قدم وزير العدل، حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، مساء أمس، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني عرضا حول مشروع القانون المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة والذي يهدف الى التصدي لهذه الآفة. وذكر الوزير، خلال جلسة العرض أن هذا المشروع يهدف إلى "التصدي لهذه الآفة الخطيرة والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين"، باعتبار ذلك "واجبا من واجبات الدولة ودورها المكرّس في أحكام الدستور، لاسيما المادة 62 منه التي تكفل الحقوق الاقتصادية وتوجب على السلطات العمومية ضمان الأمن الغذائي والصحة والسلامة للمستهلكين". وأكد السيد طبي، أن هذا المشروع يشكل "إطارا قانونيا لمعاقبة كل من تسوّل له نفسه التلاعب والمتاجرة بأرزاق المواطنين"، من خلال "التصدي لظاهرة تخزين السلع لاسيما الأساسية منها بغرض الإخلال بالسوق ورفع الأسعار"، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة "استفحلت مؤخرا ولم تراع أدنى الظروف الصحية التي تعيشها بلادنا". وتجلى ذلك حسبه في "تسجيل عدة مرات ندرة مصطنعة ورفع غير مبرر للأسعار"، بما في ذلك "المواد التي تشكل ضرورة استراتيجية وذات ارتباط مباشر بالمعيشة اليومية للمواطن"، وكذا بالصحة العمومية على غرار استغلال بعض المضاربين فرصة نقص الأوكسجين خلال جائحة كورونا. وأبرز الوزير، أن المضاربة غير المشروعة تعرّفها أحكام هذا المشروع بأنها "كل تخزين أو إخفاء للسلع والبضائع بهدف إحداث ندرة في السوق أو إضطراب في التموين"، وهي أيضا "كل رفع أو خفض مصطنع في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المالية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو باستعمال الوسائل الإلكترونية أو أي طرق ووسائل احتيالية أخرى". كما يحدد المشروع المضاربة غير المشروعة ب"ترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عمدا بغرض إحداث إضطراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة مباغتة وغير مبررة"، إلى جانب "القيام بصفة فردية أو جماعية أو بناء على اتفاقيات بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب". وأوضح الوزير، أن مشروع هذا القانون يحدد أليات مكافحة المضاربة غير المشروعة بهدف "ضمان التوازن في السوق والحفاظ على استقرار الأسعار. كما أنه "لم يغفل دور الجماعات المحلية في مكافحة هذه الآفة والحد منها، وكذا إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام في التحسيس من أجل ترقية الثقافة الاستهلاكية". ويمكّن هذا المشروع حسب السيد طبي النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية بصفة تلقائية بشأن هذه الجرائم. كما يسمح للجمعيات الناشطة في مجال حماية المستهلك أو أي شخص متضرر بإيداع شكوى أمام الجهات القضائية، والتأسيس كطرف مدني في القضايا ذات الصلة بهذه الجرائم. وبغرض منح الوقت الكافي للضبطية القضائية أثناء التحقيق الابتدائي لجمع الأدلة، ينص على جواز تمديد مدة التوقيف للنظر بإذن كتابي مسبق من وكيل الجمهورية المختص مرتين والسماح بإجراء تفتيش بإذن كتابي في أي ساعة. وفيما يخص الأحكام الجزائية لهذا المشروع أفاد الوزير، أنه يقرر عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية وفقا لسلم تدرجي تصاعدي منطقي للعقوبات، حيث يشدد العقوبة إذا كانت الجريمة تنصب على مواد أساسية كالحبوب ومشتقاتها، الحليب، الزيت والسكر والبقول بالحبس لمدة تصل إلى 20 سنة وغرامة ب10 ملايين دينار وترفع العقوبة إلى 30 سنة سجنا وغرامة ب20 مليون دينار في حال ارتكاب هذه الجريمة في الحالات الاستثنائية أو خلال أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة. وتكون العقوبة حسب الوزير السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة من طرف جماعة إجرامية منظمة. كما ينص المشروع على مصادرة محل الجريمة ووسائلها والأموال المتحصلة منها مع الحكم بشطب السجل التجاري والمنع من ممارسة النشاطات التجارية وغلق محل الجريمة والمنع من استغلاله لمدة أقصاها سنة واحدة. كما يكرس المشروع مبدأ تجريم الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا المشروع وكذا النص على عقوبة المحرض والشريك بنفس عقوبة الفاعل الأصلي مع إلغاء المواد 172، 173 و174 من قانون العقوبات تفاديا لازدواج التجريم.