على مستوى المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام التابع للدرك الوطني في بداية الأمر لإعادة تمثيل حوادث المرور المسجلة بولاية الجزائر قبل تعميمها على المستوى الوطني مؤكداً أن أنظمة مماثلة قد أثبتت فعاليتها في الوقاية ضد اللاأمن عبر الطرقات في كندا وبريطانيا·